ليس هناك أحد فى مصر ضد تطويرالتعليم خاصة الثانوية العامة لأنها سبب مباشر فى نكد وتعاسة الأسر المصرية جراء ما يدفعونه مقابل مايسمى بالدروس الخصوصية وهى مبالغ كبيرة تتجاوزتقريبا ال 30 مليار جنيه سنويا .. ولايغضب منى بعض أصدقائى المعلمين فهم ليسوا وحدهم مسئولين عن هذه الظاهرة التى أفشلت التعليم وحولته لعملية حفظ وتلقين لامعنى له .. وإنما المناهج العقيمة التي ليست لها علاقة بالواقع وآفاق التنمية المستهدفة من التعليم فى أى بلد يريد أن ينهض ..كنت من أشد المعجبين بوزير التعليم د. طارق شوقى باعتباره عالما فى هذا المجال من خلال عمله السابق باليونسكو وغيرها من الهيئات المهتمة بشئون التعليم وتطويره ..واليوم يثور جدل كبير فى الشارع المصرى حول خطة الوزير نحو تطوير التعليم خصوصا الثانوية العامة من الطلبة وأولياء الأمور والمعلمين والمهمومين بالتعليم فى هذا الوطن .. وحجتهم أن د. شوقى لم يعرض خطته للتطوير على حوار مجتمعى واسع أو على البرلمان باعتباره ممثل الشعب وإن كنت متحفظا فى أحيان كثيرة على هذا التوصيف ، وبالتالى هذه الخطة وهذا التطوير محكوم عليه بالفشل قبل أن يبدأ لأنه بصراحة الناس حاسة أن النظام الجديد مفروض من فوق وهذا لايصح لأن فى مثل هذه الأمور لايجوز الانفراد بالرأي ..أو أن الرئيس يدعم هذه الخطة الطموحة على حد قول الوزير وبالمناسبة أنا سمعت قبل كده الرئيس السيسى فى أحد لقاءاته أنه لن يعتمد أى تطويرأو تحديث للمنظومة التعليمية مالم يوافق عليه المصريون .. وأنصح د. شوقى وأى وزير فى الحكومة بعدم الزج باسم الرئيس فيما يتعلق بشئون وزارته ..كان من المفروض على الوزير د.شوقى أن ينزل للمدارس ويجرى حوارا مع الطلبة والمعلمين وأصحاب الخبرات فأهل مكة أدرى بشعابها ثم يطرح خطته على المثقفين والنخب والعلماء وأساتذة الجامعات .. خاصة أساتذة كليات التربية وكذلك البرلمان وإذا وافقت هذه الشرائح على الخطة يعتمدها الرئيس فورا وإذا حدث العكس يتم إلغاؤها..ولنا فى نظام التحسين مثل واضح فقد تم إنهاء العمل به على يد الدكتور الجنزورى رئيس الحكومة القوى فى عهد مبارك .. طبعا حدث هذا بعد دراسة عميقة واليوم لانريد لأبنائنا أن يكونوا حقل تجارب بتطبيق النظام الجديد عليهم .. ثم يتم إلغاؤه بعد ذلك بجرة قلم .. إن أى امتحانات فى العالم فيها الطالب الناجح والراسب لكن كلام د. شوقى منذ أيام لايطمئن كيف يقول انه لايوجد نجاح ورسوب فى النظام الجديد للثانوية العامة .. هل هذا يعقل يامعالى الوزير وكيف نحكم إذن على التجربة يبقى ده تهريج مش تعليم ، الخلاصة التطوير الذى نريده هو تهيئة المناخ أولا و القضاء على الكثافات العالية داخل الفصول.. حدثنى صديق يعمل مدرسا بالمرحلة الابتدائية أن كثافة الفصل الذى يقوم بتعليم تلاميذه يصل عدده 140 .. إن التطوير الذى نريده معلما قادرا على التنفيذ ومهيئا نفسيا لفكرة التطوير وده لن يحدث مع ظروفه المادية التعيسة وتسوله على منازل الطلبة للحصول على بعض الجنيهات لسد احتياجاته المعيشية فى ظل ظروف اقتصادية خانقة ومرتب هزيل لايكفى لبضعة أيام .. التطوير الذى نريده تغيير للمناهج من حيث المضمون وليس الشكل فقط بما يخدم مجالات التنمية فى ربوع بلادى ويدفع مصرالعزيزة للأمام وليس للوراء ..