تحتسى النسكافيه وتطفئ الأنوار ثم تجلس فى غرفة مظلمة حتى تتخيل ما تكتبه، لا تجد غضاضة فى أن تجعلك تشعر بالرعب فتلك هي وظيفتها الإبداعية .. هى الكاتبة الشابة سالى عادل التى تصف نفسها بأنها أول كاتبة رعب فى مصر، وصدرت لها العديد من المجموعات القصصية والروايات أشهرها: العطايا السوداء وسلسلة الحب والرعب .. فى السطور التالية التقيناها لنحلل معا ملامح الظهور المخيف لأدب الرعب فى مصر.. هناك ظهور مخيف لأدب الرعب .. ياترى ما تفسيرك لتركيز غالبية الكتاب الشباب على الكتابة فى هذا المجال؟ ربما لأنه المجال الذي يستوعب الخيال الجامح للشباب، وقدرتهم على المغامرة والاستكشاف، ورغبتهم في كسر المخاوف والتعامل معها بجرأة، وهو مجال جذّاب للقراءة والكتابة، ونحن جيل الثورة الذين آمنا بأنفسنا وبقدرتنا على التغلب على مخاوفنا، ونحن الجيل الذي تربى كذلك على أدب د. أحمد خالد توفيق ود. نبيل فاروق، فكان من الطبيعي أن نعيد إنتاج ما قرأناه بعد مزجه بأشياء من دواخلنا. ماذا يحتاج كاتب الرعب لكى يخرج لنا بقصة أدبية مشوقة؟ أفضّل أن يكون الرعب قيمة مضافة إلى العمل الأدبي، وليس هو كل شيء، بمعنى أن يكون هناك عالم إنساني متكامل ومتشابك مثل الواقع، ثم يتم إضافة الرعب كعنصر إضافي تشويقي وتحفيزي ويحرك القصة نحو الذروة وإلى الحل، ويجعل القارئ يتوحد مع البطل في مواجهة المخاوف والمشكلات التي تفوق قدرة البشر ويفكر معه في حلول، وليس الأمر كله عملية "تخويف" مجوّفة. ولذلك يجب أن يكون الكاتب قادرًا على بناء هذا العالم الإنساني بكل تفاصيله، ويمكنه أن يعايشه ويتصوره جيدًا في خياله، ويمكنه صناعة ملفات للشخصيات ومسودات للعمل، ويمكنه وضع أكثر من نهاية وأكثر من طريق يقوده للنهاية ليختار الأنسب بينها، ويجب أن يكتشف طريقته الخاصة في الكتابة التي يكتسبها بالمران، ويمكنه كذلك هدم هذه الطريقة لاكتساب عادات جديدة مع القصة الجديدة.. المهم في جميع الأحوال أن يعايش شخصياته والأحداث التي تمر بها. وكاتب الرعب والمجالات البوليسية والتشويقية عموما يجب أن يكون قادرًا على ابتكار حبكة جيدة، وأن يكون ملما بخيوطها جيدا، ويمكنه أن يخفي بعض المعلومات ليذكرها في الوقت المناسب، ويمكنه أن يدّخر مفاجأة للقارئ بالنهاية إذا أمكن، وكانت أجاثا كريستي تقول إن أكثر ما يمتعها في الكتابة هو ابتكار الحبكات. إذا أرادت سالى أن تكتب قصة مرعبة .. ما هى الطقوس التى تلجأ إليها؟ أدّخر لنفسي متعًا صغيرة أثناء الكتابة تحفزني عليها، مثل أغنية كلاسيكية أو كوب نسكافيه، وأقسم الكتابة إلى مراحل، وفي الغالب لا أقفز إلى مرحلة قبل الأخرى، المرحلة الأولى تكون للبحث حول الجانب العلمي أو الأسطوري أو التاريخي للقصة إن وجد، أو الجانب التقني، المهم أن أكون ملمة بكل جوانب الموضوع الذي أتناوله، وفي المرحلة الثانية يمكنني تصور القصة كاملة في خيالي، وأستعين بالأوراق من أجل أن أضع مسودة تخص الشخصيات وتطور الحبكة، فمثلا أقول إنه في بداية القصة سيحدث كذا ثم تتطور إلى كذا وحتى النهاية، وأحب أن أكون على علم بالنهاية قبل بداية الكتابة، مما يسهل المرحلة الأخيرة وهي الكتابة، فتكون تحقيقًا لما سبق. هذا معتاد، ولكني في بعض الأحيان أعكس المراحل من أجل تشويقي الشخصي واستمتاعي بعملية الكتابة. هل صحيح أنك تلجأين أحيانا للكتابة فى أجواء مظلمة للبحث عن حبكة مثيرة؟ نعم، إلا لو شعرت بالخوف، حينها أضيء النور. أحمد خالد توفيق .. ماذا يمثل لكتاب الرعب فى مصر؟ د. أحمد خالد توفيق هو الأب الروحي لنا، وتعلمنا منه الكثير عن الأدب والحياة، وهو متواضع مثل شخصياته وراق وودود ومبدع ومحب للإبداع والجمال .. وهو دومًا قريب من قرائه ومتفهم لهم على اختلاف أعمارهم، وبالنسبة لي فقد تعلمت منه كل شيء عن أدب الرعب وكل شيء آخر، وقرأت رواياته للمتعة والتعلم مرات عديدة. كأشهر وأول كاتبة رعب .. كيف ترين الأعمال الجديدة للكتاب الشباب فى هذا المجال؟ أراها متميزة ومتجددة، بطبيعة المجال الجديد الذي مازال يسمح بالكثير من الإبداعات قبل أن يتم اتهام الفكرة بأنها مكررة .. البعض يمزج الرعب بالكوميديا، البعض يمزجه بالفانتازيا والخيال العلمي، البعض من أمثالي يمزجه بالرومانسية والجوانب الاجتماعية والإنسانية، فتصبح النواتج مميزة ومختلفة في كل مرة. حدثينا عن أحدث أعمالك الأدبية؟ وما مضمونها؟ صدرت لي أربع روايات من سلسلة الحب والرعب ضمن إصدارات المؤسسة العربية الحديثة، وهناك عددان جديدان يصدران في معرض الكتاب القادم إن شاء الله، الأول بعنوان شايب بالأحكام، وهو رواية. والثاني بعنوان سأقول سأقول، وهو مجموعة قصصية في إطار قصة كبرى تجمع شخصيات المجموعة معًا، وهو ما يسمى بحلقة رعب، وهذا من الأشياء اللانهائية التي تعملتها من د. أحمد خالد توفيق، وهناك قصص قصيرة متنوعة أنشرها على مدونتي "قصص رعب" وعلى صفحتي على فيس بوك. ذكرتِ أن مؤلفى قصص الرعب ينفون عن أنفسهم وصف "الأديب" منهم مثلا الكاتب الأشهر ريتشارد ماثيون ... يا ترى ليه؟ كان يشتهر عن ريتشارد ماثيون أنه يكتب العديد من القوالب الأخرى، ويرفض تصنيفه ككاتب رعب، وينصح الكتّاب دائمًا ألا يخضعوا لتصنيف ما، وهي وجهة نظر شائعة تفيد بأن الكتابة الجيدة يجب أن تسمى "كتابة جيدة" بصرف النظر عن أي تصنيف آخر، خاصة إذا كان التصنيف يُنظر له نظرة فوقية من النقاد وكتّاب المجالات الأخرى، ولكن بالنسبة لي لا أهتم للتسميات، ولا أغضب منها، ما يضرني إن كنت كاتبة رعب؟ فلقد اعتدنا تصنيف الأشياء لسهولة التعامل معها لا أكثر، لا أحد يقصد إهانة بالتأكيد، وبالنسبة لعشقي لأدب الرعب، فأنا أعتبره شرفًا لي، وليست من الحكمة معاندة القدر على أي حال، فرغم كل ما حاوله ريتشارد ماثيون، مازال حتى الآن يُشتهر ككاتب رعب.