انطلاق دورة أساسيات لغة الإشارة والإرشاد الأسرى لذوي الهمم بالشرقية    الأنبا فام يترأس لقاء خدام إيبارشية شرق المنيا    وزير العمل يستقبل وفدًا من مؤسسة التدريب المهني الأردنية    نقيب المهندسين يؤكد دعم النقابة وتكريس إمكاناتها لتوطين صناعة السيارات الكهربائية في مصر    6 أهداف رئيسية لمؤتمر ريادة الأعمال والاستثمار العربى.. تعرف عليها    وزير الإسكان: مصر نجحت في تحسين جودة الحياة والمعيشة لمواطنيها    نشرت أقوى نظام دفاعي في إسرائيل، خبير: أمريكا قررت الدخول رسميًا في الحرب ضد إيران    رئيس الوزراء العراقي يدعو إلى حظر توريد السلاح إلى إسرائيل    حزب الله يعلن شن عمليات ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي    الكشف عن موعد انتخابات رئاسة الكاف، وانتهاء فترة الترشح في هذا التوقيت    استادات تتكفل بعلاج لاعب الزمالك بعد الاستغناء عنه    تسليم جثامين ضحايا حادث تسرب غاز بالعاشر من رمضان لذويهم    القبض على تيك توكر وزوجها بتهمة حيازة كميات من الهيروين بالإسماعيلية    فرقة مقام من قطاع غزة تشارك فى مهرجان الموسيقى العربية بالقاهرة    مي كساب: غيابي عن مسلسل "العتاولة 2" لم يكن بسبب خلافاتي مع فريق العمل    افتتاح العرض الجديد للوحات الخشبية لمصطبة حسي- رع بالمتحف المصري- صور    محافظ الدقهلية يستقبل نائب السفير الإندونيسي (فيديو وصور)    للمسنين نصيب من الخير.. التحالف الوطنى يمد يد العون للأسر الأكثر احتياجا ولجميع الفئات العمرية    الطبيب المصري محمد توفيق يكشف للقاهرة الإخبارية سر نجاح 33 عملية في 13 ساعة بغزة    عدو خفي.. 4 أطعمة تدمر عقلك دون أن تدري    وفر تمويل للأنشطة.. النائب طلعت عبد القوي يستعرض مزايا قانون الجمعيات الأهلية الجديد    إسبانيا تجدد التأكيد على تشبثها ب "الشراكة الاستراتيجية" مع المغرب    استمرار الانتهاكات الإجرامية الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني    وزير الخارجية الإيراني: ليس لدينا خطوط حمراء في الدفاع عن شعبنا ومصالحنا    تخريج دفعتين من معهدي الدراسات والرعاية بطما    بلومبرج: إعصار ميلتون قد يدفع "سندات الكوارث" للصعود    المشاط: استثمار 1.4% من الأصول المالية للقطاع الخاص قادرة على سد فجوة تمويل العمل المناخي    مصطفى شعبان يبدأ تصوير مسلسله الجديد حكيم باشا للعرض رمضان المقبل    الأحوال المدنية تستخرج 23 ألف بطاقة رقم قومي للمواطنين بمحل إقامتهم    رئيس جهاز حماية المستهلك يتفقد عددا من المحال والسلاسل التجارية بالإسماعلية لمتابعة أسعار السلع    "الإعلام هواية مش فلوس".. مجدي عبدالغني يكشف عن مجال عمله خارج كرة القدم    استشاري المناعة: العدوى التنفسية سريعة ‏الانتشار في فصل الخريف عن الشتاء    جامعة بنها تنظم قافلة طبية لأمراض العيون بقرية منية السباع ضمن "بداية".. صور    وليد فواز: البطولة المطلقة قرار جمهور وصناعة بأكملها | خاص    أبو شقة يعدِّد مزايا تعديلات قانون البناء: تنظيم التراخيص والقضاء على العشوائية    الداخلية تواصل حملاتها لضبط حائزي المخدرات والأسلحة في 12 محافظة    ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبى جرائم الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبى    شبانة: قندوسي قد يستمر فى الأهلي ووكيله يلمح إلى ذلك    القاهرة الإخبارية: الإفراج عن 12 أسيرا فلسطينيا فى جنوب قطاع غزة    داعية إسلامي: الاعتقاد في الصالحين يجعلك من الأولياء    استعدادًا