فجأة وبدون أية مقدمات قرر مجلس النواب قطع البث المباشر لجلسات البرلمان، بعد أن أعلن رئيسه الدكتور على عبد العال أنه تلقى 40 مقترحا للمطالبة بوقف بث جلسات المجلس على الهواء مباشرة، وهو ما قابله النواب في القاعة بالتصفيق، حيث كان المشهد الأخير قبل قطع الإرسال وقبل أن تسود الشاشة. خاص: الخلفيات تعود إلى بداية الجلسة الثانية للمجلس أمس الاثنين بعد انتهاء انتخاب الوكيل الثاني للمجلس، حيث بدأ عبد العال الجلسة الثانية بأن عرض على النواب تشكيل 6 لجان، 5 منها لدراسة القوانين التي صدرت في غيبة البرلمان، ولجنة لإعداد لائحة جديدة للمجلس، وحدد عبد العال أسماء رؤساء وأعضاء هذه اللجان من تلقاء نفسه ودون عرض على المجلس، وهو ما قوبل بالرفض من الأعضاء بسبب عدم الرجوع إليهم وعدم وجود أي سند قانوني لتشكيل هذه اللجان. واشتد الاحتجاج في القاعة لكن الأمر لم يكن مبالغا ولم يكن يستحق على الإطلاق أن يتخذ رئيس المجلس قرارا برفع الجلسة لحين انتظامها - بحسب قوله. بالفعل رفعت الجلسة لمدة 20 دقيقة ليعود بعدها رئيس المجلس بقرار مفاجيء بوقف بث الجلسات، الأمر الذي تثير معه التساؤلات والشكوك حول ترتيب ذلك القرار والسعي وراءه خاصة من قبل رئيس المجلس . وهنا لابد من الإشارة لعدد من النقاط المهمة أولها أن الجلسة لم تكن جلسة خاصة أو جلسة يناقش فيها قضايا ذات طبيعة تستلزم معها السرية، فالمجلس لم يكن يناقش قضية أمن قومي مثلا حتى يتخذ قرارا بوقف البث، فوفقا للمادة 120 من الدستور فإن جلسات المجلس علانية ويجوز جعلها سرية بضوابط معينة وهي تكون بناءا على طلب من رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء أو رئيس مجلس النواب أو 20 من أعضائه على الأقل ثم يقرر المجلس بأغلبية أعضائه ما إذا كانت المناقشة التي تجرى أمامه تتم في جلسة سرية أم علانية..هذه هي الضوابط التي ذكرها النص الدستوري لجعل الجلسة سرية..صحيح أن السرية لم تتحقق في جلسة الأمس حيث كان يحضرها الصحفيون والمصورون وبالتالس فالجلسة محل مراقبة، لكن وقف البث ليس له أي مبرر خاصة أن القرار يحرم المواطنين من حقهم في مراقبة ومتابعة نوابهم الذين منحوهم ثقتهم وجاءوا بهم إلى هذه المقاعد. احتمالات كثيرة تقود إلى أن قرار وقف البث دفع به وتحمس له رئيس المجلس علي عبد العال، فكما أشرنا سابقا إلى ان قراره برفع الجلسة ليس له أي مبرر خاصة وأنه عاد ليقطع البث المباشر فورا عن الجلسة، وهنا يظهر بقوة مشهد المبارزة بين النائب المعين المستشار سري صيام والدكتور علي عبد العال، والذي ظهر للمرة الثانية خلال جلسة الأمس، بعد إعلان اللأول رفضه لطريقة إدارة رئيس المجلس للجلسة متهمه بأنه يسمح بالكلمة للنواب الذين يعرفهم فقط، علاوة على رفض صيام أيضا لقرار تشكيل اللجان المعلن عنه في بداية الجلسة، وهو ثانى المواقف المحرجة التى يقع فيها رئيس المجلس بسبب سرى صيام، وربما أراد عبد العال أن يخفي هذه المبارزة اليومية عن الشاشات. قرار وقف بث جلسات مجلس النواب لم تكن السقطة الأولى التي وقع فيها المجلس، والذي ستخلفه ردوود فعل غاضبة ومحتجة كبيرة، فقد سبقها تلك البرقية التي أرسلها المجلس إلى رئيس الجمهورية وتلاها رئيسه وتضمنت عبارات مديح قوية لا يصح أن تخرج من البرلمان الذي يمثل السلطة التشريعية والذى من المفترض أن يقوم بدور رقابي على الحكومة والرئيس أيضا، فحين يعلن المجلس أنه يؤيد السياسات الحكيمة للرئيس فماذا ننتظر منه؟، وهو في حل من أن يعلن عن ذلك وليس مطالبا به لكنه أمر كاشف ويثير الشكوك حول قدرة هذا البرلمان في ممارسة دوره الرقابي.