استهدفت فجر اليوم البحرية الأمريكية بصواريخ توماهوك قاعدة الشعيرات العسكرية قرب حمص السورية التي قيل إنه انطلقت منها الغارة على مدينة خان شيخون قرب إدلب والتي قيل أيضا إن قوات النظام استخدمت الأسلحة الكيماوية خلالها.. وقام الجيش الأمريكي بتوجيه الضربة بأمر من الرئيس دونالد ترامب تنفيذا لتهديده بالرد على ما وصفه بعملية الأسد في خان شيخون.. ولكن ما هي الخطوة التالية بعد هذه الضربة..
وقد أطلقت مدمرتان للصواريخ تابعتان للبحرية الأمريكية تعملان في البحر الأبيض المتوسط 59 صاروخا من طراز توماهوك، وقال مسئول إن القوات الأمريكية استهدفت قاعدة شايرت الجوية حيث تعتقد الولاياتالمتحدة أن الهجوم الذي وقع على الغاز كان مبرمجا لضرب الطائرات في محاولة لتدمير القوات الجوية السورية. وقال الرئيس الأمريكي في كلمة له بعد تنفيذ الضربات أدعو الأمم المتحضرة للسعي لإنهاء الذبح وسفك الدماء في سوريا، مؤكدا أن الضربات على سوريا تصب في "مصلحة الأمن القومي" للولايات المتحدةالأمريكية.
أما عن الخطوة التالية لهذه الضربة فيظهر من ردود الفعل السورية والعالمية والتصريحات الأمريكية فلن يكون هناك رد سوري أو رد من حليفاتها روسياوإيران غير الإدانة، ولكن حذر محللون أمريكيون من إمكانية قيام إيران وحلفائها بهجمات انتقامية ضد القوات الأمريكية المتواجدة في العراقوسوريا، وكذلك إمكانية قيام روسيا بتسليح إيران وحلفائها لضرب قوات المعارضة السورية المدعومة من واشنطن.
أما عن رد الفعل السوري فقد وصف الرئيس السوري بشار الأسد الضربة الأمريكية بتصرف أرعن وغير مسؤول، وقالت الرئاسة السورية في بيان نقلته وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) "في عدوان جائر وسافر قامت الولاياتالمتحدةالأمريكية فجر اليوم باستهداف مطار الشعيرات"، مؤكدة "أن ما قامت به أمريكا ما هو إلا تصرف أرعن غير مسؤول ولا ينم إلا عن قصر نظر وضيق أفق وعمى سياسي وعسكري عن الواقع".
وفي إسرائيل أيد نتنياهو هذه الضربة، وقال: "إن الرئيس ترامب بعث برسالة قوية وواضحة اليوم، أن استخدام الأسلحة الكيماوية وانتشارها لن يتم التسامح معها"، وأضاف أن "إسرائيل تؤيد قرار الرئيس ترامب وتأمل أن تكون رسالة العزم هذه في مواجهة الأعمال الرهيبة التي يقوم بها نظام الأسد، وأن هذا لن يقتصر على دمشق بل في طهران وبيونج يانج وغيرها.
أما عن حلفاء الأسد فقد اعتبر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن الهجوم الأمريكي على أهداف في سوريا هو عدوان ضار للعلاقات الروسية-الأمريكية والمعركة المشتركة ضد الإرهاب، وطلبت موسكو عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي لمناقشة الضربة الأمريكية، وقال يوجين رومر، الخبير في منظمة كارنيجي للسلام الدولي في موسكو أن موسكو ستدفع مجلس الأمن الدولي لإدانة استخدام القوة من جانب واحد، وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف: إن "عمل واشنطن هذا يلحق ضررًا هائلًا بالعلاقات الروسية الأمريكية التي هي أساسًا في وضع سيئ"، وفق ما نقلت عنه وكالات الأنباء الروسية.
وفي تحرك آخر علقت روسيا اتفاق تنسيق الطيران العسكري في الأجواء السورية مع الولاياتالمتحدة، الذي يضمن عدم الاحتكاك بين طائرات الدولتين عند القيام بأعمال عسكرية في الأجواء السورية.
أما عن إيران فقال كريم سادجادبور، خبير إيران فى كارنيجى: إن طهران ستتجنب الانتقام بطريقة يمكن ان تؤدى الى مزيد من العمل الأمريكى فى سوريا، وأضاف "أن ايران تشعر حاليا بالسيطرة على دمشق ولا يريدون تعطيل هذا الوضع الراهن، وإذا لم تقم إيران بأي شيء فإنها تخاطر بفقدان سيطرتها، ولكن إذا استجابت بقوة، فإنها تخاطر بمستقبلها ككل في سوريا".
وعلى جانب آخر اعتبرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أن الضربة الأمريكيةلسوريا كانت مبررة، لكنها تدعو إلى تركيز الجهود على التسوية السياسية للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد ديمقراطيا.