للأمطار.. رئيس "صرف صحي الإسكندرية" يتفقد محطات ومشروعات المنتزه - صور    سكرتير المجلس الوزاري الأفريقي للمياه: أسبوع القاهرة يستهدف مشاركة المعرفة    أكتوبر انتصارات وبطولات.. ندوة بعلوم حلوان    بالصور.. محافظ المنوفية يستقبل وفد صندوق مكتبات مصر العامة    الداخلية تطارد تجار الكيف في 12 محافظة وتضبط كميات كبيرة من المخدرات    تريزيجيه ينافس على الصدارة، ترتيب هدافي تصفيات كأس الأمم الأفريقية    أهم المسابقات العلمية المشاركة في «أسبوع القاهرة السابع للمياه»    قصف مدفعي إسرائيلي يستهدف مخيم البريج: 5 شهداء وعدد من المصابين    بسبب سيارة الزبون قتل صاحب المعرض    أسباب انتشار تطبيقات المراهنات في المجتمع    "أتمنى أن يكون معنا في معسكر نوفمبر".. الركراكي يتحدث عن إصابة بونو    ظهور بوكيتينو الأول.. أمريكا تعود للانتصارات بالفوز على بنما وديا    تشريح جثامين زوجين وأبنائهم الثلاثة المتوفين في حادث تسرب غاز بالعاشر من رمضان    تعرف علي مواقيت الصلاة اليوم الأحد 13-10-2024 في محافظة البحيرة    "القرار كان منصف".. وكيل القندوسي يكشف كواليس جديدة في تحقيقات النادي الأهلي مع اللاعب    عالم أزهري: إعصار ميلتون هو جند من جنود الله ضرب أمريكا    القرآن الكريم| نماذج من البلاغة في كتاب الله    بحضور وزير الأوقاف.. "القومي للمرأة" ينظم ورشة عمل "القادة الدينين وبداية جديدة لبناء الإنسان"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نكاح القاصرات ليس من الإسلام ولم يأمربه القرآن الكريم
نشر في شباب مصر يوم 18 - 11 - 2015


د . أحمد صبحي منصور
قال : الشيخ البرهامى يقول إنه يصح الزواج بالطفلة .
قلت : هذا افتراء على الإسلام .
قال : إنه يستند إلى الرواية المشهور بأن النبي عليه السلام تزوج عائشة وهى طفلة .
قلت : هذه كذبة كبرى . فنفس التراث يقول إن عائشة كانت من قبل مخطوبة . أي كانت فى سنّ الزواج بليل خطبتها لشخص من قبل .
قال : فماذا إذا كانت هذه الرواية صحيحة ، رواية أنه عليه السلام تزوجها وهى طفلة؟
قلت : التشريع الاسلامى يؤخذ من كتاب الله ، وليس من روايات التاريخ أو من الأحاديث المُفتراة التى صنعها البشر ونسبوها ظلما وعدوانا للرسول عليه السلام بعد موته بقرنين وأكثر .
قال : فماذا عن القصص القرآنى ، هل يؤخذ منه التشريع الاسلامى ؟
قلت : التشريع الاسلامى لا يؤخذ من القصص القرآنى نفسه .
قال : كيف ؟ اليس القصص القرآنى جزءا من القرآن ؟
قلت : فى القرآن قصص للعظة وليس للتشريع لنا . ففى قصة يوسف ( الاية 100 ) أنهم خروا له سُجّدا ، فهذا لا يعنى تشريع السجود للبشر ، ولكنه إخبار عما حدث ، وكان السجود هو التحية وقتئذ . التشريع الاسلامى يأتى فى القرآن الكريم أوامر ونواهى لنا فى العقائد والعبادات والأخلاقيات .
قال : نعود للشيخ البرهامى وهو يعلن أنه من الحلال الزواج بالطفلة القاصر .
قلت : لا يقال ( زواج ) بل ( نكاح )، فالنكاح هو (عقد الزواج ) فى ثقافتنا الدينية . وبالتالى لا يقال ( زواج القاصرات ) بل ( نكاح القاصرات ) . ونؤكد أن ( نكاح القاصرات ) باطل إسلاميا ، وطالما أنه من البداية باطل فى ( عقد النكاح ) فإن ما يترتب عليه من ( دخول ) أو ( زواج ) هو باطل .
قال : ولكنه يستشهد بقوله جل وعلا فى العدّة : ( وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنْ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) (4) الطلاق). يرى أن اللاتى لم يحضن بمعنى البنات الصغار اللاتى لم يحضن.
