سرحت بنظري عبر النافذة حيث زهور النسرين تعكس شعاع الشمس وهو يتسلل ببطء يكشف عن سحر خاص .. كانت الأمطار قد توقفت في الخارج بعد ان غسلت الشوارع المعبّدة ومسحت الغبار عن زجاج السيارات فبدت المدينة أنيقة ونظيفة علي أهبة الاستعداد لاستقبال العيد غدا ... عبرت بعيني فوق الدولاب الخشبي .. رأيت حقائب كثيرة ... كل هذه الحقائب التي جمعتها... كأنني لن أعود ثانية... لحظة الطيران راسخة في روحي... رحلت معتقداً أنني أبحث عن وطن... مضى عامان .. عبرت الخريف والشتاء والصيف والربيع... كتبت رسائل مؤجلة لم أرسلها لساعي البريد... من أجل لحظة مع حبيبتي اعتنيت بزهور النسرين .. تجاهلت حماقة الأشخاص... لم أخف من الظلام وحيداً.. فالقمر يتسلّل من النافذة كل يوم... حياة كأي حياة... اكتسبت صيغة المفرد في الوحدة والحب والأصدقاء... تغيّرت الملامح قليلاً تمضي الليالي والأيام.. وأعثر علي ظلي مرة واثنين... جعلت لي نافذة للتذكر ونافذة للنسيان... تأخر الوقت كثيراً وأنا أنتظر.. مضى العمر.. مضى أوان الورد... مضي فرحة العيد ... حتى الفراغات التي أحدثتها في روحي عالجتها برقع صغيرة من الوهم... تتشابه ليالي الوحدة في ظل قمر غريب ... من يحملني لأيامي ... من يحملني لذكرياتي وأحبتي .