يا شهيد نام وأرتاح وإحنا نكمل الكفاح، يا علاء قول لأبوك مصر مش عزبة أبوك، أطلع بره يا حسنى، الشعب يريد إسقاط النظام، أرحل متجوز من عشرين يوم، الجيش المصرى جيشنا، حسنى مش ريسنا، كفاية كده، الجيش والشعب إيد واحد". هذه الكلمات بدأ بها عرض مسرحية "كان سوء تفاهم" لفرقة كان سوء تفاهم، تأليف جماعى للفريق، ومن إخراج محمد بركات، وتم عرض المسرحية ضمن فعاليات احتفالية حكايات يناير التي تنظمها الهيئة العامة لقصور الثقافة برئاسة سعد عبد الرحمن التي تقام على مسرح منف بالعجوزة، وتستمر حتى 28 مارس الجاري، حيث بدأ العرض بإغانى وطنية، ولافتات منثورة فى كل اتجاه تجسد كافة أحداث الثورة. تدور أحداث العرض حول فساد الإعلام المصرى وتعتيمه على الحقيقة التى كانت تحدث فى الميدان فضلا عن تشويه صورة الثوار واتهامهم بالخيانة، ولكن تظهر الحقيقة ويسقط الفساد عندما يعاين الشباب الواقع الحى فى الميدان، ويسقط الفساد، وتقوم مصر حرة كما قامت، فالعرض يأتى فى إطار التوثيق بالفن، وهذا يتوافق مع مضمون الاحتفالية " حكايات يناير" فقد جاءت اللافتات التى شكلت فضاء المسرح ليكون محاكاة لميدان التحرير أيام ثورة 25 يناير 2011، ثم شكلوا عدة صور درامية صامتة تحكى مشاهد حية من الميدان كالاعتداءات بالضرب وإلقاء القنابل المسيلة للدموع، واستشهاد الكثير من الأصدقاء، والتعدى الأمنى والضرب بالعصى والأحذية، حيث بدأ المشهد الأول بظهور شاب يلتف حوله باقى الفريق يلصقون عليه لافتات كُتب عليها" قهر، حرية، ظلم، عدالة، عنف، فقر، ذل، مهانة، احترام، حرية، استقلال، ضرب، قتل، فساد، إرادة" حيث يشعر الشاب بالثقل ومع الحركات العنيفة التى يتلقاها من الجموع الذين يضربونه بسبب وبدون، فيتهاوى، وهى صورة لا تحتاج لتفسير ولكنها توثيقية بالحقيقة كما جاء فى الميدان مجسدا هذا الشاب مصر التى عانت الكثير من الألم حتى تنال حريتها، تلاه مشهد لزوج وزوجه فى سن متقدمة من العمر يجلسون فى رعب فى منزلهم يشاهدون التلفاز والمقارنة بين القناة الأولى وتلاعبها بالمشاهد، وبث مشاهد للثورة المضادة التى فى صالح الرئيس السابق حسنى مبارك والحقيقة التى يشاهدونها على قناة الجزيرة، وحالة الرعب التى تنتاب ساكنوا البيوت وهى الحالة التى شهدها الشعب بالكامل حين كان يتلصص الخوف ويتسرب تحت جلودهم، ويأخذ الشباب يجسدون مفارقات البرامج الإخبارية فى كلا من القناة الأولى التى قدموه تتر برنامج حديث المدينة لمقدمه مفيد فوزى، وهو الداعية الإعلامية للسلطة ولحملة الثورة المضادة التى تؤيد مبارك باعتباره عضو فى الحزب الوطنى، وصورة درامية أخرى للترويج الإعلامي السييء الذى أساء للشباب ونتج عنه تأثر الشارع المصرى بما أثاروه ضد الثوار، فحين أن الوضع فى الميدان هو حالة راقية من الوطنية والاستشهاد الحقيقى فى سبيل تحرير الوطن، لذلك قام عدد من الشباب بإقناع أمثالهم، فيحتشد الشباب فى الميدان، ويحدث أن يقاتلون ضد المظاهرة المؤيدة لمبارك ويموتون واحدا تلو الأخر، ثم يأتيهم البيان الذى أعلن فيه التنحى فينهضون مبتهجين، وتستمر الأغاني الوطنية الحديثة والقديمة كأغنية أزاى أرضيكى حببتى، ويا بلادى يا بلادى، ومن أغانى سيد درويش الوطنية، غنوا "أهو ده اللى صار وأدى اللى كان"، وأغنية "قوم يا مصرى مصر دايما بتناديك"، وأغنية "بلادى بلادى بلادى لك حبى وفؤادى". حيث وقفوا متجهين للغرب والشرق ليملئون العالم بأغانيهم الوطنية وكأن الميدان صار وطن جديدا جدد روح مصر، وجعلها تولد من جديد بدماء الشهداء وأصوات الأطفال ودموع الأمهات، وجروح المصابين لتنهض مصر ملكة متوجهة فى وسط ميدانها الحر.