عميرة ايسر -احدث قرار إيقاف المنحة التي كان من المفروض أن تسلمها السعودية للجيش اللبناني وقوات الأمن الداخلي قبل أشهر، والتي أثارت,جدلا سياسيا وحزبيا، وحكوميا، ونيابيا، في لبنان,إذ برزت على السطح عدة، خلافات ،وتراشقات ،واتهامات متبادلة ،بين أطراف النزاع ،وأقطابها الفاعلة ،على خارطة السياسية اللبنانية ,فالقوى المحسوبة تاريخيا على المملكة العربية السعودية ،كتيار المستقبل، ترى بأن الرياض قامت بهذه الخطوة رداً، على الانتقادات ألاذعة التي طاولتها، من قبل زعماء تيار 8اذار وعلى رأسهم ،السيد حسن نصر وقيادات حزب الله على خلفية ،إعدام الشيخ باقر النمر ،من قبل الرياض، وكذلك قيام أجهزة الأمن السعودية ،بإدراج قيادات الحزب ،على قوائم الممنوعين من السفر، وجمدت أموالهم داخل بنوكها بل تعدى ذلك إلى وضعهم على لائحة المنظمات الإرهابية,فالحرب بين الرياض وحزب الله التي تحولت الساحة السورية واليمنية إلى أهم محاورها الفاعلة,انتقلت إلى الملف الداخلي لهذا البلد الذي لم يعرف الاستقرار السياسي ،طوال تاريخه إلا في فترات زمنية متباينة نظرا لعدد طوائفه الذي بلغ 18طائفة من مختلف المذاهب الدينية والطوائف والنحل,فالتباينات السياسية بين هؤلاء الفر قاء السياسيين والتي ظهرت للسطح بشكل أكثر حدة منذ اقتراح رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري المنتمي إلي قوي 14اذار بان يصبح زعيم تيار المردة واحد أقطاب تيار 8اذار,رئيسا للجمهورية وهذا الاقتراح الذي لقي ترحيبا من دول عربية وقوى دولية مؤثرة في المشهد السياسي اللبناني وذات ثقل تاريخي وديني في بلد الأرز, كفرنسا وأمريكا وطبعا السعودية، إذ سارع سفيرها لدي لبنان السيد علاء عوض ألعسيري ،إلى تبني ذلك الترشيح ومن ثم محاولة تمريره عربيا، ودوليا رغم معارضة حزب الله ورئيس التيار الوطني الحر ،الجنرال ميشال عون الذي لا يحضى بإجماع عربي أو دولي ،على عكس سليمان فرنجية ،والأسباب غير مفهومة، أو مبررة لذلك,وحتى داخل أروقة البرلمان، حدثت تغيرات في ميزان القوى ،إذ كانت الكفة تميل لصالح زعيم المردة ,بعد إعلان الزعيم الدرزي وليد جنبلاط ورئيس حزب الكتائب "سمير جعجع" وعدد من الأحرار تبنيهم، لهذا المشروع السياسي، ولكن جعجع فيما بعد انقلب على عاقبيه مثلما قال حلفاءه ،ووقع مذكرة تفاهم مع خصمه التاريخي، الجنرال "ميشال عون" ودعم ترشيحه ليكون سيد قصر بعبده المقبل، مقابل غنائم وزارية وحكومية،فالحل الذي كان يتبنى ترشيح" سليمان فرنجية"، كمرشح قريب من تيار 14اذار، كان الهدف منه إيجاد حل لازمة غياب سيد لقصر بعبده ،التي تعصف بالبلد منذ أزيد من435يوما وجعلت مؤسساته ،السيادية شبه مشلولة ,وكما يرى الأستاذ والكاتب السياسي ،ورئيس جريدة تحرير اللواء ،"صلاح سالم",بان السعودية التي أعادت بناء أزيد من223قرية من أصل 236قرية دمرها العدوان الإسرائيلي على البلد سنة2006اثر عدوان حزيران,والرياض التي