أقامت دار الأوبرا المصرية احتفالية كبرى للفنان الراحل نجيب الريحانى بمناسبة مرور الذكرى العشرين بعد المائة على ميلاده .. ، وضمت الاحتفالية معرضاً لأهم مقتنيات الريحانى إلى جانب عدد كبير من الصور لمسيرته حياته وعدد من اللوحات التى تحكى عن لحظات نادرة فى مسيرته ومشواره بريشة الفنان التشكيلى حمدى الطحان ..ويضم المعرض صورا نادرة جدا تشير إلى إشادة الكثير من العظماء بموهبته مثل سعد باشا زغلول ونجيب محفوظ ومصطفى أمين وطلعت حرب باشا والفيلسوف الفرنسى أندريه جيد كما توجد صورة أخرى يظهر فيها الملك فاروق وهو يبكى الريحانى ، كما توجد صورة للريحانى وهو يداعب أبنته جينا إلا أن اغرب ما فى المعرض هو مخطوطة بيد الريحانى ينعى فيها نفسه قبيل وفاته ب 15 يوماً وقد تم نشر هذا النعى فى بعض الجرائد التى كانت صادرة فى ذلك الوقت حيث كتب يقول" مات نجيب مات الرجل الذى اشتكى منه طوب الأرض .. مات نجيب الذى لا يعجبه العجب ولا الصيام فى رجب ، مات الرجل الذى لا يعرف إلا الصراحة فى زمن النفاق ولم يعرف إلا البحبوحة فى زمن البخل والشح .. مات الريحانى فى ستين ألف سلامة .. حرص على حضور الاحتفالية عدد كبير من المثقفين والنقاد والفنانين وقد تقدمتهم ابنة الفنان الراحل جينا .. وقد تحدث فيها الناقد رفيق الصبان حيث قال: اليوم ونحن نحتفل بذكرى نجيب الريحانى فنحن نحتفل بأنفسنا قبل أن نحتفل بهذا الفنان الكبير الذى ندين له بالكثير خاصة فى ظل الحالة التى وصلت إليها الكوميديا المصرية التى انحرفت عن المسار الحقيقى لها فلقد احترم تقاليد فنه حتى النهاية فوضع بذلك اساسا للكومبدبا العربية، كما حقق المعادلة الصعبة فى كيفية ان يجعل المثقف ورجل الشارع فى نفس الوقت يحترمون فنه فهو إذن أرضى العامة وأرضى الخاصة لأن مسرحه وفنه التصق بهموم الشعب وبمشكلاته فعبر عنها بشكل ضاحك، فالكوميديا كانت المتنفس الوحيد للغضب أيام الاحتلال ولذلك كان الريحانى سابقاً لزمانه فاستطاع أن يتحدى رقابة الملك ورقابة الانجليز ورقابة الرجعية المصرية بفنه واحساسه ، وللأسف ما تبقى من الريحانى هو أربعة أو خمسة أفلام وهى لا تجعلنا نضع أيدينا على الطاقة المسرحية الهائلة التى كان يتمتع بها هذا الفنان فللأسف ضاع تراث هذا الرجل ورغم ذلك نشعر فيما تبقى من أعماله بمدى عظمته وشخصيته القوية المؤثرة التى استولت على لب وعقل وفكر الجمهور لسنوات طويلة . كما تحدث فى الاحتفالية أيضا الناقد التشكيلى الفنان حمدى الكيال حيث يعرف الكثير عن حياة الفنان الراحل من خلال صداقته بالفنان بديع خيرى والفنانة مارى منيب .. يقول : الريحانى ضرب مثلا فى الكفاح ضد الفقر حتى وصل لهذه المرتبة العالية فقد كان فنانا سياسيا ووطنيا وقد مر ببعض المواقف التى جعلت منه اسما يتحدث عنه الجميع حتى صار زعيما للكوميديا وصديقا لكبار الزعماء السياسيين وقد اشتهر بشخصية المصرى طيب القلب قليل الحظ الصبور على المصائب ومع ذلك كان قادرا على السخرية من سوء حظه ، ولقد حارب الريحانى بموهبته واسلوبه الفساد والاستمار فى ذلك الوقت عن طريق مسرحياته .. إن هذا الفنان الذى نحتفل بذكراه اليوم عاش عطوفا على زملائه يساعدهم ويقدم لهم العون إذا احتاجوا فى الخفاء دون ان يشعر احد بما يقوم به الفنان من اعمال خيرة وهذا ما حكاه لى بديع خيرى ورغم ذلك فقد مات مديونا، أيضا الريحانى كان وفديا ولما قامت ثورة 1919 خرج بفرقته رافعا شعار يحيا سعد زغلول وعاش الهلال مع الصليب وكان هذا الرجل ثوريا وقد عرف ى جميع أنحاء العالم وقال عنه الفيلسوف الفرنسى اندريه جيد أنه ليس له نظير فى أى مكان وكان هذا الفيلسوف صديقل للدكتور طه حسين وكان يحضر لمصر مخصوص حتى يتعرف على هذا الفنان ويرى مسرحه .. أيضا الملك فاروق كان يعشق الريحانى وحزن عليه جدا عند وفاته لدرجة انه لم يصدق انه مات وأمر ان تكون جنازته شعبية وأطلق عليه فنان الشعب ايضا كان احمد حسنين باشا وكيل الديوان الملكى على صلة وثيقة بالريحانى وكان ينقل أخباره للملك ، أيضا من الصدف الغريبة ان الريحانى نعى نفسه فى الصحف قبيل وفاته ب 15 يوما مما كان مدعاة للسخرية من بعض الشخصيات التى اعتقدت انها نكتة أو دعاية ولكن القدر أراد أن تصدق نبوئته وشيعت جنازته بصورة مهيبة لدرجة لم تشهدها القاهرة من قبل.