وزير الأوقاف: توجهى للإمام «الطيب» غرضه الاصطفاف وراء «الأزهر»    عاجل - أول تحرك رسمي ل سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه في 10 بنوك بعد قرار تثبيت أسعار الفائدة    4 أيام.. موعد صرف مرتبات شهر سبتمبر 2024 بعد قرار وزارة المالية وحقيقة الزيادة الجديدة    بعد تعرضه لوعكة.. هل تحسنت الحالة الصحية ل إيهاب جلال؟    أسعار اللحوم اليوم الإثنين 9-9-2024 في المنيا    إعلام أوكراني: سماع دوي سلسلة انفجارات في كييف    رئيس البرلمان العربي يهنئ الرئيس تبون بإعادة انتخابه    "أكسيوس": تقرير للكونجرس يتهم القائم بأعمال السفير الأمريكي في أفغانستان بالتزوير    مستشار سابق بالبنتاجون: الهجوم الروسي في بولتافا كان أكبر خسارة للقوات الأوكرانية    المغرب.. لجان تفتيش مركزية تدقق في ثراء فاحش لموظفين صغار    أسعار الأسمنت اليوم الإثنين 9-9-2024 في محافظة المنيا    «شكرًا على النصيحة».. بوبيندزا يثير الجدل بظهور جديد مع والد أوباميانج    كريم حسن شحاتة يكشف مفاجأة: جوميز رفض صفقة الزمالك الجديدة    صدق أو لا تصدق| منتخب مصر يصل غابورون قبل بوتسوانا صاحبة الأرض    بحوزتهم 30 فرش حشيش.. ضبط 3 تجار مخدرات في قنا    ما حكم إساءة الزوج لزوجته.. دار الإفتاء تجيب    هيئة الدواء تشارك في حلقة نقاشية عن مواد الخام الصيدلانية بمعرض فارماكونيكس    الأرصاد تحذر من طقس الساعات المقبلة    برج الميزان حظك اليوم الاثنين 9 سبتمبر 2024: حفل زفاف ينتظرك    كرارة والعوضي والكدواني وعمرو يوسف في عزاء والد طارق الجنايني    نجل فؤاد المهندس ل«بين السطور»: عشق الكوميديا منذ صغره.. وكان زملكاويا متعصبا    بعثة منتخب مصر تصل بتسوانا    استشاري جهاز هضمي: الدولة بذلت مجهودات جبارة للقضاء على فيروس سي    مودريتش: سأعتزل فقط في هذه الحالة    فرنسا ضد بلجيكا.. جدول مواعيد مباريات اليوم الإثنين 9 سبتمبر    نائب محافظ البحيرة يقود حملة مكبرة لإزالة التعديات على أملاك الدولة بدمنهور    أول تعليق من وزارة الدفاع السورية على غارات الاحتلال.. ماذا قالت؟    السيطرة على حريق في منزل بالكيلو 17 بالإسماعيلية    موعد بدء العام الدراسي الجديد بالمدارس الرسمية والخاصة والدولية    تموين المنوفية: ضبط وإعدام 3 أطنان مواد غذائية فاسدة وتحرير 40 محضرا    محافظ البحيرة تفتتح معرض «أهلاً مدارس» بكفر الدوار بتخفيضات 30%    الآن.. تنسيق المرحلة الثالثة 2024.. الموعد الرسمي لتسجيل الرغبات عبر الرابط المعتمد    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2024 بعد قرار مجلس الوزراء (7 أيام عطلة في سبتمبر مدفوعة الأجر)    بعد 12 عاما من عرضه.. أنوشكا تكشف عن مفاجأة لها مع عادل إمام قبل تصوير «فرقة ناجي عطا الله» (فيديو)    مدير مركز "عدالة ": استثناء التيار الإسلامي من قوائم المخلى سبيلهم يؤكد تسييس القضاء    تنسيق المرحلة الثالثة.. موعد وخطوات تسجيل الرغبات على موقع التنسيق    وكيل صحة القليوبية يتفقد إدارتي طوخ وشبين القناطر ويحيل المتغيبين للتحقيق    المدن الجامعية بطنطا جاهزة لاستقبال الطلاب في بداية العام الدراسي    رئيس جامعة دمنهور يشهد ختام النسخة الثانية من دورة إعداد المدربين