خرجت العديد من الأصوات من جميع بقاع الدنيا تندد بخطورة الإرهاب على العالم أجمع وهذه أصوات يتفق معها الكل وذلك لأن الإرهاب وأفكاره الهدامة التي تهدد العقائد والأفكار والقيم والمبادئ لما تحتوي على تشويه كامل للعقائد والحضارات وتشتيت للترابط العالمي الإنساني ومفتاح حقيقي لكل ماهو جالبٌ للكراهية والعداوة بين الجميع وإعادة للعنصرية والعرقية والطبقية بين المجتمعات وإن اتفقنا مع الأصوات التي تندد وتشجب وتستنكر خطورة الإرهاب إلا أننا نختلف اختلافاً قطعياً على رمي التهم الجزاف على الإسلام والمسلمين وأنهم هم السبب الرئيسي بكل ما هو مرتبط ارتباط كلي بالإرهاب وهذا ما شهد به التاريخ فلو عدنا للوراء كثيراً و بعد انهيار الاتحاد السوفيتي مباشرة في بداية التسعينات وانتهاء الحرب الباردة التي استمرت أكثر من خمسة عقود وبعد أن تم الإعلان عن انتهائها بسقوط الاتحاد السوفيتي وانهياره بشكل كامل عام 1991م خرجت عدة صحف غربية وعنونت في صفحاتها الأولى بعنوان " الخطر الأخضر" وكانت تقصد الخطر الإسلامي والذي على حد قولها جاء ليعوض "الخطر الأحمر الشيوعي" فالقوى المتحكمة والشركات العالمية التي تعيش على حاجات الأمن والدفاع وتقوم باستهلاك ميزانيات خيالية للدول الغربية كان لزاماً عليها أن تخترع بعبع جديد وتقوم بتقديمه كتهديد لجميع المجتمعات الغربية وإعلانه خطراً على المجتمع الدولي. وبالتالي لا يوجد أحسن من البعبع الإسلامي ليتم تغيير المفاهيم والأفكار للجميع خاصة لتلك الفئة التي حاربت السوفييت آنذاك وكان لدى هذه القوى مطلبُ رئيسي وهو تغيير وجهة الحرب .0 قد يقول قائل أنني من أتباع نظرية المؤامرة بالتأكيد لست من أنصار نظرية المؤامرة لكن الدول والقوى العالمية ليست جمعيات خيرية إطلاقاً فهناك دائما من يخطط لعقود قادمة ويقوم بتهيئة كل الأسباب بطرق مباشرة وغير مباشرة للوصول إلى الهدف المنشود خاصة إذا علمنا تمام العلم من هو المستهدف وهو الإسلام والمسلمين فهناك العديد من الشباب المسلم .. فهموا الدين بشكل خاطئ وقاموا بتفجير أنفسهم وهم يظنون أنهم يخدمون الدين بل وسيدخلون الجنة فيما تقوم بتحريكه الكثير من المخابرات الأجنبية بداية من عمليات غسل العقول مروراً بالإغراءات المادية وصولاً للتبني والدعم . ثمة أمر يعرفه الجميع ولا يخفى على كائنا من كان فبعد كل عملية إرهابية استهدفت الغرب خرجت الكثير من الدعوات التي تطالب بمحاصرة الفكر الإسلامي المتطرف وهي دعوات حق أريد بها باطل فالهدف المنشود طويل المدى هو جعل المسلم يعتقد أن المشكلة في الإسلام نفسه بتصوير المفاهيم الإسلامية على أنها تدعو إلى العنف ونبذ الآخرين وذلك لسبب يشع خبثاً وهو لكي يدخل المسلمين والإسلام في دوامات عنف لا تنتهي تخدم فقط السياسات الغربية وتقسم دولنا وشعوبنا على أسس طائفية وعرقية ناهيك عن التدمير الممنهج للجيوش والمؤسسات عندنا وهو ما يخدم في النهاية الأعداء كل هذا لا يعني أن الموروث الإسلامي خال من الشوائب والأخطاء فأمة تبلغ 1.5 مليار ولها تاريخ يزيد عن أربعة عشر قرناً وسيطرت على شعوب ودول في مساحات مترامية الأطراف بالتأكيد أن لها موروثاً فكرياً وثقافياً وسياسياً عظيم فيه الصائب وفيه الخاطئ لكن ياسادة ياكرام عندما نقوم باستعراضٍ بسيط لتاريخ الإنسانية وأعظم المآسي التي عرفها البشر نجد وفيما لا شبهة فيه أن المسلمين آخر من يوجه لهم دروس التسامح والأخلاق والرحمة والعطف ونبذ العنصرية وتقبل الآخر فعندما نتحدث عن إبادة شعوب كاملة كما حدث مع الهنود الحمر مروراً بمحاكم التفتيش في اسبانيا التي عذبت وهجرت ونصرت ملايين المسلمين إلى الحروب الكاثوليكية البروتستانتية التي قضت على الملايين من الناس في أوروبا مروراً لاستعباد ملايين الأفارقة لبناء العالم الجديد وصولاً إلى استعمار معظم دول العالم المتخلف وحكمها بالحديد والنار إلى إبادة عشرات الملايين في الحربين العالميتين إلى استعمال النووي والقضاء على البشر كالفئران ولا نريد الإطالة في سرد تاريخهم الذي كتبوه في الدم متوقفين عند الجرائم الإسرائيلية التي ارتكبت بحق الفلسطينيين وغيرها من المشاهد الدموية والمآسي والنكبات التي آلمت الحجر والشجر بسبب فضاعة ووحشية تنفيذ الجريمة ضد الأبرياء و التي لم يكن للمسلمين فيها دور لا من قريب ولا من بعيد دعوني أختم مقالي بذلك الإعلان الذي جاء سريعاً وقوياً لكل من ينعت الإسلام والمسلمين بالإرهاب أعني الإعلان عن تشكيل التحالف الإسلامي لمحاربة "الإرهاب"والذي مقره الرياض كما أن هيئة كبار علماء الدول الإسلامية دعت وشددت بالمسارعة للانضمام إلى التحالف الذي جاء لكي يحارب جميع الأفكار المغلوطة التي لا تمت لديننا وإنسانيتنا بأي صلة كما أنه يحارب جميع التشكيلات والمنظمات الإرهابية في أي زمان ومكان فدعواتنا دائماً لهذا التحالف بالتوفيق والنجاح نعم إن هذا التحالف دعوة عامة لجميع الدول الإسلامية إلى الاصطفاف في وجه الإرهاب وأفكاره وتضييق الخناق عليه والقضاء عليه نهائياً. بقلم الأستاذ / محمد تركي الفهيد