التطوير الذى نريده هو الاهتمام بالرياضة فى مدارسنا وتوفير الوقت المناسب والملاعب الكافية وليس وضع حصة الألعاب فى آخر اليوم الدراسى والطلبة يروحوا بعد كده ..التطوير الذى نريده الاهتمام بكل ماهو جديد من فنون ومسرح وموسيقى وخلافه.. التطوير الذى نريده ليس حصول الطالب على تابلت وانما على تعليم متميز مش مهم يكون بالتابلت ممكن أوى يكون من خلال الكتاب والسبورة كما تفعل دول كثيرة سبقتنا بخطوات فى مجال تطوير التعليم ..لاحظوا أن ترتيب مصر الآن 139فى جودة التعليم على مستوى العالم .. الكلام ده قاله الدكتور جمال شيحة وكيل لجنة التعليم فى البرلمان ونشرته جريدة الشروق أمس فى صدر صفحتها الأولى 8/5/2018الجارى .. التطوير الذى نريده هو منتج دراسة مستفيضة تعتمد على تعدد الآراء وليس التهديد بالحبس لكل من يعارض التطوير المفروض و المسلوق ..التطوير الذى نريده هو الذى لايحول مدارسنا إلى فوضى وبلطجة أكثر مما هى عليه الآن .. التطوير الذى نريده هو تخفيف شنطة المدرسة ونسف الحشو وتقليل المناهج مش معقول طالب الثانوية العامة يدرس هذا الكم الرهيب من المواد بالإضافة لإرهاقه بحصص مايعرف بالمجالات زراعة ، صناعة ، كمبيوتر ، تجارة وخلافه ويستمر الطالب داخل جدران الفصل حتى انتهاء الحصة الثامنة والتى غالبا ماتنتهى مع أذان العصر والمحصلة فى الآخر صفر ومزيد من إهدار الوقت بلا فائدة .. دولة زى فنلندة مثلا طالب الثانوية العامة هناك يدرس 5 مواد فقط اللغة القومية لبلده و4مواد أخرى : رياضيات وعلوم عبارة عن كتاب واحد يشمل كيميا وفيزيا وأحياء وانجليزي وتقريبا مادة تتعلق بالبيزنس .. كلمة أخيرة لسيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى رئيس كل المصريين .. د.طارق شوقى وزير التعليم يحتمى بسيادتكم ويردد دائما أن خطة تطوير التعليم مدعومة من حضرتك وللعلم المصريين ليسوا ضد التطوير أى تطوير يحقق الخير لمصرنا الحبيبة .. ولكن المشكلة تكمن في السرعة والعجلة التى يريد بها د. شوقى تنفيذ خطته بالإضافة لعدم أخذ رأى المستهدفين من عملية التطوي ومحاولة الاحتماء بسيادتكم من أجل الإسراع بعملية التنفيذ .. إن خطة تطويرالتعليم الجديدة بين يديك يا سيادة الرئيس والمصريون يترقبون قراركم الجرئ والحكيم بإرجاء هذه الخطة أو تجميدها حتى تأخذ الوقت الكافى من الدراسة والتأمل والحوار المجتمعى الواسع خاصة من أطراف العملية التعليمية ، أولياء الأمور من الآباء والأمهات والطلبة والخبراء والمعلمين وكل من له صلة ومهموم بمشاكل التعليم فى وطنى الحبيب .