دعمت لبنان في مؤتمر المانحين ،في باريس 1,2,3من اجل إعادة إعماره,لا تريد إلا إيجاد حل سياسي يرضي، كل الأطراف المتنازعة,وقامت بإيقاف هذه الهبة التي كان اقرها الملك عبد الله رحمه الله,من اجل أن يتوقف حزب الله عن التحريض عليها واستهدافها إعلاميا عن طريق اذرعه الإعلامية كقناة المنار أو جريدة الأخبار المقربة منه ,ولكن هناك من الكتاب والمحللين ،كالأستاذ "سالم زهران" رئيس "مركز الارتكاز الإعلامي" من يرون بأن السعودية ،لا تريد حلا سياسيا في لبنان ،لان هذا ليس في صالحها , فهناك قضايا إقليمية كالملف السوري ,لا ترغب السعودية أن يكون لبنان طرفا ،في حلها سياسيا أو امنيا,فالبلد حتى ولو تم الاتفاق إقليميا ودوليا على تحييدهُ ،من الصراع الدائر في الشرق الأوسط, فهو يشكل قلقا دائما لصناع السياسية الأمنية والخارجية السعودية. -فهدف السعودية الرئيسي ،من خلال منع هذه الهبة المالية ،أو تجميدها هو الضغط على رئيس الحكومة تمام سلام ،والجهاز القضائي من اجل إطلاق سراح أمير الكابتجون ,مثلما أصبح اسمه في أبجديات الخطاب الإعلامي في لبنان,فالأمير عبد المحسن بن وليد أل سعود والذي اعترف خلال التحقيقات القضائية بأنه كان ينوي تهريب أزيد من 2طن من الكوكايين عبر مطار بيروت الدولي وهذا الخبر الذي جاء في جريدة الشعب الجديد بتاريخ 23فيفري 2015,وتم تأكيده من طرف القضاء اللبناني,وكان لاستقالة وزير العدل اشرف ريفي الذي حاول من خلال هذه الخطوة ،أن يضغط على الحكومة من اجل خلق نوعا من الضغوط، لإطلاق سراحه وإعادة العلاقات مع السعودية والتي يتهم حزب الله وحلفاءها بضربها في الصميم,فاشرف ريفي الذي كان محسوبا على تيار المستقبل قبل أن يفصل منه، يحاول خلط الأوراق السياسية من اجل التأثير على مجريات القضية وإجباره على إغلاق ملف القضية,التي يستعملها فرقاء 8اذار كوسيلة وورقة رابحة في وجه نفوذ السعودية في البلاد,فالتوتر السياسي السائد رغم الحوار القائم بين كتله ونخبه السياسية حاليا ,لمنع تفاقم الأوضاع والدفع بها إلى حافة الحرب الأهلية , فاللقاء الذي جمع بين تمام سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري وهو كذلك رئيس حركة أمل المتحالفة مع حزب الله والمنخرطة معه في مشاريع دعم المقاومة، وملف ترشيح ميشال عون للرئاسة,فكلاهما أكدا بان الحوار هو وحده الدرع الواقي في وجه التهديدات الأمنية التي تهدد حدود البلاد الجغرافية ونسيجه الاجتماعي,فخلية الحوار التي شكلتها الحكومة اللبنانية قبل مدة،تهدف إلى دراسة عدة ملفات داخلية وإقليمية ،وحلها أو تسييرها بطريقة ،لا تؤدي إلى صدام مباشر، بين مختلف مكونات الطبقة السياسية اللبنانية,ومحاولة أن يلعب المسئولون في الحكومة، ويقوموا بدورهم كممثلين، لمصالح الدولة اللبنانية العليا بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية ،أو المذهبية ،أو الطائفية ,وهذا في إشارة ضمنية إلى الخطأ، الذي وقع