ما نبقيه اليوم قليلا ,, وما نحمله للغد اقل ,, ضحكة علي جبين طفل ,, وأمنية لرجل اقترب علي الانتهاء ,, وساعي البريد .. يحمل رسالة .. لشخص بلا عنوان ,, يوميات عاطل هي يوميات يسودها الحزن والآهات والحسرة , ضحكة علي جبين طفل أصبحت بعد سنوات دمعة علي خد عاطل , دموعا لا تسد رمقه من الجوع او عطشه من الأمل وشوقه للأوهام ,أمنية ظلت معه حتي اقترب علي الانتهاء , وهذا الساعي الذي ينتظر رسالته لا يحمل عنوانه , مازال يسكن في مستنقع البطالة. - للأيام حكمة تقول )الصبر مفتاح الفرج(، ولكن للبطالة حكمة أخرى تقول )الصبر مفتاح اليأس والاكتئاب ) . العالم كله أمام عينه والأرض شاسعة ولكنه يجلس وحيداً .. تدور دقات الساعة في رأسه .. تمر وتمر وهو يراقبها. أحلامه بسيطة، يتمنى عملاً جيداً .. أن يتزوج ويصبح لديه أبناء .. ولكن هيهات! أحلامه البسيطة لم تتحقق، وتتناقص يوماً بعد يوم، بقي وحيداً بين الناس .. هائماً وتائهاً في الشوارع والطرقات. نظرة قاسية للعاطل في المجتمع .. فتصير حياته قهراً .. ويدخل دائرة الحسرة والملل. اليوم الذي طال انتظاره كان أتعس يوم في حياته .. وهو يوم ظهور نتيجة البكالوريوس .. لينطلق بعدها للعمل وكسب المال، ولكنه لا يدرك حكمة الأيام وغدر الزمن .. يجمع أوراقه في حافظة بلاستيكية، ويبدأ رحلة البحث الشاقة بين إعلانات الصحف المملة، وأبواب الشركات والفنادق السياحية .. قد يهلك هذا الحافظ البلاستيكي من البحث والشمس ويجرى تبديله بآخر .. وآخر. أصبح له سيرة ذاتية يلقيها هنا وهناك .. باللغتين العربية والإنجليزية، ولو أراد لجعلها بجميع لغات العالم. ما زال يمشي، ويمشي، حتى بلي الحذاء من المشاوير وسخونة الإسفلت، والسير به أياماً وشهوراً .. يسعي برغم يأسه وانتهاء أمله .. برغم ما يحمله من ألم وتعب لكنه يبتسم ويبتسم. يتعب من البحث وتنهار الأحلام ويتبدد الأمل، حتى يدرك أن لا جدوى ولا فائدة. يقرر الاعتكاف في هذه الغرفة التي شهدت أيام طفولته ومراهقته وجميع مراحل حياته، ليسترجع ذاته التي فقدها .. سئم الجلوس مع الناس والأصدقاء .. يجلس وحيداً يسترجع جميع الذكريات والأماني .. عقله لا يتوقف عن التفكير، حزن فرح، أيام جميلة، ذكريات حزينة .. يهرب منه ظله .. يهرب من التفكير بالنوم، حتى هذا لا يخلو من الأحلام التي تسترجع ما يفكر فيه .. كل شيء حوله أصبح صامتاً .. أثاث الغرفة صامت وهاتفه صامت .. بداخله صرخة صمت لا يسمعها أحد .. الملل اللعين جعله يغير موضع الأريكة أكثر من مرة .. أصبح رجلاً ميتاً في غرفة سكنها كقبر له بلا حساب .. تغيرت ملامح وجه .. فهناك عذاب نفسي يعانيه .. الكذب يحيط به وبين وظائف خالية في إعلانات الصحف اليومية، ووعود بتوفير وظيفة له. اصبر، اصبر، هذه الكلمة التي يسمعها دائماً من المحيطين به أصبحت رفيقة حياته .. جزء من هواء ممزوج بأمل الحياة يتمناه ليتنفسه ليطرد الرجل الميت بداخله ويحيا من جديد.