قلت : هذا خطأ فادح ، لأن الآية الكريمة تتحدث عن العدة فى موضوع الحيض ، أى إن الكلام محصور فى حالات الحيض للنساء فى سنّ الحيض . وللنساء حالات : الحالة العادية الغالبة وهى التى يأتيها الحيض فى ( العادة الشهرية ) ، وهذه إذا كانت مطلقة فعدتها ثلاثة حيضات أو ثلاثة ( قُروء ) يقول جل وعلا :( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ) (228) البقرة ) ، و ( التربص ) يعنى ترقُّب نزول الحيض . هناك من بلغت سنّ اليأس ولا تحيض، وهناك من هى فى سنّ الحيض ولكن لا تحيض لأسباب فسيولوجية خاصة بها . والعدة للحالتين ثلاثة أشهر للتأكد من عدم الحمل ، وهذا معنى قوله جل وعلا : ( وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنْ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ ) . وهناك التى يظهر أنها حامل فتكون عدتها بوضع الحمل ، يقول جل وعلا : (وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ). زهكذى فكل أحكام الحيض لا علاقة لها بالطفلة بل بالمرأة البالغة التى هى فى سنّ الحيض ، ومنه تحريم الاتصال الجنسى بالزوجة عند المحيض ،
قال : هذه هى وجهة نظرك أن (وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ ) تعنى اللاتى هن فى سنّ الحيض ولم يأتهن الحيض ، وهو له وجهة نظر أخرى ، أن (وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ ) تعنى الطفلة التى لم تحض . فما هو الدليل الذى يُؤجّح وجهة نظرك ؟
قلت : سبق أن قلت أن الكلام عن الحيض وليس للطفلة علاقة به اساسا . الحيض مشكلة للنساء البالغات ، وله تشريعاته الخاصة فى ( العدة ) وفى تحريم اللقاء الجنسي بالزوجة أثناء المحيض . يقول جل وعلا
( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ۖ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ ۖ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) البقرة222 : 223 ). وحتى فليس للطفلة علاقة بقوله جل وعلا : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمْ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً (49) الأحزاب ) بمعنى أنه لا عدة على المُطلّقة قبل الدخول بها ، أى طالما لم يدخل بها فلا يوجد أى احتمال لأن تحمل منه ، لذا فلا وجود للعدة لو طلقها قبل الدخول ، لأن العدة هى لاستبراء الرحم من الحمل ، والطفلة غير مؤهلة للحمل أساسا .
قال : ليس فيما تقول دليل قاطع .
قلت : يقول جل وعلا : (وابْتَلُوا الْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ ۖ ) النساء 6 ). هذه الآية الكريمة تكفى .
قال : هى عن مال اليتيم وإختبار قدرته على التصرف فى ماله ، هل يُحسنُ التصرف فى ماله أم يكون سفيها . لا علاقة بالآية هنا فى موضوع الزواج بالطفلة ، أقصد بنكاح القاصرات .
قلت : أنت تنسى أن الآية الكريمة تتحدث عن اليتامى ذكورا وإناثا .
قال : نعم تتحدث عن اليتامى الذكور والإناث ، أى عن مال اليتيم واليتيمة ، وليس عن النكاح .
قلت : تنسى قوله جل وعلا : (وابْتَلُوا الْيَتَامَىٰ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ ) أى بلوغ مرحلة النكاح ، وهى نزول المنى من الذكر ونزول الحيض من الأنثى . و (بلوغ النكاح) يعنى الصلاحية للزواج ، فالطفل قبل
( بلوغ النكاح ) لا يصلح للزواج ذكرا كان أو أنثى .
قال : ماذا يعنى ( بلوغ النكاح ) ؟
قلت : أن يكون الانسان صالحا للزواج وتحمل مسئولياته بما فيها حمل وتربية الأطفال ، أى لا يصلح لطفلة أن تحمل ثم تربى طفلة مثلها . بلوغ النكاح يعنى أيضا مفارقة مرحلة الطفولة الى أن يبلغ الانسان ( أشُدّه ) ويستوي ( شابا ) ، وهذا ما جاء فى قصص بعض الأنبياء . يقول جل وعلا عن يوسف عليه السلام : ( وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ) يوسف 22 ) لذا فإن امرأة العزيز الذي تربى في حجرها طفلا ثم شبّ وبلغ أشده راودته عن نفسه . لم تراوده عن نفسه وهو طفل . ونفس الحال لو ربّى رجل طفلة يتيمة ليست إبنته ثم بلغت مرحلة النكاح ،وقد يريد نكاحها . وعن موسى عليه السلام يقول جل وعلا :(وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ۚ وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ) القصص 14 ).
