رياض عبدالله الزهراني منذ اندلاع الأزمة السورية التي فجر شرارتها أطفال درعا وروسيا تقف بقوة مع النظام السوري كإيران بل اشد خصوصاً وإن روسيا تمتلك حق النقض الفيتو بمجلس الأمن كالصين تماماً , روسيا بالواجهة لأنها تحاول فرض قوتها كدولة عظمى على مختلف الملفات وتسعى لتنفيذ خطتها في العودة إلى عصر القوة عبر فرض هيبتها العسكرية والدبلوماسية لتضمن مصالحها الاستراتيجية بسوريا التي هي في نظر الروس بوابتها إلى العالم العربي بعد سقوط حلفاءها بليبيا واليمن . التصعيد العسكري الروسي الأخير بسوريا جاء بعد أن فشلت روسيا في إقناع السعودية وأمريكيا بمقترحاتها تجاه الأزمة السورية والمتضمنة بقاء الأسد لفترة انتقالية مؤقتة فالتصعيد العسكري الروسي لا يٌفهم منه سوى الضغط على أمريكا والسعودية وبقية البلدان الواقفة بصف الشعب السوري والتي لا ترى حلولاً في ظل وجود الأسد ونظامه , المشاورات والمفاوضات بين موسكووالرياض وواشنطن وصلت لطريق مسدود ولم تٌفلح زيارة رجل النظام ورأسه الأمني علي مملوك إلى جده في يوليو / تموز الماضي في إزاحة العراقيل كذلك لم تٌشفع اللقاءات الجانبية بين وزراء خارجية مجلس التعاون مع نظيرهم الأمريكي واللقاء الجانبي بموسكو بين وزير الخارجية السعودي والروسي في التوصل إلى نقاط اتفاق فكل اللقاءات والزيارات وصلت لطريق مسدود بين طرفين الأول روسي إيراني مع حلفاء وشركاء يرون ضرورة بقاء الأسد ولو مؤقتاً وإجراء انتخابات ومصالحة وطنية والطرف الثاني لا يرون في بقاء الأسد ونظامه حلاً للأزمة فالأسد ونظامه سقطوا أخلاقياً ومن المستحيل القبول بهم على أرض الواقع فالحل السياسي للأزمة لابد أن ينطلق من استبعاد الأسد ونظامه من سدة الحكم والسلطة وإعادة المهجرين والمشردين و اعمار الدمار ومكافحة المتطرفين والمساهمة في ولادة سلطة مدنية يشارك فيها الشعب السوري بكافة أطيافه وهذا ما تؤيده الرياض بقوة وتسعى لفرضه لإنهاء أزمة أحدثت صراعات طائفية وأفرزت ملفات معقدة على خارطة العالم العربي . سقوط النظام السوري الحالي " نظام الأسد " يعني خروج روسيا من سوريا ويعني أيضاً في نظر روسيا تمدد الحركات الإسلاموية التي قد تشكل تهديداً مباشراً لروسيا في محيطها الجوستراتيجي ذو الغالبية الإسلامية التي ليست على وفاق كامل مع روسيا وسياستها الإقليمية والدولية , الخطة " ب " التي بيد النظام السوري وحلفاءه من قوى وحركات وجماعات مسلحة تهدف إلى تقسيم سوريا على أسس طائفية وعرقية ومذهبية وروسيا لا تٌريد لتلك الخطة أن ترى النور لأنها ستفقد مناطق وستدخل في عملية بناء علاقات معقدة فهي تٌريد سوريا بالأسد ولو مؤقتاً حتى تضمن مصالحها مع الرئيس القادم إلى قصر تشرين , بغض النظر عن مواقف روسيا وإيران ومصالحهما الجيوستراتيجية هناك حقيقية تاريخية وهي منذ العام 1963م والرئيس السوري لم يكن رئيساً بدعم شعبي بل كان رئيساً بقوة الأمر الواقع وتسلط أجهزة المخابرات والأمن فلم يكن في يومٍ من الأيام رئيساً بالتوافق أو بالأغلبية الانتخابية الشفافة أو رئيساً بالاقتراع المباشر ذو الفترة الرئاسية المحددة , الرئيس السوري بشار الأسد طبيب العيون الأعمى أصبح ورقة تفاوضية بيد الإيرانيين والروس فقد وضع نفسه بهذا المأزق منذ اليوم الأول لانطلاقة عاصفة الربيع العربي فأختار الحلول الأمنية على حساب الحلول الشرعية الشعبية الإصلاحية فتحالف مع حركات وقوى وجماعات وأحزاب وفتح بلاده أمام تلك القوى المسلحة المدعية الثورية والتي في الحقيقة عبارة عن مجموعات من المرتزقة وتحالف مع أحزاب عراقية وإيرانية ولبنانية لها تاريخٌ طويل في البشاعة والدموية والطائفية والمذهبية وتحالف مع الإرهابيين المحسوبين على السنة الأغلبية الساحقة بسوريا في محاولة منه للاحتفاظ بحصته في حال تطبيق الخطة " ب " و إرسال رسائل للخارج بأنه أفضل حالاً من أولئك القطعان البشرية الذين يقتلون الثوار ويستهدفون المدن والضواحي بغطاء جوي يسير رحلاته النظام ؟!. الفراغ والانقسام العربي حول سوريا والموقف الأمريكي المتفرج وترك الملف لعبة ووسيلة للاستقطاب السياسي والفكري عوامل حولت سوريا لبلدٍ ممزق وما تصعيد روسيا العسكري الأخير إلا لضمان مصالحها وملء فراغ كبير بأرض كانت تٌسمى قلب العروبة النابض وجوهرة الشرق وريحانته وتاريخه العريق ؟