قضية فساد في مصر كل دقيقتين، هذا هو آخر إحصاء نشرته جريدة الأهرام من واقع القضايا الموجودة في المحاكم، وبالتأكيد الفساد في أي مجال من مجالات الحياة هو بالدرجة الأولى فساد أخلاقي، وديني، ونقص في التربية السليمة، فمن المسئول عن هذا الفساد الأخلاقي الذي يزرع منذ الصغر في أطفالنا، وهل الحاجة المادية مبررا للإنحراف والفساد؟! الدكتور عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا قال: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان)، فتغيير المنكر باليد مهمة الحكام، وتغييره باللسان مهمة العلماء، وتغييره بالقلب، مهمة عامة الناس. وأكد الأطرش، أن الحاجة المادية ليست مبررا للفساد، حيث قال تعالي في كتابه العزيز "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم" فالفساد قضية لابد من محاربتها بكل الوسائل، وشتى الطرق، فالله تعالى نهى عن الفساد والإفساد في الأرض، فلا يجوز للإنسان تحت اي ظرف من الظروف أن يخالف التعاليم السليمة، والإسلام حارب الفساد، فوضع عقوبة لكل شيء، فوضع للسارق قطع اليد، وللزاني الرجم إن كان محصنا، والقتل إن كان غير محصن أما الأستاذ الدكتور محمد أبو ليلة أستاذ الدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية بجامعة الأزهر، فقال الفساد في مصر تخطى كل الحدود، فالفساد كان السياسة الناجحة للنظام السابق، والذي كان قائما على الفساد في جميع المرافق والتي كان أهمها (التعليم – الشباب – الثقافة)، فالفساد في التعليم بدأ من المرحلة الابتدائية وحتى مرحلة الدراسات العليا، فالتعليم ما هو إلا هياكل شكلية، وتلقين وحفظ، نتج عنه هجرة المدارس والجامعات، وأصبحت الدروس الخصوصية هي الساس بالنسبة للطلاب والمدرسين، فهجرت دور التعليم، وأصبح هناك أجور تدفع بداية من الوزير وحتى أصغر عامل بدون خدمة تقدم، ومن هنا بدأ الفساد التعليمي، والذي بطبيعته يجب أن يؤثر في كل مناحي الحياة بالمجتمع، وبالتالي يتنوع الفساد، فأصبح هناك فساد أخلاقي وسياسي، واجتماعي واقتصادي، وفساد الذوق العام، وفساد الاعتداء على البيئة، وزيادة أعداد المجرمين والبلطجية. وأكد الدكتور أبو ليلة، أن النظام السابق استطاع تقنين السرقة والفساد وهو ما تعاني منه مصر حتى الآن، فالفاسد يفسد بقانون، والسارق يسرق بقانون، فالفساد إذا لم يتم القضاء عليه فلا أمل في النهضة، ومصر لن تقوم لها قائمة غذا لم تنجح ثورتها في السيطرة على الفساد، وستنتهي مصر للأبد، وستكون تبعيتنا للسياسة الأمريكية والإسرائيلية، فمن يسيطر على مصر يسيطر على العالم، فإسرائيل تبقى بقدر ما تفسد مصر، أو الفساد الشائع بها، وتهدد إسرائيل بقدر ما تصلح مصر، وبالتالي لا بد للحرس القديم أن يتركه مواقعه حتى لو كانوا من الشباب حتى نقضي على الفساد.