بعد حادثة تحطم الطائرة العسكرية، والذي أودى بحياة أكثر من 257 شهيداً من أبطال الجزائر الأشاوس، وهو الخبر الذي وقع عليَّ شخصياً كالصاعقة، ولم أستطع استيعابه لحدِّ الآن. لم يترك بعض الإعلاميين والمعارضين الحدث يمر مرور الكرام، ولم يحترموا حتىَّ حرمة الشهداء وحالة عائلاتهم المأساوية، وهي حالة تجعل القلب ينفطر حزناً لهول ما وقع، ولكنه قضاء الله وقدره الذي لا مهرب منه لأحد، وفي غمرة المشاعر الإنسانية الفياضة الجارفة كشف السيِّد جمال ولد عباس الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عن وجود عناصر من جبهة البوليساريو داخل الطائرة العسكرية المحطمة، وهو الخبر الذي استغله الكثير من أوجه المعارضة الجزائرية لاتهام المؤسسة العسكرية بشتى الأوصاف، والنعوت التي لا يقبلها عقل أو منطق، ولم يختلف هؤلاء عن بعض أهل السِّياسة والإعلام في المغرب، والذين وصفوا الجزائريين حكومة وشعباً بأوصاف والله لا تطلق حتى على الأعداء فما بالك بالإخوة الأشقاء، وأعطى هؤلاء المعارضين الجزائريين كامل الحق للنظام المغربي بالرغم من أن الأممالمتحدة اعترفت للشعب الصحراوي بحقهم في تقرير المصير، وذلك وفق اللوائح والمواثيق الدولية. ولكن لم نسمع لهؤلاء ركزاً منذ سنوات عندما وطَّد نظام المخزن المغربي علاقته مع الكيان الصهيوني، وهذه المرة علناً وعلى رؤوس الأشهاد، مثلما ذكره المرصد المغربي لمحاربة التطبيع في ندوة له قام بتنشيطها مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين، وذلك بصفة رسمية عندما أوكلت وزارة الداخلية المغربية لمعهد ألفا الإسرائيلي للتدريب، مهمة تدريب حراس الأمن المكلفين بحراسة المنشآت الأمنية الحيوية في المغرب، فهذا المعهد الإسرائيلي الذي يدير فرعه في تل أبيب الحاخام يهودا أدغار، وهو المسئول عن تدريب طواقم الأمن في سجن تل أبيب، وكان والده أيلي أدغار أحد عتاة المجرمين المعروفين في الجيش الصهيوني، بالإضافة إلى الفرنسي المدعو أمريكيو دسيلفا، وهو ضابط فرنسي سابق في الجيش الفرنسي، ويشرف على تدريب العديد من الميليشيات العسكرية في دول إفريقيا عدة. كما يشرف على إدارة هذا المعهد المغربي عبد القادر الإبراهيمي الذي يدعي بأنه مؤسسه الأصلي في المغرب، ولكن هو ليس إلا واجهته العربية هناك فقط، فهذا المركز التدريبي و الذي له أكثر من 52 ألف معجب على صفحته الرسمية على موقع الفايسبوك، يضم مجلس إدارته كذلك الحارس الشخصي للرئيس الفرنسي السَّابق نيكولا ساركوزي المسمى دوفنسيان، ولمركز ألفا حساب بنكي في بنك وفا المغربي، والذي يشترط ملفاً ادرياً خاصاً لكل متدرب يريد أخد دورات في فنِّ القتال، واستخدام مختلف الأسلحة المحمولة، بالإضافة إلى تقنيات الدفاع عن النفس واستعمال السِّلاح الأبيض، وتعلم فنيات التأثير والبروباغندا الإعلامية، وهذا الملف يتكون من صور شمسية، و نسخة عن البطاقة الوطنية، ونسخة عن جواز السفر، و شهادة طبية، وكذلك شهادة حسن السِّيرة والسلوك إضافةَ إلى مبلغ وقدره 2000 درهم مغربي. هذا المركز التدريبي الصهيوني الذي نظم إحدى دوراته التدريبية في شهر جانفي من العام الحالي في مدينة بوعرفة المغربية تحت شعار