أتاحت الثورات العربية أوضاعاً جديدة يمكن لمنظمات المجتمع المدنى التحرك من خلالها والتعامل مع مشكلات المجتمع، واستحدثت آليات جديدة يمكن من خلاله تفعيل العمل المجتمعى، كما تغيرت ملامح المجتمع بما يسمح لها بالقيام بمختلف الأنشطة بحرية وفاعلية بعيدا عن التدخلات الأمنية التى كانت سائدة من قبل. ولقد عانى المجتمع المدني العربى ومازل من ضعف يرجع لعدة أسباب يأتى فى مقدمتها الاتهام بالخيانة والعمالة مع الخارج، والتضييق على أنشطته ومصادر التمويل له، والملاحقات الأمنية لأعضائه، بالإضافة لضعف ثقافة العمل التطوعى، وغيرها من معوقات تمثل تحديا أمام المجتمع المدنى ليلعب دوره المأمول فى المجتمع والحياة العامة. والمجتمع المدنى في كل دول العالم ضرورة لا غنى عنه، ويتسع نشاطه ليشمل المجتمع كله كلما اتسعت مساحة الديمقراطية والحرية في المجتمع. ويعتبر المجتمع المدنى قاعدة مثلث التنمية في أي دولة، حيث تمثل الدولة الضلع الرئيسي في التنمية، ويمثل القطاع الخاص ورجال الأعمال الضلع الأخر، بينما يمثل المجتمع المدنى قاعدة مثلث التنمية. ويعمل المجتمع المدني على سد الفجوة التى تعجز كل من الدولة والقطاع الخاص ورجال الأعمال عن تحقيقها، حيث يقوم المجتمع المدني بكل منظماته بسد الفجوة وملأ الفراغ الذي تنسحب منه الدولة أو القطاع الخاص في مجالات عديدة كالصحة والتعليم والخدمات الأجتماعية والثقافية والصحية والنعليمية وغيرها. ويلعب المجتمع المدنى دورا فعالا ومؤثرا فى التحول الديمقراطى، فهو الأداة والوسيلة التى تجعل الديمقراطية "حقيقة" للناس من خلال حملات التوعية السياسية والمجتمعية والتعبئة العامة والتثقيف والعمل المستمر على توسيع قاعدة المشاركة فى المجال العام. ويعمل كذلك على محاولة دمج المجموعات المهمشة والمستبعدة وتفعيل حملات الدعوة وكسب الرأي والتأييد ومناصرة المطالب المجتمعية.. كذلك يلعب المجتمع المدنى دور الوسيط فى حل ومنع النزاعات. ولا يمكن أن نغفل ايضاً دوره فى التنمية البشرية وحماية المصادر الطبيعية، فالمجتمع المدنى بمثابة مختبر للابتكار الاجتماعى وتشجيع المجدين والمخترعين والمبادرين. وفى الدول الديمقراطية نجد دورا فعالا ومحوريا لمنظمات المجتمع المدنى فى الحياة العامة وفى المجال السياسى حيث تمثل وسيلة ضغط على صانع القرار السياسى، وتعمل على طرح رؤى وأفكار حول السياسات العامة التى ترتبط بمجال عملها. ولكى ينهض المجتمع المدنى ويقوم بدور فعال وقوى فى ظل الأوضاع العربية الجديدة، وفي ظل الربيع العربي للثورات، فعلي منظمات المجتمع المدنى القيام بدور أساسى خلال هذه المرحلة التى تعد بمثابة عنق الزجاجة.. وهذا الدور يتركز فى التوعية الانتخابية والتثقيف السياسي وتشجيع المواطنين للتوجه للتصويت، كذلك القيام برصد ومراقبة الانتخابات العامة، وانتخابات الأحزاب السياسية، والنقابات المهنية والعمالية، والأندية الاجتماعية والرياضية، والجمعيات الأهلية، وغيرها من مؤسسات التنشئة السياسية. وعلى منظمات المجتمع المدنى أن تكون أداة يمكن من خلالها إرساء قيم ومفاهيم الديمقراطية والمواطنة والأفكار المدنية ومفاهيم وقيم الحرية والعدالة والمشاركة المجتمعية بين أبناء الوطن، كما يجب بناء تحالفات بين مختلف منظمات المجتمع المدنى على كافة المستويات ومن مختلف المواقع حتى تستطيع ان تنجز عملا حقيقيا وفعالا على أرض الواقع لخدمة المواطنين. حسن الشامي رئيس الجمعية المصرية للتنمية العلمية والتكنولوجية [email protected]