تمر الشهور والأيام سريعا ويهل علينا يحمل الخير والرحمات والبركات، قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما معناه : "شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار"، ماأجمل أن يتسامح الناس فيه والعفو من شيم الكرام، وما أروع أن تتواصل فيه الأرحام فلا قطيعة ولاخصومة فى رمضان. والحكمة من وجود هذه العبادات هو التذكير بالقيم والمعانى النبيلة التى تبنى ولاتهدم، تجمع ولاتفرق، تقوى ولاتضعف، يقول ربنا عز وجل:"وتعاونوا على البر والتقوى ولاتعاونوا على الإثم والعدوان"..فى رمضان تهفو القلوب أكثر لخالقها تغتسل من أدران الشح والبخل والحقد والكراهية. تطهر نفسها مما لحق بها طوال العام المنقضى، حقيقي هذا الشهر من أعظم الشهور عند الله فيه نزل القرآن الكريم على رسولنا صلى الله عليه وسلم، وفيه أيضا "ليلة القدر" والعطاء وصفها ربنا أنها خير من ألف شهر بمعنى أن قيام ليلتها بالتعبد والذكر يفوق عبادة 360 يوما فيما سواها.. وتنتهى هذه الليلة المباركة بطلوع فجريوم جديد "سلام هى حتى مطلع الفجر" حيث تتنزل الملائكة يتقدمهم سيدنا جبريل عليه السلام إلى السماء الدنيا تستغفر للمؤمنين القائمين والركع السجود حتى يؤذن للصلاة وهذه الليلة المباركة تكون فى العشر الأيام الأخيرة من شهر رمضان كما قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: "التمسوها فى العشر الأواخر من رمضان فى الأيام الوتر" 21،23،25،27،29. ومن رحمة الله على عباده المؤمنين فى هذا الشهر الفضيل أنه يضاعف لهم الأجر والثواب لأنه لايريد منهم إلا الخير لذا يعطينا منحا ومناسبات كثيرة طيبة حتى يأتيه المؤمن وهو خال من الذنوب تماما. وعلى المؤمن فى المقابل أن يراجع حساباته فى الشهر الكريم أيا كان موقعه وحدود مسئولياته. رمضان فرصة ذهبية لطى صفحة الماضى واستبدالها بالعفو والتسامح والرحمة وتلك هى حكمة الصوم . وعلى مستوى الأسرة الزوج والزوجة والأبناء أقول لهم: اتركوا الخلافات واستمعوا لصوت العقل، ولاداعى لتحميل الأمور فوق طاقتها ولتكن هناك فرصة لالتقاط الأنفاس والتسامح لجمع شمل الأسرة خاصة اللى فيها أبناء. وللمسلمين أدعوهم للوحدة والتعاون من أجل أن يحترمنا العالم ويعمل لنا ألف حساب، وأظن أنكم تشاهدون ماترتكبه إسرائيل فى غزة والعالم صامت أمام هذه الجرائم اللاإنسانية ..علينا إذن أن نعود إلى الله ونستثمر هذه الأيام المباركة، ونلقى الخلافات وراء ظهورنا والتى كانت السبب المباشر فى تمزيق وإفقار شعوبنا وحولت البعض منهم إلى إرهابيين وأداة سهلة الانقياد فى أيدى أعدائنا الذين استغلوهم وبشكل مهين لتحقيق أغراضهم وهى الاستيلاء على خيرات بلادنا وفى مقدمتها البترول. رمضان فرصة يجب علينا أن نغتنمها لتصحيح المسار نحو تحقيق أهدافنا المشروعة وهذا لن يحدث إلا بالرجوع إالى الله والبعد عن رغباتنا الدنيوية الزائلة .. وكل عام أنتم بخير ورمضان كريم. جمال قرين