هى لاترى .. وهو لا يسمع ولا يتكلم .. عندما رآها لأول مرة .. أحس أنه رآها من قبل !! .. متى ؟.. وأين ..؟ لايدرى .. حاول الاقتراب منها .. فهى تجلس وحدها فى سكون .. على مقعد خشبى .. وبجوارها عصى بيضاء .. تحت أشجار البوانسيانا الكثيفة .. والتى تحجب أشعة الشمس .. اقترب أكثر .. وجلس بجانبها .. فأحست به .. وسألت من هناك ؟.. رآها تكلمه .. حاول أن يشير اليها بيديه .. ولكنه تأكد أنها لا ترى .. ماذا يفعل ..؟؟ .. لكى تطمئن .. واذا بها ترفع يدها لتمسك بعصاها .. فترتطم يدها بيده .. فى حركة سريعة .. ليقفا معا .. فاقترب وجه كل منهما للآخر .. وأحس كلاهما بأنفاس الآخر .. فسألته مرة أخرى .. من أنت ؟؟.. وماذا تريد منى ..؟؟ أتعرفنى ..؟ لم تسمع ردا .. سوى همهمه وأحست بيديه تتحرك .. ففهمت أنه لايتكلم .. فوضعت يدها على فمها .. فوضع يديه على أذنيها .. فتأكدت أنه لا يسمع ولا يتكلم .. ولكنها قالت احس اننى أعرفك ..!! فأشارت له بيدها فى محاولة منها .. ليعرف ماذا تقصد ..؟؟ ولكنها استدارت .. لتتركه وتمضى .. فشد على يدها برفق .. فى حركة توحى بالانتظار .. فأخرج ورقة وقلم من جيبه .. وكتب عليها .. ( رأيتك اليوم .. ولكنها لم تكن المرة الأولى ..لأنى رأيتك دوما .. فى يقظتى ونومى وأحلامى .. فأنت تسكنين .. فى نبضى .. وبين ضلوعى .. وفى أعماقى .. انتظرتك طويلا .. وها أنت هنا أمامى .. لا ترحلى .. وتفارقينى .. سوف انتظرك .. فى الغد .. فى نفس المكان .. ومن هذه اللحظة .. حتى أراك .. ستتوقف أنفاسى .. وستذهب روحى معك .. حتى تعود معك .. الى اللقاء ..) ووضع الورقة فى يدها .. فعلى وجهها ابتسامة لطيفة .. توحى بالارتياح والطمأنينة .. ثم ذهبت .. فأخذ يلاحقها بعينيه .. حتى اختفت عن الأنظار .. ذهبت ولكنها تركت معه .. أشياء كثيرة .. لم تعد معها .. وكأن قلبها ما عاد ينبض .. فقلبها هناك معه .. أحست لأول مرة .. أنها تائهة .. لا تعرف طريقا للعودة الى بيتها .. كانت تتمنى لو أنها ترى لكى تقرأ ما كتبه لها .. لكنها أحست بكلماته .. وأحست بمشاعره .. فهى نفس المشاعر التى انتابتها .. وأحست بشىء يشدها الى الوراء .. للعودة الى نفس المكان .. وعندما قررت ذلك .. تمنت أن يكون مازال هناك .. ومن لهفتها أسرعت الخطى واذا بها ترتطم بشخص .. فوجئت بأنه .. هو .. لم يستطع أن تغيب عنه مرة ثانية .. فتبع خطاها .. حتى تلاقى معا .. وأمسك يدها بقوة .. ليشعرها .. بأنه لن يتركها أبدا .. فرأى دموعها تنهمر .. نظر الى عينيها فوجدها .. تفيض حبا وطهرا .. ومضي سويا .. فكل منهما وجد الآخر .. .. أنصاف الأرواح تلاقت .. لتصبح روحا واحدة .. تبقى للأبد .. ما الذى جمع بينهما ..؟؟ وكل منهما فى عالم آخر .. ولكنها الأرواح .. وحديث الأرواح .. حديث .. لا يعرف كلمات ولا نظرات .. فهى لاترى .. ولكنها رأته بروحها .. وهو لا يسمع ولا يتكلم .. ولكنه سمعها وحدثها بروحه .. بينهما تاريخ روحانى قديم .. فتآلف الأرواح .. سر لا يعلمه الا الله سبحانه وتعالى .. فيض من الروح .. سرى فى أعماقهم .. ليشعرهم بالحب الأبدى .. ويعزفا معا معزوفة .. لن يشعر بها أحد سواهم .. لتكون .. سوناتا الروح والحب