ووصف الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان الضربة الأمريكية على قاعدة الشعيرات بأنها رد إيجابي على "جريمة حرب"، وأنها "خطوة مهمة لضمان حماية المدنيين من الهجمات بالأسلحة الكيماوية والأسلحة التقليدية، ومعاقبة الضالعين فيها"، ودعت تركيا لإنشاء منطقة حظر جوي فوق سوريا، وأكد وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أن من الضروري الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد وإدارته في أقرب وقت.
أما وزير الدفاع البريطاني، مايكل فالون، فقال إن بلاده أخطرت بالضربة الجوية الأمريكية في سوريا، وإنه "يدعم ما قامت به الولاياتالمتحدة".
وعبر رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، عن دعمه للضربة العسكرية الأمريكية في سوريا، ولحرص "الولاياتالمتحدة على منع انتشار الأسلحة الكيماوية واستعمالها".
أما الصين فدعت "جميع الأطراف إلى الحيلولة دون تفاقم الأوضاع في سوريا" بعد الغارة الجوية الأمريكية.
وعن ردود الفعل العربية فقد أعلنت المملكة العربية السعودية، تأييدها الكامل لقصف الأهداف العسكرية في سوريا، وذلك بعد الغارات التى شنتها المدمرات الأمريكية على قاعدة الشعيرات الجوية السورية، وأعربت الإمارات عن تأييدها الكامل للعمليات العسكرية الأمريكية على أهداف عسكرية في سوريا، ورحبت لبحرين أيضا بهذه الضربة
ورأت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن شن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضربة عسكرية بعد 77 يوما من توليه مقاليد الحكم يمنحه فرصة، ولكن بالكاد ضمان، لتغيير تصور الفوضى المأخوذ عن إدارته.
وذكرت الصحيفة - في سياق تقرير نشرته على موقعها الالكتروني اليوم الجمعة - أن الهجوم سيشكل أيضا محور الاجتماع المقرر الأسبوع المقبل بين وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في أول لقاء وجها لوجه بين الزعيم الروسى وأحد أعضاء إدارة ترامب. وقالت إنه كان من المتوقع قبل الغارات الأمريكية ضد قاعدة جوية سورية أن يتصدر التحقيق في الهجمات الإلكترونية الروسية والتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية جدول أعمال الاجتماع.
بيد أن التحرك العسكري في سوريا يعطي إدارة ترامب فرصة لمطالبة بوتين بالسيطرة على نظيره السوري بشار الأسد أو الإطاحة به من السلطة، أو أن يوسع ترامب العمل العسكري الأمريكي المحدود - وبسرعة - إذا فشل الرئيس الروسي في تحقيق ذلك. وأعادت الصحيفة الأمريكية إلى الأذهان أن ترامب وصف، خلال الحملة الانتخابية العام الماضي، عدم التزام الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما ب"الخط الأحمر" الذي رسمه للرئيس السوري بشار الأسد والخاص بعدم استخدام السلاح الكيماوي، بأنه رمز للضعف الأمريكي الذي يجب ألا يتكرر أبدا. وفي هذا الصدد، فإن الهجوم يعد أمرا متوقعا تقريبا.
واستدركت قائلة إن هناك أيضا مخاطر كبيرة لترامب خلال الأسابيع القليلة المقبلة بمجرد زوال الرضا المؤقت على دفع الأسد ثمن أعماله البربرية.
وأوردت "نيويورك تايمز" مثالين على هذه المخاطر؛ الأول: فشل رهانه مع بوتين، فربما كان الرئيس الروسي يفضل ترامب على منافسته هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، غير أنه من المستبعد أن يدخل بوتين في اتفاق يهدد نفوذه في سوريا، وبالتالي يزعزع موطئ قدمه الرئيسي في الشرق الأوسط، حيث أن سوريا هي موطن القاعدة العسكرية الرئيسية الروسية خارج حدودها، وهناك خطر ثان يتمثل في أن يقوض انشغال ترامب بأن يدفع الأسد ثمن أفعاله، هدفه الرئيسي في المنطقة: ألا وهو دحر تنظيم "داعش".
ونبهت الصحيفة الأمريكية إلى أنه إذا انهارت سوريا، فإنها يمكن أن تصبح ملاذا للإرهابيين، وهو ما يحاول ترامب منعه.
واختتمت تقريرها بالقول إن من غير الواضح إذا ما كان مقاتلو "داعش" الذين يتقهقرون بالفعل قبل شهور من تولي ترامب مهام منصبه، قادرين بأي حال من الأحوال على استغلال سوريا الممزقة أم لا، بيد أن ديفيد بيتريوس، الجنرال الأمريكي المتقاعد والمعروف بمهندس الحرب الأمريكية في العراق دائما ما يقول إنه من أهم الدروس المستفادة من العقد الماضي هي أنه إذا تم خلق فراغ السلطة في المنطقة، فإن مجموعة متنوعة من المتطرفين ستستغله.