دافع الكثير من الإعلاميين والصحفيين عن الكاتب " نجيب محفوظ " دفاعاً مستميتاً وبصورة مستفزة حتى ظننت في نفسي وكأنه عندهم رسول معصوم من الخطأ وليس إنساناً عادياً يصيب ويخطأ ويختلف حوله الناس بين من يرى في كتاباته رقياً وحضارةً أومن يرى أنها سفهاً ودعارةً أو من يرى أن بها كلا الأمرين على حد سواء ، وظني أن ردة الفعل هذه الحادة والظالمة أحياناً حول تصريحات المهندس / عبد المنعم الشحات ربما ترجع إلى أن تصريحاته تؤسس لتلاشي وتبخر الهالة التي وضعت منذ عشرات السنيين حول بعض الأدباء والكتاب المصريين وعلى رأسهم الأديب / نجيب محفوظ ، والتي جعلت الكثير ممن كانوا يختلفون مع هؤلاء الأدباء والكتاب يخشون من البوح بهذا الأختلاف أو النقد ويتحسسون في كلامهم حينما يأتي ذكر أحدهم خوفاً من ردة فعل قاسية يمكن أن يتعرضوا لها ممن وضعوا هذه الهالة وأسسوا لها وصدروها للناس كأنها حقيقة ثابتة وأمر معلوم من الدين بالضرورة ، ولا سيما وأنهم يمتلكون من الوسائل والأمكانيات ما تجعلهم يقهرون مخالفيهم ويشوهون صورتهم على النحو الذي رأيناه يحدث مع المهندس / عبد المنعم الشحات حتى وإن اختلفنا معه في بعض أطروحاته . ولقد رأينا في الردود على ما أثاره المهندس / عبد المنعم الشحات كلاماً عجيباً ومضحكاً في ذات الوقت فلم يكفي أنهم ابتعدوا في ردهم عن مناقشة أفكار الرجل والحوار معه - ربما خوفاً من إظهار الحقائق - إذ بدأوا يسوقون تبريرات عجيبة لضرورة تقدّيس الكاتب والأديب / نجيب محفوظ والكف عن تناول كتاباته بالنقد والتحليل ، وآخر هذا ما ذكرته الأستاذه / ريهام السحلي في برنامجها 90 دقيقة على قناة المحور حيث ذكرت أن العالم قد أحتفل بمئوية الكاتب نجيب محفوظ واحتفى بكتاباته فهو الكاتب الأديب الحائز على جائزة نوبل العالمية بينما نحن هنا في مصر البعض منا لا يقدره ويعتبر كتاباته دعارة وغير ذلك سبحان الله ، وأنا هنا أتسائل هل احتفاء العالم بسلمان رشدي واستقبالهم له وترحيبهم به والحفاوة بكتاباته يجعلنا نحن نفتخر به أو نكف ألسنتنا عن نقده ومناقشته في أفكاره والرد على أطروحاته باعتبارها ليست كلاماً مقدساً ؟ ، وهل الأحتفاء بالكاتب / سيد القمني وتكريمه هنا وهناك يجعلنا نتخذه قدوة لنا ونقيم له الأحتفالات ونعتبر كتاباته غير قابلة للنقد أو أنها كلاماً مسلماً لا عيب فيه ولا نقص لمجرد أن العالم احتفى به أو كرّمته الدولة المصرية وأعطته الجائزة التقديرية بالرغم من أن الواقع يشهد بأن كتاباته تفيض بكم هائل من السباب واللعن وتحتوي على قدر كبير من الأباطيل والأفتراءات والتهم للإسلام وشريعته وتاريخه ؟ !!!!!!. لقد كانت قناعتي ومنذ زمن بعيد وما تزال بأن العالم الغربي لخبث مقصده لا يكرّم أحد من كتابانا ومثقفينا إلا بقدر ما يرى في كتاباتهم أنها بعيدة عن الدين مخاصمة له فكان الكاتب كلما جافى دينه أو تعرض له بالأساءة كلما كان أقرب إلى التكريم والحصول على الجوائز هنا وهناك فكانت معاداة الإسلام سبب في الظهور والشهرة والتكريم ، وإلا فأين تكريم الغرب لرجل كالكاتب والأديب / أنور الجندي صاحب الكتابات والموسوعات المتنوعة والتي بلغت المئات في الأدب والفقه والتاريخ والثقافة ، ولكن لكونه كان مدافعاً عن دينه مجابهاً لدعوات التغريب والحداثة والأفكار الهدّامة فقد كان هذا سبب كافي إلى إهماله وعدم ذكر اسمه من الأساس، بل إني حزنت حزناً شديدا حينما رأيت بالصدفة نعياً يكتبه أحد العلماء ويذكر فيه جهاد الرجل وحبه لدينه ويعتب على أنه لم يكرم التكريم اللائق به بل إن معظم الشعب لا يكاد يعرف عنه شيء ، فالشيخ الدكتور يوسف القرضاوي كتب فيه يقول : " علمت بالأمس القريب فقط أن الكاتب الإسلامي المرموق الأستاذ أنور الجندي قد وافاه الأجل المحتوم، وانتقل إلى جوار ربه، منذ يوم الإثنين 28 يناير 2002م، بلغني ذلك أحد إخواني، فقلت: يا سبحان الله، يموت مثل هذا الكاتب الكبير، المعروف بغزارة الإنتاج، وبالتفرغ الكامل للكتابة والعلم، والذي سخر قلمه لخدمة الإسلام وثقافته وحضارته، ودعوته وأمته أكثر من نصف قرن، ولا يُعرف موته إلا بعد عدة أيام، لا تكتب عنه صحيفة، ولا تتحدث عنه إذاعة، ولا يعرِّف به تلفاز. كأن الرجل لم يخلف وراءه ثروة طائلة من الكتب والموسوعات، في مختلف آفاق الثقافة العربية والإسلامية. وقد كان عضوا عاملا بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بالقاهرة، ومن أوائل الأعضاء في نقابة الصحفيين، وقد حصل على جائزة الدولة التقديرية سنة 1960م. لو كان أنور الجندي مطربا أو ممثلا ، لامتلأت أنهار الصحف بالحديث عنه ، والتنويه بشأنه ، والثناء على منجزاته الفنية " ؛ وعليه فإن حفاوة الغرب وجوائزه ليست هي التي ترفع من قدر الناس وتوجب لهم التقدير والأحترام ، وإنما بالصدق والأخلاص وحب الدين والدفاع عنه تكون الرفعة والمنزلة . إن غايتنا من هذا كله أن نعلم جميعاً أننا بشر يُصيب ويُخطىء ولا يجب أن يدّعي أحد لنفسه أو لغيره العصمة فليس هناك معصوم من البشر سوى الرسل عليهم السلام أما ما عداهم فالكل يؤخذ منه ويرد ، أمّا أن نقدّس بعض البشر ونرفعهم في منزلة فوق منزلتهم فهذا خطأ كبير وجرم عظيم .