لا خلاف علي أن ما تشهده مصر حاليا من حرية الرأي في وسائل الأعلام المختلفة وكذلك علي المستوي الحياتي والفعلي للمواطنين حدث غير مسبوق .حرية لم يعيشها ا الشعب او الأعلام من قبل . فقبل ثورة 25 يناير المجيدة كنا نسمع عن حرية الرأي في كتب الحكايات وكانت الحريات ماهي الا ديكور استخدمه النظام لتجميل وجهه القبيح. فكانت الحرية تستخدم فقط في الأشياء التي تصب في مصلحتهم بقصد تلميع النظام بشكل يوهم المجتمع انه يسمح بالحريات ويدافع عنها وهو ابعد ما يكون عن ذلك. فالحرية التي كان يتبناها النظام البائد هي حرية مقنعه او اذا جاز التعبير انها حرية مكبله بالقيود!لأول مره في تاريخ مصر القديم والمعاصر تستطيع أن تقول رأيك وتعبر عن وجهة نظرك بحرية وأنت أمن علي نفسك وبيتك من زوار الفجر وزبانية أمن الدولة. وهذا خلق نوع من الثقة في النفس والإحساس بالذات والآدمية لدي المواطن المصري وكلها صفات تم اكتسابها بفضل ثورتنا العظيمة.لكن كما يقال في الأمثال الشعبية الحلو لا يكتمل ؟! فما نراه الأن من اساءه استخدامالحرية يسئ لنا كأصحاب اعرق حضارة عرفها التاريخ .فقد تخطي البعض مرحلة الحرية بل قفز من مرحلة الحرية الي مرحلة البجاحة واساءة الأدب. فقد استغل مناخ الحرية السائد الأن في تحويل الحرية الي سهام جارحة تخترق حياة الأخرين وتنتهك اعراضهم وخصوصيتهم فأصبحت الحرية سكين يذبح به الشعب بعضة بعضا دون مرعاه للأصولاو اداب وأخلاقيات ودين جعل البعض من الحرية رصاصات تطلق لقتل الأخرين بدون رحمةوباتت الحرية تجريح وتشهير وانتهاك لحريات الغير.استغلال خاطئ وسيئ للحريات قد يعود السبب في ذلك اننا حديثي العهد بالحريات والتعبير عن الرأي. نهيك عن ما نشاهده في الفضائيات من وصلات سب وقذف وهجوم وتجريح والفاظ بذيئة تخدش الحياء العام يتم ذلك تحت مسمي حرية التعبير والرأيدون أدني مسئولية ان ما يحدث علي شاشة التليفزيون في هذه البرامج الحوارية يسئ لمصر وللشعب ويعطي انطباع للعالم عن اسلوبنا الغير متحضر .ليست هذه الحرية التي كنا ننشدها ونطالب بها ليست هذه الحرية احد أضلاع مثلث مطالب الثورة التي خرجنا من اجلها( ديمقراطية. حرية. عدالة اجتماعية)للحرية حدود واخلاقيات وأدبيات ولها أصول يجب أن نتعلمها اولا . لابأس ان تتكلم وتعبر بحرية لكن أسأل نفسك اولا هل تتقبل الإساءة باسم حرية التعبير؟ هل تتقبل ان تتحول الحرية الي سكين يمزق انسانيتك وانسانية الأخرين؟فأذا كانت الإجابة لا اذا لاتقبل علي الأخرين ما لا تقبله علي نفسك وهذا ايضا من تعاليم اسلامنا الحنيف بل من تعاليم كل الأديان السماوية .قمة الحرية أن تحترم الأخرين وقمة الديمقراطية ان تحترم رأي الأخرين وقمة الرقي والتحضر ان تتقبل الأخر كما هو وتتعايش معه في بيئة انسانية صالحة لبناء وطن يسوده السلام .حرية الرأي مكفوله للجميع. والحفاظ علي مشاعر الأخرين أيضا حق مكفول للجميع . فحافظ علي مشاعر غيرك عند ابداء رأيك أنقد لكن بأدب . تكلم بحرية ولا تجامل وكن صريح لكن بدون تجريح . فلا تعتقد انك ستكون كبيرا عندما يتحول رأيك الي هجوم وتجريح بل ستكون صغيرا في نظر الأخرين وستثبت ان لديك مركب نقص تخرجه علي هيئة هجوم وتجريح للأخرين باسم الحرية.استغلال مناخ الحرية السائد يجب ان يكون بشكل بناء. حرية بدون اخلاق تحكمها تصبح نقمة . فليكن ضمير كل منا هو الكنترول الذي يتحكم في حرياتنا وافعالنا وابداء الرأي والنقد فلا يجب ان تكون الحرية ستار لذوي النفوس الخبيثة التي تريد للبلد الإنهيار وعدم الإستقرار استغلال هذه الحرية في أثارة الفتن والمشاكل بين أطياف الشعب.الحرية نعمة اكتسبنها بفضل المولي عز وجل وبفضل ثورتنا العظيمة فهي هبة الشهداء لنا فوجب علينا استغلال هذه الحرية لتكون أداة بناء وليست هدم وتخريباذا اردنا فلنتعلم اولا اخلاقيات الحرية حتي نمارس الحرية بالشكل الصحيح والراقي الذي يبهر العالم كما أبهرناهم بثورتنا . نحن في مرحلة التعلم والبناء فيجب الحفاظ علي مكتسبات ثورتنا ولا نحول حريتنا الي نقمة قد تفسد فرحتنا وثورتنا. وتقضي علي الأخضر واليابس؟!