لم تكفِ «اعتذارات» وزير الدفاع الأميركي ليون بانيتا؛ وقائد قوات الحلف الأطلسي (ناتو) في أفغانستان الجنرال الأميركي جون آلن عن «الخطأ» الذي ارتكبه جنود أجانب عبر حرق مصاحف داخل قاعدة باغرام العسكرية الأميركية قرب كابول، في إنهاء ردود الفعل المعادية للأفغان الذين تظاهروا لليوم الثاني على التوالي في أنحاء البلاد، ما أدى إلى مقتل خمسة منهم على الأقل وجرح 30 آخرين أمس. ووسط هتافات «الموت لأميركا ولرئيسها باراك اوباما» و»الموت لكارزاي (الرئيس الأفغاني)»، اندلعت أعمال شغب في العاصمة كابول وجلال آباد (شرق) وولاية باروان شمال كابول، ما يمثل أزمة علاقات بالنسبة إلى قوات «الأطلسي» التي تحارب مقاتلي حركة «طالبان» قبل انسحاب القوات الأجنبية القتالية بحلول نهاية 2014، علماً أن كسب ود الأفغان يعتبر أمراً حيوياً لمحاولة إلحاق هزيمة بالحركة.
وأفاد شهود بأن حشوداً غاضبة ألقت حجارة على قاعدة «كامب فينكس» الأميركية في كابول، وأحرقت سيارات وهاجمت متاجر قريبة، ما دفع جنود القاعدة إلى إطلاق النار في الهواء، بعدما عجزت الشرطة الأفغانية لمكافحة الشغب عن السيطرة على الحشود الغاضبة وتكبدت إصابات احدها لقائد الشرطة أيوب سالانجي، ما اضطرها إلى استقدام تعزيزات.
وأعلنت وزارة الصحة سقوط قتيل في كابول، على رغم تأكيد الناطق باسم شرطة كابول عصمت استنكزاي أن رجال الأمن لم يطلقوا النار على المتظاهرين الذين اتهمهم برفع وتيرة أعمال العنف عبر مهاجمة قاعدة «كامب فينكس»، وحرق صهاريج وقود قرب المطار.
وحتم ذلك اغلاق السفارة الأميركية أبوابها، ومنعها موظفيها من الدخول أو الخروج أو التجول في كابول، حيث أضرم متظاهرون النار أيضاً في جزء من مجمع «القرية الخضراء» السكني حيث يعيش ويعمل 1500 شخص غالبيتهم من المتعاقدين الأجانب. كما امتد الغضب إلى البرلمان، حيث هتف نواب «الموت لأميركا» داخل مقره، وكذلك سقط قتيل آخر في جلال آباد، حيث توجه متظاهرون إلى قاعدة «الناتو» العسكرية التي يسيطر عليها الأميركيون، وأحرق بعضهم صورة للرئيس اوباما وهتفوا «يعيش الملا محمد عمر» زعيم «طالبان»، في حين قضى شخص في ولاية لوغار (شرق)، وثلاثة آخرون في ولاية باروان حيث حاول محتجون اقتحام مكاتب حكومية.
وليل الاثنين - الثلاثاء، أحرقت مصاحف في بغرام اكبر قاعدة أميركية في أفغانستان، قبل أن يسارع الجنرال ألن إلى تقديم اعتذارات للشعب الأفغاني على «تخلص جنود اميركيين من مصاحف بطريقة غير لائقة»، مؤكداً فتح تحقيق في الحادث مع التعهد بعدم تكرار هذه الأعمال.
وبرر مسؤولون أميركيون حرق المصاحف باستخدامها لإخفاء رسائل يتناقلها معتقلون أفغان في السجن التابع لقاعدة باغرام، والتي حاصرها آلاف المتظاهرين أول من امس، وألقوا حجارة عليها أحرقوا احد مداخلها.
لكن مسؤولين اميركيين اثنين آخرين اعتبرا أن سحب الكتب والوثائق الإسلامية كان يمكن أن يحصل بطريقة انسب، فيما صرح أجمل، وهو محتج في ال18 من العمر في كابول: «حين يهيننا الأميركيون لهذه الدرجة فسننضم إلى المسلحين»، وأيده محتج آخر يدعى زماري (30 سنة) بالقول: «نريد أن يخرج الأجانب من بلادنا الآن». أما المتظاهر شهباز غل فسأل: « هل تحرقون أيها المجرمون الأجانب المصاحف في ديارنا كي تستعرضوا قوتكم»؟
وكان عدد من العمال الأجانب في الأممالمتحدة قتلوا خلال احتجاجات اندلعت في أنحاء أفغانستان لمدة ثلاثة أيام في نيسان (أبريل) 2011، بعد حرق قس أميركي مصحفاً في فلوريدا.
ودان الرئيس الأفغاني حميد كارزاي وحركة «طالبان» الحادث، وقالا إن قيم الإسلام «أهينت». وتحدث مكتب كارزاي عن حرق أربع نسخ من القرآن الكريم، فيما قال ذبيح الله مجاهد الناطق باسم الحركة «حط الأميركيون منذ غزوهم لأفغانستان للمرة العاشرة تقريباً من أقدس قيم المسلمين».
على صعيد آخر، اعدم مقاتلو «طالبان» في ولاية هلمند (جنوب) أربعة مدنيين بقطع رؤوسهم بعد اتهامهم بالتجسس لحساب الحكومة. وقال داود احمدي الناطق باسم الحكومة الإقليمية إن «اقتناء الرجال الأربعة هواتف للاتصال عبر الأقمار الاصطناعية غالية الثمن اقنع على الأرجح مقاتلي الحركة بهذه التهمة». لكنه أشار إلى أن المنطقة التي قتل فيها الرجال الأربعة لا تحظى بتغطية هاتفية، وتكثر فيها هواتف الاتصال بالأقمار الاصطناعية..