رئيس الحكومة الجزائرية الحالي أحمد اويحيى يبدو أنه قد شعر بأنه سيدفع قريباً ثمن ما فعله من آثام وجرائم سياسية بحق الشعب الجزائري وهو الذي أصبح يخاف حتىَّ من ظله، ويقول جهراً ما يخفيه سراً، فالرجل الذي يعتبر من أركان التحالف الرئاسي الذي دعا بوتفليقة لكي يترشح لعدة خامسة وهو يعلم يقيناً بأنها لن تكون يقول: سراً لقيادات حزبه أنا لا أدعم برنامج الرئيس، بل لن ننسى بأنه وفي سنة 2014، خرج علينا في حوار صفحي في أحد القنوات ليؤكد بأن مرحلة بوتفليقة قد انتهت وبأن من حقه أن يترشح للرئاسيات باسم حزبه، وهو الذي لم يعد يخفي رغبته الجامحة في أن يحكم الجزائر بدعم غربي واضح بالتأكيد، فالرجل الذي يعتبر السًّياسي الأكثر مقتاً وكرهاً لدى عموم الجزائريين، ظهر في العديد من الصور وهو يرتدي سترة مضادة للرصاص، ليس هو فقط بل شقيق الرئيس أو بالأحرى دمية السير ريتشارد المفضلة في قصر المرادية. السعيد بوتفليقة وهو الذي يعبده ويهابه كل الشياتين وأشباه الرجال في بلادنا، ويعتقدون بأنه من يدير الدولة فيما هو ليس إلاَ منفذا لأوامر من يسيرونه ويتحكمون به كعرائس الأراغوز من خلف البحار. وهو إن دلَّ على شيء فإنه يدل بالتأكيد على أن هذان الرجلان بالذات مستهدفان من طرف الشرفاء داخل أجهزة الدولة وفي كل مكان، لأنهما يعتبران المسئولين عن الخراب والدمار الاجتماعي والسًّياسي والثقافي والاقتصادي الذي ضرب ركائز الدولة والمجتمع، فأصبح عدد البطالين يناهز 6 ملايين في المتوسط، وأصبح حلم كل شباب الجزائر وبدون استثناء إلا أبناء الذوات والمسئولين وكبار القوم، هو الرحيل عن بلد لم يعد لهم فيها أدنى بصيص أمل، بعدما سيطر أمثال هؤلاء الفاسدين على كل شيء من الأحزاب السًّياسية إلى وسائل الإعلام السمعية والبصرية والمقروءة والالكترونية في معظمها، وزجًّوا بالمعارضين والإعلاميين الشرفاء في المعتقلات والسجون، وحوَّلوا الجزائر إلى معتقلات تشبه إلى حدّ بعيد معتقلات أوشفيتز في العهد النازي، الكل فيها تحت المراقبة، ومن يحاول الخروج عن قواعد اللعبة المرسومة، يجعلونه يدفع الثمن غالياً جداً كما فعلوا معي ومع الكثير ممن فضحوهم، وانتقدوا سياساتهم العرجاء، وحاولوا فضح دُماهم وأراغوزاتهم في الإعلام والسّياسة ... الخ. استطاع أويحيى والسعيد بوتفليقة ومن يدور في فلكهما من الفاسدين والمفسدين فعل ذلك وهم يعتقدون بأن البلاد من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها قد دانت لهم بالخضوع والولاء والطاعة، ولكن هم لا يعرفون طبيعة النظام الذي يعتقدون زوراً وبهتاناً بأنهم من أبناءه، وبأنه حتىَّ بومدين رحمه الله لم يستطع السيطرة عليه أو فهم كيف آلية عمله، فهو عندما يحسُّ بالخطر يتخلى ويضحي بأمثالهم، لكي يستمر، فلا حصانة عنده لأحد، وبقاء السلطة والدولة والنظام أولى عند من يديرونه من الجميع، وربما يقومون بتصفيتهم كما فعلوا مع الكثيرين ممن حاولوا تحديهم أو الخروج عن سلطتهم، والأيام حبلى بالمفاجآت التي لن يتوقعها أحد بالتأكيد. عميرة أيسر_كاتب جزائري