لو حضرتك سألت حد عن ما يميز الإنسان عن الحيوان ,على طول وبتلقائية واندفاع شديد ,هيقولك طبعاً العقل , رغم إن ده كلام مش صح على الأقل من وجهة نظر ناس كتير . ليس وحده عموماً قبل ما تستغرب أو ترفض تعالى كده نحاول نفكك الموضوع ونعيد تركيبه , وأول حاجة علينا نعملها فى سكتنا أننا نتفق على إن مش الإنسان بس هو من يملك عقلً . ممكن يكون تفكيره أكثر ذكاء أعلى جودة مليان عمق مغموس دهاء , لكن فى مخلوقات غيره عندهم عقل وبيفكروا برضو . ففى دراسة قديمة كان عملها دكتور بلير مدير حديقة حيوان نيويورك أكد فيها أن كثير من الحيوانات لديها قدر من الذكاء وتملك القدرة على التفكير بشكل أو آخر. وفى معلومات تانية كمان ممكن تتقال فالحتة دى , أو ضح منها مانشاهده بأعيننا فى عالم النحل والنمل , فكلاهما يقدمان نموذج يفوق الإنسان فى الترتيب والتنظيم والدقة والإلتزام . كمان الشمبانزى , وإلا بماذا نفسر استخدامه للعصا فى جنى الموز , والدب كذلك لما بيضرب فريسته بالأحجار قبل ما يكمل هجومه عليها . وكتير برضو من تصرفات الكلاب والقطط والأسود بتثبت كده , وأظن كلنا بنشوف ده فى فيديوهات على الفيسبوك والواتساب وغيرهما من وسائل التواصل الإجتماعى . يعنى الخلاصة, إن مش الإنسان بس هو من يملك العقل والذكاء ويستطيع التفكير والتدبير , ففى حيوانات ومخلوقات تانية بتشاركه بالموضوع ده . اللذة وبس وفى سكتنا برضو لو احنا سلمنا أن العقل هو ما يميز الإنسان , فعلينا نتفق إن ده معناه انه مفروض يعيش حياته كلها يتصرف بما يمليه عليه عقله ده , يعنى يحاول دايماً يعمل ما يحقق مصلحته , ما يجلب منفعته ولذته و سعادته , و يبعد عنه الألم والخسارة . وده بصرف النظر عن كل معانى تانية , يعنى مش هيبقى فى مكان بحياته لمحرمات دينية أو اخلاق أو عادات أو تقاليد أو تضحية أو إيثار أو شهامة أو ..., أو... . كله هيدوسه وهيفرمه لو تعارض مع رغباته , وده طبيعى ومنطقى جداً , فعقله بيفرض عليه أنه يبحث عن مصلحته فقط . فمثلاً هيبقى من التفكير الرشيد أنه يقبل كل عمل يعرض عليه طالما هيجيب فلوس , بغض النظر عن طبيعته ومشروعيته وموقف الدين والأخلاق منه . عادي بقي وهنا هيبقى عادى برضو نسمع نصائح من نوع إن أهم حاجة أنك تدور على مصلحتك , وانك لازم تجيب فلوس بأى وسيلة . وكمان كلام على وزن شوف طريقك وملكش دعوه بالناس , حافظ على نفسك وبس , ما هو كلنا خدامين لقمة العيش , نفذ الأوامر احنا كلنا عبد المأمور, وأللى تغلبه ألعبه , ... و... , و.... . وبالحالة دى يبقى منطقى جداً تصرفات واحد ذى هتلر مع اليهود وكبار السن وذوى الإحتياجات الخاصة لأنه ببساطة شديدة بص لمصلحة المجتمع الألمانى , ولقى أن دول غير مفيدين وبيسحبوا من رصيد الناس المنتجة فقرر انه يتخلص منهم . وبكده يبقى مفيش فرق بين الإنسان و الحيوان , فالكل يبحث عن المنفعة والمصلحة واللذة وبيبعد عن الخسارة والألم , الجميع بصراع, معركة . وعشان ينجو وينتصر لازم يسمع كلام حد ذى نيتشه الذى يعد واحداً من أهم أساتذة العلمانيين وكبار منظريهم لما قال ( تخلص من الضمير والشفقة والرحمة , أقهر الضعفاء وأصعد فوق جثثهم ) . فالأسود والنمور وكل حيونات الغابة القوية والضعيفة بتعمل كده تقريباً من غير ما حد يقولها , ده حتى النحل بيتخلص بكل بساطة من النحل غير المفيد وبيرميه بكل قسوة بره الخليه . السر فيها طيب لما العقل مش هو ما يميز الإنسان , أمال إيه ؟ اللغة مثلاً , ابداً ياسيدى فالقرود والأوز والنحل ثبت أنها بترسل وتستقبل فيما بينها معلومات من خلال الحوار والتمثيل الحركى . شوف من الآخر كده الفرق بين الإنسان والحيوان وغيرها من المخلوقات يكمن فى الأخلاق , الكل غالباً عنده عقل وبيفكر وبيتفاهم وبيقتصد وبيدبر وبيتكاثر ,و....,و.... لكن الإنسان بس هو من يفترض أمتلاكه لفضيلة الأخلاق . الأخلاق هى من تدفعه للبحث عن القيمة الدينية والإنسانية قبل أو مع تدويره عن مصلحته ومنفعته ولذته وسعادته. بتخليه يبقى عارف إن أهم من حصده للإنتصارات والشهرة والفلوس و المناصب انه مايخالفش المحرمات سواء أكانت من السما أو الأرض, ما يبعدش عن الأصول والأعراف المعروفة والمستقرة. رشوان وراموس فالأخلاق خلت محمد رشوان ميلعبش على أصابة ياماشيتا اليابانى فى رجله ويكتفى بالميدالية الفضية رغم انه كان بإمكانه بسهولة يضغط على ألمه ويفوز بالذهبية بدورة الألعاب الأوليمبية بلوس انجلوس عام 1984. وعشان كده العالم كله قدر رشوان واحترمه , بسبب اخلاقه وانسانيته قبل ما يكون بسبب كونه بطل عالمى بالجودو , وعلى العكس بقى سيرخو راموس لاعب ريال مدريد فكر بعقله ولقى أن مصلحته ومنفعة فريقه تتحقق بكسر محمد صلاح وابعاده عن الملعب , وفعلا عمل كده وانتصروا وفازوا بالبطولة الأوربية . فراموس اتصرف بعقله الموجود عند الإنسان والحيوان على حدٍ سواء لكن رشوان حَكم اخلاقه الموجودة بس عند الإنسان , وبسبب كده كلنا متضايقون من راموس رغم أنه طبقاً لتقديره لم يخطئ فهو دور على مصلحته بحساباته العقلية المجردة . غضبانين من راموس مع أننا بالحقيقة بنتصرف ذيه بكتير من المواقف , أيوه بنبقى ذيه بالظبط لما بنسقط الأخلاق من حساباتنا وبندوس على قيمنا بدعوى البحث عن المصلحة والفايدة . وده تناقض معيب ,علاجه يفرض علينا أننا قبل ما نستنكر فعله المشين مش منعملش ذيه بس ,لا فقبل كده واجب علينا أننا نرفض منطقه , طريقته , حساباته , لكن نعمل فيها رشوان واحنا راموس مينفعش .