قال : هل يعنى بلوغ النكاح القابلية للتكليف والمسئولية ؟
قلت : بلوغ اليتيم ( النكاح ) مقترن ببلوغه القدرة على التصريف فى ماله ، وقبل أن يصل الى هذه المرحلة يحرم الاقتراب من ماله إلا بالتى هى أحسن ، يقول جل وعلا : ( وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أَشُدَّهُ ۖ ) ( الأنعام 152 )
( الإسراء 34 ). ويقول جل وعلا عن يتيمين كان أبوهما المتوفى صالحا : (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَن يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا ) الكهف 82 ). أى أن يبلغا مبلغ الشباب والأشُدّ فيستخرجا كنزهما . بلوغ الانسان ( أشُدّه ) يعنى قدرته على مسئولية الزواج ، أى يعنى (بلوغه النكاح ) ، وقبلها فى مرحلة الطفولة لا يجوز للطفل النكاح ، ذكرا كان أو أنثى .
قال : هل تعنى أن مرحلة الطفولة تختلف عن مرحلة ( بلوغ النكاح ) .
قلت : بالتأكيد ، وهذا ما تكرر فى القرآن الكريم . يقول جل وعلا : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ۖ مِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰ أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِن بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا ۚ ) الحج 5 ) . يخرج الانسان من بطن أمه طفلا ، وبعد الطفولة يبلغ أشُدّه ، هذه هى المرحلة الثانية ، ثم يدخل الشيخوخة ، وهى المرحلة الثالثة . هذا أيضا جاء فى قوله جل وعلا : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا ۚ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ مِن قَبْلُ ۖ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) غافر67 ). أى للإنسان مرحلة ضعف ، وهى الطفولة ، ثم يبلغ مرحلة النكاح والقوة والأشُدّ ، ثم تتبعها مرحلة الضعف والمشيب والشيخوخة . يقول جل وعلا : (هُو الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً ۚ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ ) الروم 54 ) .
وفى كل هذا فمرحلة الطفولة هي التي تسبق مرحلة ( بلوغ النكاح ).
قال : أراك تستشهد بآيات كريمة واضحة المعنى فعلا . فلماذا لم تأت آية واضحة تُحرم نكاح الأطفال ؟
قلت : القرآن الكريم نزل يعترف بالعُرف أو المعروف ، أى المتعارف على أنه عدل وليس ظلما ، يقول جل وعلا (خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ (199) الأعراف). ونجد للعُرف أو المعروف جانبا هاما فى تشريعات الأحوال الشخصية من زواج وطلاق وما يتعلق بهما ، يقول جل وعلا عن صداق ملك اليمين وانه بالمعروف : ( وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) النساء 25 )، ويقول جل وعلا عن زواج الأرملة بعد تمام عدتها ( فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) (234) البقرة ) ، فالمعروف هنا يعنى الزواج الشرعي .ونفس المعنى فى قوله جل وعلا عن حق الأرملة فى البقاء فى بيت زوجها المتوفى وخروجها منه لتتزوج : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ )(240) البقرة ) ، وأيضا يقول جل وعلا فى تحريم ( العضل ) وهو منع المرأة المطلقة من الزواج :
( وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ )(232) البقرة ).
قال : وما صلة هذا المعروف أو ( العُرف ) بتحريم نكاح الأطفال ؟
قلت : يعنى أنه كان معروفا عدم نكاح الأطفال . لذا لم يأت النهى الصريح عنه ، لأنه أمر معروف ، ولأن القرآن الكريم ليس كتابا فى الثرثرة ، بل هو قول فصل وما هو بالهزل ( الطارق 13 : 14 ).
قال : هل كانت هناك ممارسات في الزواج
( المعروف ) نزل تشريع القرآن فى تصحيحها
قلت : نعم : المحرمات في الزواج وفرضية الصداق ( النساء 22 :24 ) وحقوق الزوجة المطلقة ، والعدة وحضانة الأطفال ورضاعتهم، وهى آيات كثيرة. ويقول جل وعلا عن يتامى النساء ، اى الفتاة اليتيمة التى تكون فى وصاية قريب لها ويريد زواجها : ( وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللاَّتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً (127) النساء ). هنا الأمر بالقسط في التعامل مع اليتامى ذكورا وإناثا. ومن الظلم المحرم نكاح الطفلة القاصر في كل الأحوال .
