على الرغم من أن ثورة 25 يناير قامت من أجل تصحيح الأوضاع، والإطاحة بالنظام الفاسد، الذي حكم مصر لمدة 30 عاماً بقبضة من حديد، إلا أنها وبعد مرور أكثر من عام عليها لم تؤت كامل ثمارها، ومازال الفساد منتشراً في كل مؤسساتنا، حتى أن القضاء لم يسلم منه. كثيراً من الساسة ينتقدون الطريقة التي وصل بها المجلس العسكري إلى حكم البلاد، لأن السلطة انتقلت إليه بطريقة غير شرعية، لأن مبارك مخلوع بثورة، ولم يترك السلطة برغبته، وليس من حقه التنازل عنها، وتنقل صلاحياته دستورياً إلى رئيس المحكمة الدستورية، لحين إجراء انتخابات رئاسية، وذلك حسب نص القانون المعمول به في البلاد. على الرغم من عدم دستورية حكم المجلس العسكري لمصر، إلا أننا استبشرنا خيراً عند وصوله إليها، لأنها مرحلة انتقالية، ولن تستمر طويلاً سواء وافق على هذا أم أبى، لأن مصر بكل أطيافها ترفض حكم العسكر. رغم مرور أكثر من عام على نجاح الثورة، إلا أنه لم يحدث تغيير ملموس على أرض الواقع، وما زال المجلس العسكري يتدخل في شؤون المؤسسات الحكومية، مقتفياً في ذلك أثر رئيسه المخلوع، ولن تخمد ثورتنا إلا إذا حققت كل مطالبها، غير منقوصة. رغم أن جهاز الاستخبارات المصري، يشهد بنزاهته وكفاءته العالية القاصي والداني، العدو قبل الصديق، لأنه يعتبر الجهاز الوحيد الذي عجز الأعداء عن اختراقه، رغم محاولاتهم المتعددة، إلا أنها كلها باءت بالفشل، لأن القائمين عليه أناس وطنيون وموثوق بهم، ويعملون لصالح مصر، ولم تحركهم أجندات خارجية، إلا أن تدخل المخلوع في صميم عملهم جعلهم لا يؤدون واجبهم على أكمل وجه، وهذا ظاهر للعيان، وليس بخافٍ على أحد. فكم من مرة تم القبض على جواسيس يعملون لصالح دول أجنبية، ويتم الإفراج عنهم بأمر مباشر من المخلوع. كان مبارك يبحث عن مصالحه الشخصية، ولا يعطي لأمن مصر أهمية، لأنه يعتبر أن أمريكا وإسرائيل هما سببا وصوله إلى الحكم، ورضاهما عنه سوف يمنحه البقاء فيه، وإمكانية توريثه لنجله، ويتجلى ذلك في غلق معبر رفح وتفجير الأنفاق بالديناميت، التي هي الشريان الوحيد لمد أبناء غزة باحتياجاتهم من الطعام والشراب والملبس والدواء، مساعدة للكيان الصهيوني الغاصب، مما ساعد على موت أبناء جلدتنا جوعاً ومرضاً، في الوقت الذي كانت تفتح فيه المعابر والمطارات لدخول الصهاينة في أي وقت شاءوا دون مساءلة، في حين يمنع المصريون من دخول شرم الشيخ إلا بتصريح من الأمن. ليس بخافٍ على أحد قصة وائل غنيم، الموجه أمريكياً، مؤسس صفحة «كلنا خالد سعيد» على الفيس بوك، التي كانت الشرارة الأولى لقيام الثورة المصرية، عندما تم القبض عليه واحتجازه داخل مديرية الأمن أحد عشر يوماً، وكان الأمن يتعامل معه خلالها بكل أدب واحترام، ولم يتجرأ أحد على إهانته أو التطاول عليه، خوفاً من إغضاب أمريكا، التي سمح لها المخلوع بالتدخل في شؤوننا عياناً بياناً. المجلس العسكري يحكمنا بنفس طريقة المخلوع، ويأبى إلا أن يسير على دربه، في استفزاز واضح وصريح لمشاعرنا، وليس ببعيد عنا، الإفراج عن الأمريكان المقبوض عليهم في قضية التمويل الخارجي، في الوقت الذي يقبع فيه قرناؤهم المصريون خلف الأسوار. إسكاتاً للرأي العام، يحاول حلفاء المجلس العسكري في البرلمان جاهدين أن يلقوا باللائمة على رئيس الوزراء، الذي ليس له ناقة ولا جمل في الموضوع برمته، وما هو إلا منفذ للأوامر، ولكن من الواضح أنهم، ومنذ وصولهم إلى البرلمان، يبحثون عن سبب مقنع لإزاحته عن منصبه، لتصبح الساحة خالية لهم تماماً، فكما استولوا على مقاعد البرلمان، وكل لجانه، يريدون أن يستولوا على رئاستي الوزراء والجمهورية. لا داعي أن نترك المسؤول الحقيقي، مع علمنا به، ونبحث عن كبش فداء، لنحمله المسؤولية، ظناً منا بأننا بذلك نحل المشكلة، وأن الشعب مازال في غفلة من أمره، ولا يعلم شيئاً عما يدور في أروقة السياسة، أو أنه يخاف عن الإفصاح عن اسمه خوفاً من البطش به، فالخوف في أبناء الشعب المصري قد مات، وما كان يحدث سابقاً من الصعب حدوثه الآن. محمد أحمد عزوز كاتب مصري