فيه وزير الخارجية، وصهر الجنرال ميشال عون، "جبران باسيل" عندما لم يقم بإدانة حرق السفارة السعودية ،في طهران من قبل متطرفين، في "مؤتمر القمة العربية" الذي دعت السعودية ،لانعقاده بشكل طارئ لدراسة ،كيفية الرد المناسب عربيا ،على هذه الخطوة التي رأت فيها الرياض تهديدا لمصالحها، وسلطتها في المنطقة,فالسعودية التي أصبحت تفقد نفوذها تدريجيا، في المنطقة بعد فشلها في إنهاء الحرب في اليمن ،لصالحها وتنفيذ وعودها ،بالإطاحة بالرئيس السوري "بشار الأسد"، ولا ننسي الصفعة التي تلقتها السعودية ،من قبل "الحليف الأمريكي"، بعد أن قامت الولاياتالمتحدةالأمريكية بتوقيع الاتفاق النووي، مع إيران رغم انف الرياض. وهذا ما دفع السعودية إلي البحث عن حلفاء جدد لها بعيدا عن المنظومة الأمريكية باعتبار أنها ترى نفسها بأنها دولة إقليمية عظمي كتركيا وإيران ويجب عليها أن تبحث عن تحالفات مع دول عظمي تضمن لها إعادة السيطرة علي الوضع وتغيير دفة الميزان السياسي وترجيح كفته لصالحها مرة أخري وجاء قانون جاستا ليكون الشعرة التي قصمت ظهر البعير في العلاقة بين الرباط وواشنطن ،,رغم أن توني بلير رئيس الوزراء البريطاني السابق أكد بان السعودية ليست من القوى الإقليمية التي يعتد بها عند الغرب لأنها تدور في المجمل ولا تخرج عن الساتل الأمريكي,وبالتالي فمهما كان نفوذها ووزنها ماليا أو طاقويا أو اقتصاديا أو سياسيا فانه ليس مسموحا لها أن تقرر لوحدها في الموضوع اللبناني دون الرجوع إلي أمريكا,والتنسيق معها في حل قضية رئيس لبنان المقبل ,والذي لن يتم الاتفاق علي تسميته دون الاتفاق السعودي الإيراني فهذا شيء مهم جد ا ولا يقبل أوجها للنقاش,والذي بدا يظهر جليا بعد مؤتمر فيينا حيث تم تشكيل لجان مشتركة لحل القضايا السياسية والأمنية العالقة بينها وربما في قادم الأيام سيتم عقد لقاءات سياسية أو أمنية بين القيادات العليا للبلدين,ولكن الشيء الذي لا يرغب البعض في الإشارة إليه أو يتم تجاهله أو التغافل عنه عمدا أو سهوا ,أن الهبة المالية السعودية التي يشتعل لبنان سياسيا وإعلاميا من اجلها كانت قد تم إيقافها بعد وفاة الملك عبد الله وبعد أن قدمت السعودية مبلغ 2مليار دولار لإعادة تحديث قوى الأمن اللبنانية المختلفة,ولم تقم بتجميد إلا مبلغ 1مليار دولار من مجموع 3مليار دولار فالملك السعودي سلمان بن عبد العزيز استغل الوضع في المنطقة ليضغط على حزب الله من اجل انسحابه من سوريا وفرض شروطها سياسيا,ودفعت في اتجاه تبنى مناورة سياسية دفعت دولة الرئيس وزعيم تيار المستقبل سعد الحريري إلى التنازل في ملف الرئاسة وذلك في رسالة دبلوماسية للداخل والخارج مفادها بأننا نرغب في حل أمور البلد وتحريك العجلة السياسية والاقتصادية التي وصلت إلي أزمة لا يمكن السكوت عنها وهذا ما دفعه إلى الانتحار سياسيا في رأى الكثيرين والقبول بترشيح العماد مشال عون أخيرا إلى رئاسة الجمهورية، والتضحية