مخيم معهد ألفا للحماية المقربة، واستعمل منشآت رياضية تابعة لوزارة الشباب الرياضية المغربية، وذلك في الفترة الممتدة من 22 إلى 28 من نفس الشهر. يقع مقره الحالي في مدينة مكناس المغربية، ويفكر القائمون عليه في فتح فرع أخر لهم في مدينة الخنيفرة، أماَّ بالنسبة للتدريبات العسكرية والبدنية للمتربصين فتقام في العادة في المناطق الجلية الوعرة الواقعة بين سفوح جبال بويبلان، ويعمل هذا المركز الإسرائيلي بالتنسيق أحياناً مع الأكاديمية الملكية لفنون القتال، والتي يديرها شخص مغربي يقيم في دولة الإمارات العربية المتحدة. أماَّ بالنسبة لشعار هذا المركز الصهيوني فيجمع بين نجمة داوود السّداسية، ورمز الصقر الذي هو رمز وكالة الاستخبارات الأمريكية، وبالتالي فإن هذا المركز الذي يستعمل أرقام اتصال مغربية واسبانية، ولا يجد إيهود إيدغار حرجاً في الحديث باللغة العبرية أمام طلابه من المتدربين، وهناك بالطبع مترجم محلي يترجم كلامه لهم، يعتبر واجهة لجهاز المخابرات الصهيونية الموساد الذي يحاول عن طريق هذا المركز، أن يكون عناصر دارك ريف أو بلاك وتر ولكنهم عرب، ويستعملهم كما هو مخطط مستقبلاً لضرب دول الجوار، إذ لا يجد القائمون عن المركز في الحديث سواءٌ في خرجاتهم الإعلامية، أو عن طريق صفحة الموقع أو عبر صفحاتهم الشخصية، حرجاً في رغبتهم في نقل هذا التجربة الأمنية الرائدة لدول الجوار وبالطبع منها الجزائر. فهؤلاء فعلوا ويفعلون المستحيل من أجل إقناع الدولة الجزائرية، لكي تفتح الحدود المغلقة منذ سنة 1994م، لتسهيل إدخال هؤلاء للجزائر، و إيجاد موطئ قدم لهم لتحويلهم إلى خلايا كامنة مخابراتياً قد تتحول مع مرور الوقت إلى خلايا نائمة يمكن تفعليها في الوقت المناسب، لاستهداف الأمن والاستقرار في بلادنا، في الوقت والزمان والمكان المناسبين. فلا تستغربوا إذن هجوم بعض هؤلاء المعارضين والإعلاميين في الداخل، والخارج المقصود على الجنرال سعيد سنقريحة قائد الناحية العسكرية الثالثة ببشار، وذلك عندما وصف النظام المغربي بالنظام السِّياسي العدو للجزائر، فإن المؤسسة العسكرية تعرف جيداً هذه المعلومات وغيرها. فالمغرب الذي يترك اسبانيا تحتل سبتة وميلية وغيرها، يحاول بالمقابل تشويه صورة الجزائر التي لم تخفي يوماً دعمها لقضية الصحراء الغربية التي تعتبرها قضية تصفية استعمار محقة، وذلك وفق شواهد وأدلة تاريخية متواترة. فبالله عليكم لا تدعوا الوطنية الزائدة، وتحاولوا استغلال المأساة الوطنية التي ضربت الجزائر، لتصطادوا كعادتكم في المياه العكرة، وتستغلوا عواطف الجزائريين خدمة لأجندات معروفة، وأقول لكم بأن الحدود لن تفتح، فهذه إستراتيجية أمنية عسكرية لا يفمهما أمثالكم، لأن الأمن الإقليمي القومي للدولة مهدد من طرف هذا النظام المخزني العميل، وما ذكرته ليس إلا غيضاً من فيض، وهناك مقالات قادمة لفضحه، وفي جميع المجالات بالتأكيد، ولكن كل شيء في وقته وأوانه، وأقول لكل هؤلاء المتآمرين على الجزائر لن تستطيعوا فعل شيء مادام أنها تمتلك جيشا قوياً وعقيدة راسخة وتدافع دائماً عن حق الشعوب في تقرير مصيرها، ولا تنبطح للكيان الصهيوني وأعوانه. عميرة أيسر-كاتب صحافي جزائري