T.O.T    محافظ دمياط يستقبل نائب رئيس بعثة أندونيسيا بالقاهرة لبحث التعاون    اليوم| الحكم على شريكة سفاح التجمع المتهمة باستقطاب الفتيات    شارك صحافة من وإلى المواطن    طلاب جامعة القناة يؤدون امتحانات الفصل الصيفي    تعرف على سعر الفراخ البيضاء وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الإثنين 9 سبتمبر 2024    حدث بالفن| الموت يفجع أيمن بهجت قمر وفنانة تستئصل المرارة وأخرى تدعم شيرين    أبو تريكة يطمئن الجماهير في أحدث ظهور له بعد إجراء العملية الجراحة (صور وفيديو)    ننشر أسماء ضحايا بالوعات الصرف الصحي بأطفيح    إسبانيا تكتسح سويسرا برباعية في دوري الأمم الأوروبية    موعد طرح آيفون 16 iphone في سلطنة عمان    د.حماد عبدالله يكتب: عاصمة جمهورية مصر العربية "القاهرة"!!    متحدث الصحة: ضخ أكثر من 271 صنف من الأدوية خلال أسبوع    هيئة الدواء تشارك في حلقة نقاشية عن مواد الخام الصيدلانية بمعرض فارماكونيكس    علماء الصومال يجددون استنكارهم للاعتداءات الإثيوبية    «الإفتاء»: النبي كان يحتفل بمولده بصيام يوم الاثنين    الاتحاد الأوروبي يدرس حظر أموال مخصصة لسلوفاكيا بسبب التراجع الديمقراطي    أكلات غنية بالمكملات الغذائية ضرورية لصحة العين    رسميًا.. موعد إجازة المولد النبوي 2024 في مصر (مدفوعة الآجر للقطاع الحكومي والخاص)    أمين الفتوى يوضح مدى جواز أن تمتنع الزوجة عن زوجها بسبب تدخينه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ممدوح أحمد فؤاد حسين : قميص عثمان ودم الشهداء
نشر في شباب مصر يوم 14 - 07 - 2011

لأنه لا وزن لهم في الشارع السياسي وقيمتهم في ميزان الديمقراطية صفر كبير.
هذا ليس رأي شخصي، ولا قول مرسل، بل هو ما أفصحت عنه نتائج أول انتخابات بعد ثورة 25 يناير المجيدة (انتخابات نقابة الصيادلة)، فقد حصد الإخوان المسلمين 80% من المقاعد، والمستقلين 19% وفلول الحزب الوطني المنحل 1%.
فأين الأحزاب – قديمها وجديدها - ؟ وأين العلمانيين والليبراليين؟ أين النخبة؟ أين نجوم الفضائيات وبرامج التوك شو؟ أين الائتلافات؟
إنهم صفر كصفر المونديال.
لذلك فهم يستميتون في عرقلة البناء الديمقراطي, حتى لا ينفضح وزنهم ويعودوا إلى جحورهم، ويحرموا سبوبة الفضائيات والمال الطائفي البغيض والمعونات الأجنبية الخبيثة.
في البداية أقاموا الدنيا ولم يقعدوها ضد التعديلات الدستورية، ورغم سيطرتهم علي 90% من وسائل الأعلام إلا أن الشعب المصري كان أكثر ذكاءً منهم وصوت لنعم باكتساح.
ثم أقاموا الدنيا ولم يقعدوها رافعين شعار الدستور أولا، وكالعادة كان الشعب المصري لهم بالمرصاد ورفض الالتفاف علي نتائج الاستفتاء ورفض وصاية من يسمون أنفسهم بالنخبة فلم يحضر ما سمي بجمعة الغضب الثانية التي رفعت شعار (الدستور أولا) إلا خمسة ألاف مواطن.
فلما فشلوا في حشد الجماهير حول مواقفهم السياسية الرامية إلى عرقلة التحول الديمقراطي، فتشوا وبحثوا عن قضية حق يلبسونها، ويستترون ورائها، لإشاعة الفوضى بهدف تأجيل الانتخابات، فاستغلوا التباطؤ المريب في قضايا قتل المتظاهرين، والتباطؤ الأشد ريبة وخبثاً في صرف التعويضات لأسر الشهداء ورعايتها، حتى جرحي الثورة لاقوا الإهمال في العلاج والرعاية!!.