بصديقه السابق ،سليمان فرنجية ،وإغضاب الرئيس "نبيه برى" الذي عد ذلك خيانة له لأن الحريري أعلن، ذلك قبل أيام ودون استشارته أو حتى الرجوع إليه ،وهو الذي وقع معه دوما رغم انه ،لا يتبنى خطه السياسي،,وفي المقابل لم يقد خصومنا السياسيون على الساحة أي مبادرة أو تنازلات من اجل لبنان الذي يدعون بأنهم حريصون على وحدته الترابية وأمنه الإقليمي,فالمبادرة التي جاء طرحها في ديسمير من العام المنصرم, من قبل تيار المستقل تمت حتى بدون أن يكون هناك مفاوضات بين الطرفين ,أو اتفاق مسبق على جدول زمني من اجل الاتفاق على نقاط مشتركة وطرحها للتشاور على طاولة الحوار ,فالتقارب الدبلوماسي الذي انبثق نتيجة الحوار بين حزب الله وتيار المستقبل والذي كان الهدف الأساسي منه تخفيف حدة الانقسام، والجمود الداخلي اللبناني والذي زادت حدته بعد أن تدخل حزب الله في سوريا في سنة2013,ولم يرق هذا التدخل لعدة أطراف داخلية ودولية وعلى رأسها طبعا ،خصم حزب الله الأول، على خارطة الصراعات العربية وهي المملكة العربية السعودية، ومن وراءها تيار المستقبل، وقوي 14اذار. -ومثلما يرى الأستاذ غالب قنديل، فان هناك محاولات لبنانية بدعم سعودي وقطري ،من اجل الضغط على قوي 8اذار لسحب المرشح ميشال عون، واعتماد ترشيح سليمان فرنجية ،لكي يكون لها يد في توزيع الحقائب الوزارية، والدبلوماسية والإتيان بحليفها سعد الحريري رئيسا للحكومة ،بعد أن تم تهميشه وقتها وبقي ،في المعارضة لمدة 3سنوات بعد أن كان الاتفاق الإقليمي، يقضي بان يتسلم نجيب ميقاتي رئاسة الحكومة في عهد الرئيس اللبناني السابق الجنرال ميشال سليمان ,عوضا عنه وقد بدأت عدة قراءات سياسية ،منها قراءة الأستاذ أنيس النقاش تقول بان سعد الحريري في هذه المرحلة السياسية الحرجة من تاريخ البلد بدا يفقد زخمه وحضوته عند السعودية، والدليل على ذلك بأنها لم تتدخل حتى اليوم لمساعدته ماليا، كما كانت تفعل في كل مرة ،لتسديد ديون عمال "مؤسسة سوليدار" أو "تلفزيون المستقبل" ،أو "جريدة النهار اللبنانية"، وغيرها من المؤسسات التابعة، سواء الاقتصادية والحزبية أو ،الإعلامية لتياره,وتفكر بعد أن تركز القرار بشكل كبير في يد وزير الدفاع ونائب ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان,في الاستغناء عن خدماته بعد أن اثبت فشله في تمرير أجنداتها وخططها في لبنان ،وتحاول تعويضه بالرئيس نجيب ميقاتي ،أو غيره من زعماء التيار السني، والسياسي في لبنان ,فالمرحلة المقبلة ستشهد محاولة كل الأطراف توتير الوضع سياسيا وتصعيده، من اجل محاولة الوصول إلى مرحلة يكون بالإمكان فيها تمرير "مشروع الرياض في لبنان" وفرض رئيس جمهورية ،يأتي حسب رغبتها ودون موافقة إيران ،وكذلك إطلاق سراح الأمير السعودي المعتقل، في لبنان وبأي ثمن كان,وستجابه بمقاومة شرسة من زعيم حزب الله اللبناني السيد حسن نصر الله والجنرال ميشال عون بالتأكيد. عميرة أيسر-كاتب جزائري