دعت خطبة الجمعة فى الجامع الأزهر اليوم إلى الوحدة الوطنية وإلى ضرورة الحذر مما يراد بمصر من سوء ومخططات وأكدت على أن الإسلام يرفض العنف وإزهاق النفس بالباطل .. ألقى خطبة اليوم فضيلة الشيخ عيد عبد الحميد مشرف الجامع الزهر وأحد كبار الأئمة به.. وذكر الخطيب أن الله سبحانه وتعالى أمرنا أن نحافظ على دور العبادة، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه حمى كنيسة النصارى في اليمن وحمى النصارى من عسف اليهود واضطهادهم، وفتح أبواب مسجده لنصارى من نجران عندما أرادوا أن يتعرفوا على الإسلام وكانوا 60 راكباً بل وأفسح لهم النبي صلى الله عليه وسلم مسجده حينما حان وقت صلاتهم فاتجهوا إلى المشرق .. وعندما دخل عمر ابن الخطاب بيت المقدس استلم مفتاح المدينة ووعد الناس بحمايتهم وقال للناس "من عمرو بن الخطاب، لكم الأمان ولكم الاستقرار لا تهدم كنائسكم ولا تكسر صلبانكم ولا يعتدى على أموالكم ولا أعراضكم وظل هذا العهد قائماً حتى يومنا هذا". ولما غزا التتار بلاد العرب وخرج لهم قطز بالمصريين وانتصر قطز وانتهت الحرب فقد أراد التتار إطلاق سراح المسلمين فقط من الأسرى دون النصارى فأبى قطز، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية أن أهل الكتاب هم أهل ذمتنا وذمة الله ورسوله وأنه لا تصالح بغير إطلاق جميع الأسرى وهم سيان في ذلك. وذكر الخطيب أن المصريين نسيج واحد وبناء واحد شامخ ولقد قاتل أهل مصر جميعاً الأعداء في جميع العصور ووقفوا متحدين ضد التتار والصليبيين والإنجليز واليهود .. وفى حربنا مع اليهود في 1973 حاربنا كلنا وكنا نأكل في إناء واحد على الجبهة ونجلس ونحارب حتى انتصرنا فنحن أهل مصر فى محبة ومودة ووئام منذ أن فتحت مصر. فمصر بلد مقدسة ذكرت مرات عديدة فى القرآن وزارها الأنبياء وتزوج منها خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام عندما تزوج من هاجر وأنجب منها إسماعيل جد النبى محمد صلى الله عليه وسلم، كما عاش فيها يوسف وأهله وولد فيها موسى وبعث منها إدريس وزارها نبى الله عيسى. ونبهت الخطبة جموع المصلين على ضرورة الحذر من الفتنة ومما يراد بمصر من مخططات تستهدف وحدتها من الحاقدين على وحدتها لكن ستظل مصر آمنة وموحدة، فالله سبحانه وتعالى كرم الإنسان وأرسل إليه كتبه ورسله وملائكته وأمر الله تعالى أن يحافظ الإنسان على الأمانات الخمس: النفس والمال والعرض والعقل والدين .. والنفس ليست ملكاً للإنسان وإنما هى ملكاً لخالقه فالإنسان هو بناء الله ولا يجوز هدم بناء الله ولذا لا يحل لإنسان أن يقتل أخاه الإنسان إلا بحق معلوم قال تعالى "أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا" أى من أجل الدفاع عن النفس "ومن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم" واختلاف الأديان من سنن الله فى أرضه وفى خلقه "ولو شاء ربك لآمن من فى الأرض جميعاً" ولو شاء الله لجعل الناس أمة واحدة .. فالدنيا قائمة على الاختلاف والتنوع. أما عن نظرة الإسلام إلى أهل الكتاب من اليهود والنصارى فهي نظرة احترام وإجلال .. فلنا أن نبيع لهم ونشترى منهم ونأكل طعامهم ونمشى فى جنازاتهم ويجوز لنا أن نتصدق على فقرءاهم وقد رأى عمر بن الخطاب يهودياً فقيراً يطلب المسألة فجعل له من بيت مال المسلمين نصيباً كما يجوز لنا أن نقدم لهم الهدية ونقبل منهم الهدية والنبى صلى الله عليه وسلم وقف عندما رأى جنازة يهودي فسأله عمر لما وقفت فقال أليس نفساً يا عمر وفى رواية أليس إنساناً يا عمر، وهكذا تكون المعاملة مع أهل الكتاب فنكون معهم فى أفراحهم وفى أحزانهم وفى سرورهم وفى جميع الأحوال. وتطرقت خطبة الأزهر أيضاً إلى ضرورة أن يسود السلام والمحبة ونفى الشرور والإيذاء استشهادا بقول النبى صلى الله عليه وسلم حينما قال "من آذى ذميا فقد آذانى" والمؤمن من أمن الناس على دماءهم وأعراضهم وحقنا للدماء فقد أمر رب العزة سبحانه وتعالى أن يوفى المؤمن بالعهود والمواثيق مع كل البشر حتى مع أهل الشرك . اللهم من أراد مصر بسوء فردهم خائبين مدحورين واللهم وفق أهل مصر إلى ما تحبه وترضاه وأن يسود الحب والتعاون دائما على الخير والبر .. آمين