إذا كان التباطؤ في قضايا قتل المتظاهرين له قليل من العذر من الناحية القانونية البحتة، فإن التباطؤ في رعاية أسر الشهداء والجرحى لا يمكن تبريره بأي حال من الأحوال، وينم عن وجود فريق داخل الحكومة متواطئ مع الفريق الساعي لعرقلة التحول الديمقراطي ووسيلته في ذلك تطبيق سياسات من شأنها إشعال الغضب الشعبي بغية إشاعة الفوضى فيكون هناك ذريعة لتأجيل الانتخابات، وهو ما حدث بالإهمال الجسيم وغير المبرر لأسر شهداء وجرحى الثورة.
تصريحات رئيس الوزراء بجنوب أفريقيا بأن رأيه الشخصي أن يكون الدستور أولا، وتصريحات نائبه المتوالية برغبته في أن يكون الدستور أولا خير دليل على تواطئهما مع الفريق الساعي لعرقلة التحول الديمقراطي.
لماذا اختاروا قضية دم الشهداء يتسترون ورائها؟
لأنهم درسوا التاريخ، ليس دراسة الأريب الذي يدرس ليتعلم من دروسه، ولكن دراسة اللئيم الذي يدرس لينتقي منه ما يحقق مأربه ورغباته. فوجدوا الخلافة انتقلت بعد وفاة النبي صلي الله عليه وسلم إلى أبي بكر ثم عمر بن الخطاب ثم عثمان رضي الله عنهم جمعيا في سلاسة وبدون إراقة دم مسلم واحد، وبشورى من المسلمين، يقوم الاختيار فيها على أساس الكفاءة ولا مكان فيها لتوريث.
ثم وجدوا أن كل تلك القيم النبيلة ذهبت أدراج الرياح وحتى يومنا هذا عقب مقتل سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه، وتستر من تستر بقضية القصاص من قتلته ورفعوا قميصه ملطخا بالدماء لإثارة مشاعر الناس، وأن ذلك كان بداية التحول من الخلافة الراشدة إلى المُلك العضود، وحل توريث الحكم للأبناء محل اختيار الخليفة بشورى من المسلمين، ومنذ ذلك الحين يندر أن تجد في التاريخ الإسلامي نموذج لإقامة دولة وسقوط أخرى إلا بحد السيف وسقوط عدد لا يعلمه إلا الله من الضحايا.
خياران كلاهما مر:
بداية لا بد من الاعتراف بالإهمال الجسيم في حل مشكلة قضايا الشهداء. ولنأخذ قرار إحالة الضباط المتهمين بقتل الثوار للتقاعد كنموذج للنتائج المترتبة علي التأخير في إصدار القرارات، صدور هذا القرار في الأيام الأولي التالية لنجاح الثورة كان سيثلج صدور الشعب كله، ويعطي انطباع بجدية تطهير الشرطة، وكان سيلقى قبولا من الشرطة نفسها، أما تأخيره من فبراير إلى منتصف يوليو لم يشف غليل الشعب، ونتج عنه تضامن الكثير من ضباط الشرطة مع المحالين للتقاعد فأضربوا عن العمل وخلت شوارع القاهرة من رجال المرور وتعطل العمل في الإدارات الخدمية التابعة للشرطة، وربما يتم الطعن عليه بالبطلان أمام القضاء.
لقد أصبحنا بالفعل أمام خيارين كلاهما مر:
الخيار الأول: أن نلجأ للشرعية الثورية وإنشاء محكمة الثورة للقصاص من قتلة الشهداء، وهذا الخيار له خطران عظيمان:
أ) التجربة الناصرية في إقامة محكمة الثورة نتج عنه حكم استبدادي امتد لعصور ناصر والسادات ومبارك، فالحكم الاستبدادي كالمعارك الحربية من السهل جدا أن تطلق الرصاصة الأولى، ومن الصعب أن تطلق الرصاصة الأخيرة.