قال : هناك مشكلة : أن في المحرمات من النساء فى سورة النساء ( 22 : 24 ) لم يرد فيها تحريم نكاح الطفلة.بل ورد فيه ٌوله جل وعلا : (وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ۚ )( النساء 24 ). هذا يعنى أنه خارج المحرمات فى النكاح كل النساء حلال لمن أراد الزواج بما فيهن الطفلة . وإلا كان رب العزة قد ذكر الطفلة ضمن المحرمات .
قلت : أنت لم تقرأ الآية جيدا . الله جل وعلا يقول : (وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ۚ ) يعنى النكاح بالإحصان بدون
( سفاح ) أو بالتعبير القرآني (غَيْرَ مُسَافِحِينَ ۚ ). والسفاح فى المصطلح القرآني يعنى الزنا بأجر ، أى الزنا بالعواهر المحترفات . وليس لهذا علاقة بالطفلة . ثم إن رب العزة يحرّم على المؤمنين زواج الزانية والزاني ، ومفهوم أنه للبالغين من الذكور والاناث ، وليس الأطفال ، يقول جل وعلا : (الزَّانِي لَا يَنكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ۚ وَحُرِّمَ ذَٰلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) النور 3 ). وهذا تأسيسا على التصريح بالنكاح بالمحصنات العفيفات وابتغاء الزواج بلا سفاح طبقا لقوله جل وعلا : (وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَٰلِكُمْ أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ۚ )
قال : هل هناك تشريعات خاصة بالأطفال ذكورا وإناثا تجعلهم مختلفين عنهم عندما يبلغون الحُلُم ؟
قلت : نعم . يقول جل وعلا فى وجوب أن يستأذن الأطفال قبل الدخول على البالغين من الوالدين والأخوة : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمْ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنْ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ الآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58) النور ) بعد بلوغهم ( الحُلُم ) اى ( بلوغ النكاح ) عليهم التصرف كالبالغين من الرجل والنساء فى الاستئذان فى كل الأوقات : ( وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمْ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59) النور ). يأتى هذا التشريع مراعاة للطفولة وبراءتها .
قال : هل لديك أقوال أخرى ؟
قلت : نعم . أرجو أن تتدبر قوله جل وعلا : ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا (3) وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً (4) وَلا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمْ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلاً مَعْرُوفاً (5) وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً (6) النساء ). فى الاية رقم 3 التشجيع على تزويج الأرملة نوعا من القسط مع أولادها الأيتام . وهنا مقابلة بين الأطفال الأيتام و ( النساء ). للأيتام القسط أما النكاح فهو ( للنساء ) . الآية رقم 4 عن مهور ( النساء ) . الآية رقم 5 : تمنع إعطاء السفهاء المال . الآية رقم 7 : عن إختبار اليتامى ذكورا وإناثا إذا بلغوا النكاح فإذا لم يكونوا سفهاء تولوا مسئولية أموالهم . هنا يبدو الفارق بين الطفل والبالغ مرحلة النكاح فى موضوع النكاح . ومراجعة الآيات توضح أن
( النساء ) الصالحات للنكاح فى هذا السياق هنّ مقابل الطفولة التى تحتاج للقسط والرعاية
قال : سؤال أخير : لماذا يقول فقهاء السلفية هذه الفتاوى المُنافية للفطرة والذوق ؟ ولماذا كل هذا التركيز على العلاقات الجنسية وفقه النصف الأسفل ؟
قلت : هم مرضى بالجنس ولديهم ولع بالمرأة ، يلعنونها ويشتهونها ويحملونها
( عورة ) بين سيقانهم ، ولا يرون فيها
( الانسان ) بل يرونها جسدا للفراش. وقد وضعوا هذا الجسد فى مرمى فتاويهم ، وأصدروا فتاوى تعبر عن انحطاطهم وشذوذهم الفكري والخلقي . ومنها ما يتواتر فى الانترنت عن فتاويهم فى جهاد المناكحة والتصريح للمجاهد بالزنا بأمه وأخته .. فتاوى يهون الى جانبها روايات التراث القديمة عن رضاعة الكبير وخنان البنات وخرافة الزواج بعائشة وهى طفلة . فقهاء الوهابية فى عصرنا البائس وصلوا إلى درك انحطاط غير مسبوق . والمُفجع أنهم ينسبون أنفسهم إلى الإسلام .!
قال : وكيف التعامل مع هؤلاء الفقهاء الوهابيين السلفيين ؟
قلت : تحويلهم فورا إلى أقرب مستشفى لعلاج الحمير ..!
--------------
د. أحمد صبحي منصور
من علماء الأزهر سابقا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.