من المعلوم لدى الكثير من المتابعين للثورة اليمنية، أنها منذ قيامها وإلى يومنا هذا، وهي ترفع شعار «سلمية»، ويظهر هذا جلياً من خلال الصور التي تأتينا تباعاً عبر وسائل الإعلام المتابعة للشأن اليمني. تقدم حكام الخليج، مشكورين، بعدة مبادرات ليخرجوا اليمن من أزمته الراهنة، إلا أنها قوبلت بالرفض من قبل الرئيس، غير الشرعي للبلاد، والذي حكم فيما لا يملك، وتصرف فيما ليس من حقه، وفي كل مرة يتهرب من التوقيع عليها بحجج واهية، لا تسمن ولا تغني من جوع، لأنه لا يريد أن يترك السلطة، وكأنها أصبحت حكراً عليه وعلى أبنائه، وكأن أبناء اليمن ليس فيهم من يصلح لهذا المنصب. حاول صالح أكثر من مرة أن يحوِّل مسار الثورة من سلمية إلى حرب أهلية، ولكن لفطنة الثوار، الذين لم يجمعهم حزب ولا أي انتماءات سياسية أو إسلامية، إلا حب الوطن، لم ينجح في مسعاه، لأنهم يعلمون جيداً خطورة الموقف، ولا يريدون أن يكشر اليمن السعيد عن أنيابه. رغم أن تحرك المجتمع الدولي كان بطيئاً، ولم يلب طموحات أبناء اليمن، إلا أننا كنا ننتظر دوراً أكبر من جامعة الدول العربية، التي وللأسف الشديد لم تقم بواجبها مع أبناء اليمن، بل إنها خذلتهم. كلما استخدم الرئيس اليمني قمعه وسطوته وجبروته مع الثوار، كلما زاد تعاطف الجماهير وعدد الثوار، حتى إنه انشق كثير من أبناء الجيش الشرفاء عنه، وانضموا لصفوف الثوار، لأنهم وجدوا أنهم على حق ويعملون لصالح اليمن. منذ بداية الثورة إلى يومنا هذا، وكل يوم يسير باليمن السعيد إلى الأسوأ، لأن السلطة مازالت في يد أبناء صالح، حتى إنهم أغلقوا محطات البترول، مما نتج عنه بطبيعة الحال ارتفاع الأسعار بصورة جنونية، وقاموا بقطع الكهرباء والمياه عن كثير من المناطق الثائرة، ليضغطوا على أهلها، بل زاد الطين بلة عندما زادوا من قمعهم، ومات جراء ذلك الكثير والكثير، ناهيك عن الجرحى الذين تعدى عددهم المئات. ليس بخافياً عنا أنه لا يخلو بيت من البيوتات اليمنية من السلاح، فكل أبناء اليمن مسلحون، لأنهم قبائل وعشائر، وامتلاك السلاح عندهم يعتبر شيئاً عادياً، ناهيك عن قادة الجيش والأمن المنشقين، والذين انضموا للثوار، ومع ذلك لم يحاولوا أن يدخلوا اليمن في حرب أهلية، لأنهم لا يريدون أن تفقد اليمن أبناءها، ويحاولون قدر استطاعتهم أن يحصلوا على طلباتهم المشروعة دون إراقة للدماء، مما جعل أبناء صالح، يستغلون هذه النقطة، ويعتبرونها نقطة ضعف الثوار، ويستخدمون معهم القوة المفرطة، ناسين أنهم إخوانهم وأبناء عمومتهم، لكنها دناءة النفس التي ترمي بصاحبها إلى المهالك من أجل كرسي زائل. ليس ببعيد عنا ما حدث صباح يوم الاثنين 19/9، وما بعده، من تهجم قوات الأمن والقناصة على الثوار في صنعاء وتعز، والذي نتج عنه مقتل 60 مدنياً وجرح المئات، ومازالت الأمور في تصعيد، لأن الثوار لن يتركوا الأمر يمر مرور الكرام، ونحن حذرنا من هذا التصعيد سابقاً، ولا نريد أن يستخدم الثوار قوتهم رداً على استخدام الأمن والبلطجية الأسلحة الثقيلة في قمعهم. مجلس الأمن، الذي يعد اليمن من أبرز أعضائه، لم ينبس ببنت شفة، وكأن الأمر لا يخصه لا من قريب أو من بعيد، والمجتمع الدولي ينظر متفرجاً إلى أي كفة ترجح، على الرغم من أنه يعلم يقيناً أن الغلبة ستكون للثوار، لأنهم على حق، ومع ذلك لم يتخذ قراراً يدين صالح، حتى المحكمة الدولية، لم يخرج مدعيها العام ليدين صالح على جرائمه مع شعبه، وكأن ما يفعله بأبناء وطنه هو حق مشروع. أملنا الوحيد في القادة العرب، وجمعيات حقوق الإنسان في شتى أنحاء المعمورة، أن يمارسوا حقهم، ويضغطوا على صالح وأبنائه ليرحلوا عن المشهد السياسي، ويتركوا اليمن لأبنائه ليقرروا مصيرهم بأنفسهم. محمد أحمد عزوز كاتب مصري