ب) إن ثورة 25 يناير ثورة شعب بأكمله، قادها وشارك فيها من اليوم الأول تيارات سياسية كثيرة اتفقت على أمر واحد وهو (الشعب يريد إسقاط النظام)، وبخلاف ذلك فهي مختلفة أشد الاختلاف، فمن منها يملك الشرعية الثورية؟ حدوث صراع حول من يملك الشرعية الثورية أمر حتمي، وبالتالي تسقط البلاد في فوضى عارمة، وفي النهاية تنتصر إحدى القوى السياسية ولا بديل أمامها إلا أقامة نظام حكم استبدادي، فمن وصل للحكم بالسيف حافظ عليه بالسيف، ومن وصل للحكم بالديمقراطية حافظ عليه بالديمقراطية.
الخيار الثاني: أن ندعم الخيار الحالي باللجوء للشرعية الدستورية والقانونية: والحقيقة إن الحالة النفسية للشعب المصري – وليس اسر الشهداء فحسب - الناتجة عن الأخطاء التي ارتكبت في معالجة المشكلة لن تسمح بتقبل الأحكام التي ستصدر، لأن البراءة ستكون نصيب عدد لا بأس به من الضباط المتهمين!!! لماذا؟
أ) إننا لسنا أمام قضية قتل عادية أو اغتيال سياسي، بل أمام قضايا قتل في ثورة، حيث يسود الهرج والمرج، وبالتالي يصعب أثبات نسبة تهمة القتل لشخص معين.
ب) إننا أمام قضية إما أن تثبت التهمة فيكون الحكم بالإعدام أو لا تثبت فيكون البراءة، وفي حالات الإعدام يتشدد القضاه في أدلة الاتهام، ولا بد من إجماع القضاه الثلاثة على حكم الإعدام، ولا يحكم بالإعدام ألا في حالة اليقين الكامل، فالقواعد القانونية والشرعية تقول: الشك يفسر في صالح المتهم، إفلات ألف مجرم من العقاب خير من إدانة برئ واحد. هذا في القضايا العادية فما بالكم بقضايا القتل العمد لمدنيين عزل يطالبون بالحرية والديمقراطية.
ج) إن المتهمين بالقتل ليسوا مواطنين عاديين، بل هم ضباط شرطة لديهم الخبرة والدراية في كيفية أخفاء أدلة الاتهام.
د) إن ضباط الأقسام سيدفعون بأنهم كانوا في حالة دفاع شرعي عن النفس لحماية أقسام الشرطة التي تم مهاجمتها وتدميرها.
وختاما: للأسف الشديد لقد تركنا كرة النار تتدحرج ويتقاذفها اللاعبون لأغراض سياسية حتى اشتعلت في مصر كلها، ولو كان هذا المقال يعالج قضية تخص فئة أو مجموعة من البشر لاختتمته بالأغنية الشهيرة (اللي شبكنا يخلصنا).
ولكننا أمام قضية أمة بأسرها، فنجاح ثورة 25يناير أمر لا يخص المصريين فقط، فالشعوب والثورات العربية حولنا تتطلع للثورة المصرية‘ فأما أن تنجح فتكون عاملا حاسما في نجاح الثورات العربية الأخرى، وحافزا لامتداد الثورات إلى بلدان عربية أخرى. وإما أن تفشل فيموت الحلم العربي من المحيط إلى الخليج.
النجاح يعني إقام نظام حكم حر ديمقراطي وتداول سلمي للسلطة, والفشل يعني استبدال استبداد مبارك باستبداد أخر ولو كان تحت زعم الشرعية الثورية أو الشرعية الدينية.
لذلك لا سبيل للخروج من هذه المعضلة إلا بأمرين:
الأول: أن يعترف القائمون على إدارة شئون البلاد بالتقصير والتأخير في معالجة قضايا الشهداء وأن يقدموا الاعتذار عن هذا التأخير وأن يبذلوا الغالي والنفيس والحلول السياسية والاجتماعية لهذه القضية.
الثاني: أن تتوقف القوى السياسية التي تلعب بورقة دماء الشهداء لتحقيق أغراض سياسية عن هذه اللعبة القذرة فدماء الشهداء أغلى من أي مكاسب سياسية. وإن لم تفعل، وأغلب الظن أنها لن تفعل، فالواجب على جميع المصريين فضح مآربهم، وأرجو أن يكون هذا المقال في هذا الاتجاه.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.