يعتبر حزب جبهة التحرير الوطني هو حزب السُّلطة الأول في الجزائر والذي يعتبر هو نفسه حزب الرئيس الحالي عبد العزيز بوتفليقة و الذي يعتبره كبار قيادات الحزب بمثابة رئيسه الشرفي، هؤلاء الذين يرى بقية المناضلين فيه بأنهم المستفيد الأول والأخير من رئاسته الشرفية تلك بالرغم من أن كل قوانين الحزب ونظمه الداخلية تؤكد على أن منصب الأمين العام للحزب هو أعلى سلطة منتخبة فيه من طرف أعضاء اللجنة المركزية، وليس هناك ما يسمى بمنصب الرئيس الشرفي للحزب والذي أصبحت سلطته أعلى من سلطة الأمين العام بل هو من يفرضه فرضاً ويعينه حتى بدون العودة إلى مؤسسات الحزب أو قواعده النضالية التي أصبحت في معظمها ناقمة على الوضع الكارثي للحزب في ظلًّ وجود قيادته الحالية التي يرونها ضعيفة ومنبطحة ولا تبلى طموحاتهم أو تسمع لانشغالاتهم أو مقترحاتهم. فبعد أربع عهدات كاملة لبوتفليقة لا يزال هو المتحكم في مصير الحزب والدولة، وهو من أمر بتعيين منسقه العام ورئيس هيئته القيادية بالنيابة معاذ بوشارب الذي يرى قطاع واسع من أبناء الحزب وفي السَّاحة السًّياسية الوطنية بأنه لا يمتلك الرؤية والكاريزما والخبرة السًّياسية، أو التاريخ النضالي العريق أو الثقافة الحزبية التي تؤهله لكي يكون مسئولاً عن إدارة حزب بحجم جبهة التحرير الوطني الذي فيه الكثير من الأجنحة المتصارعة ومن مراكز القوى والنفوذ التي لعبت ولا تزال الدور الأبرز والأهم في صياغة حاضر الحزب ومستقبله، والتي أصبح الكثير من قياداتها ناقمين على الوضع الحالي للحزب، وخاصة بعد أن تمَّ تأجيل تاريخ عقد المؤتمر الاستثنائي والذي كان الكثير منهم يرون فيه طوق النجاة المحتمل لإصلاح الأوضاع الداخلية للحزب، وإيجاد موطئ قدم لهم داخل هياكله الرئيسية وخاصة مكتبه السًّياسي. ولكن الرئيس بوتفليقة يكون قد قطع الطريق عليهم وخاصة أن الكثير منهم أصبحوا مقتنعين بأن حزبهم قد تم تحويله إلى مجرد لجان مساندة انتخابية من أجل تمرير مشروع العهدة الخامسة والتي ترفضها القواعد النضالية للعتيد وبقوة، وخاصة أولئك الذين قد تم تهميشهم وإقصائهم طويلاً، أو أولئك الذين باتت لديهم قناعات راسخة بأن رئيسهم الشرفي قد بات شخصاً مريضاًً وعاجزاً صحياً وفشل فشلا ذريعاً طوال مدة حكمه في إنقاذ البلاد من مستنقع الفقر والفساد والبطالة، وتم تدمير مؤسسات الحزب في عهده بطريقة مدروسة ومخطط لها مسبقاً، حتى أصبح أكبر حزب في الجزائر عاجزاً حتى عن تقديم بديل مقنع لخلافة بوتفليقة، و الذي قام بإقصاء وتحييد كل قيادات الحزب التاريخيين الكبار الذين انتقدوه أو خالفوا تعليماته وتوجيهاته، وأصبح الحزب كما يرى الكثير من المراقبين مجرد جهاز لتنفيذ رغباته وسياساته الخاطئة التي أفقدت الحزب خيرة كوادره مناضليه. عميرة أيسر-كاتب جزائري