رئيس مجلس الشيوخ يهنئ السيسي بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر    رئيس مجلس الشيوخ يحيل عددًا من القوانين للجان المختصة والبت فيها    3 أكتوبر 2024.. أسعار الحديد والأسمنت بالمصانع المحلية اليوم    بيع 4 قطع أراضٍ بأنشطة مخابز جديدة بالعاشر من رمضان لزيادة الخدمات    مدبولي ورئيس ولاية بافاريا الألمانية يشهدان توقيع إعلان نوايا مشترك بين وزارة الكهرباء وحكومة بافاريا    أمين عام مساعد الجامعة العربية: سيناريوهات الاحتلال مكشوفة وعلينا جميعا إفشالها    بالفيديو.. استمرار القصف الإسرائيلي ومحاولات التسلل بلبنان    20 غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية و6 قتلى بقصف وسط بيروت    العثور على جثة متفحمة داخل شقة في أكتوبر    الحماية المدنية تسيطر على حريق شقة سكنية في مدينة 6 أكتوبر    ضبط 367 عبوة دواء بيطري منتهية الصلاحية ومجهولة المصدر بالشرقية    نائب وزير الإسكان يتابع موقف تقديم خدمات مياه الشرب والصرف الصحي بمحافظة دمياط..والمشروعات الجارية    باحث سياسي: حرب إسرائيل بلبنان تستعيد نموذج قطاع غزة.. فيديو    تسيير عدد محدود من الرحلات الجوية لإجلاء البريطانيين من لبنان    السعودية تدعو لوقف الانتهاكات ضد الشعب الفلسطيني    «اتكلم عن فرقتك وبس».. شوبير يوجه رسالة نارية لمسؤول الزمالك    نائب رئيس الزمالك: زيزو طلب أكثر من 60 مليون للتجديد.. وهذا عيب النجم الأوحد    "من أجل البرونز".. موعد والقناة الناقلة لمباراة الأهلي وبرشلونة في كأس العالم لليد    4 أزمات تهدد استقرار الإسماعيلي قبل بداية الموسم    مفاجآت اللحظات الأخيرة في صفقات الزمالك قبل نهاية الميركاتو الصيفي.. 4 قيادات تحسم ملف التدعيمات    التابعي: الزمالك سيهزم بيراميدز.. ومهمة الأهلي صعبة ضد سيراميكا    تشكيل فرانكفورت المتوقع لمواجهة بشكتاش.. عمر مرموش يقود الهجوم    بحث سبل التعاون بين وزارتي الصحة والإسكان في المشاريع القومية    كلية العلوم تعقد اليوم التعريفي لبرنامج الوراثة والمناعة التطبيقية    وزير العدل يشهد مراسم توقيع اتفاقية تسوية منازعة استثمار بين الري والزراعة    ضبط سائقين وعامل لقيامهم بسرقة أموال ونحاس من داخل شركة وورشة بالمعادي والجمالية    ضبط قضايا إتجار بالنقد الأجنبي بقيمة 17 مليون جنيه خلال 24 ساعة    الداخلية تكشف قضية غسل أموال بقيمة ربع مليار جنيه    المتهم الخامس بواقعة سحر مؤمن زكريا يفجر مفاجأة فى التحقيقات    17 مليون جنيه إيرادات فيلم عاشق في دور العرض خلال 3 أسابيع    «وسائل إعلام إسرائيلية»: إطلاق 10 صواريخ على الأقل من جنوبي لبنان    هل رفضت منة شلبي حضور مهرجان الإسكندرية؟.. رئيس الدورة ال40 يحسم الجدل    «قنديل»: ورشة عمل لتحسين الأداء وجودة الخدمات الصحية المقدمة للمواطنين    الصحة: تشغيل جراحات القلب في الزقازيق وتفعيل أقسام القسطرة ب3 محافظات    نقيب الأطباء: ملتزمون بتوفير فرص التعليم والتدريب لجميع الأطباء في مصر إلى جانب خلق بيئة عمل مناسبة    أول امتحانات العام الدراسي الجديد 2025.. التعليم تكشف الموعد    ألفاظ خارجة.. أستاذ جامعي يخرج عن النص ويسب طلابه في «حقوق المنوفية» (القصة كاملة - فيديو)    إعلان النتيجة النهائية لانتخابات مركز شباب برج البرلس في كفر الشيخ    ليل ضد ريال مدريد.. سقوط مفاجئ للملكى فى دوري أبطال أوروبا (فيديو)    وزير الثقافة يفتتح الدورة 24 لمهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    زوج إيمان العاصي يمنعها من رؤية أولادها..أحداث الحلقة 15 من «برغم القانون»    الدفاع الروسية: إسقاط 113 مسيرة أوكرانية فوق عدة مقاطعات روسية    أسعار الفاكهة اليوم الخميس 3-10-2024 في قنا    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الخميس    نجاح عملية استئصال لوزتين لطفلة تعانى من حالة "قلب مفتوح" وضمور بالمخ بسوهاج    ‫ تعرف على جهود معهد وقاية النباتات لحماية المحاصيل الزراعية    «يا ليالي الطرب الجميل هللي علينا».. قناة الحياة تنقل فعاليات مهرجان الموسيقى العربية ال 32 من دار الأوبرا    الفنانة منى جبر تعلن اعتزالها التمثيل نهائياً    حكم الشرع في أخذ مال الزوج دون علمه.. الإفتاء توضح    ما هي الصدقة الجارية والغير جارية.. مركز الأزهر يوضح    كيفية إخراج زكاة التجارة.. على المال كله أم الأرباح فقط؟    هانئ مباشر يكتب: غربان الحروب    الانقلاب يدعم المقاومة الفلسطينية بتجديد حبس 153 شاباً بتظاهرات نصرة غزة ً وحبس مخفياً قسراً    محافظ الفيوم يُكرّم الحاصلين على كأس العالم لكرة اليد للكراسي المتحركة    حظك اليوم| برج العقرب الخميس 3 أكتوبر.. «يومًا مليئا بالتغييرات المهمة»    أستون فيلا يعطل ماكينة ميونخ.. بايرن يتذوق الهزيمة الأولى في دوري الأبطال بعد 147 يومًا    تعدد الزوجات حرام.. أزهري يفجر مفاجأة    وزير الصحة الأسبق: هويتنا تعرضت للعبث.. ونحتاج لحفظ الذاكرة الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. عبدالمنعم سعيد في حوار عن الزمان والمكان ( 1 )
نشر في بوابة الشباب يوم 02 - 01 - 2011

كل شيء في الدنيا يصبح أكثر وضوحا اذا ربطناه بالتاريخ والجغرافيا .. أي بالزمان والمكان . وإطار الزمان وحدود المكان تضفي علي الصورة مزيدا من الموضوعية خاصة عندما نتكلم عن وطن بحجم مصر , ومع مفكر بقيمة الدكتور عبدالمنعم سعيد رئيس مجلس ادارة الأهرام ( ثانيا ) والخبير الاستراتيجي ( أولا ) أما الزمان فقد حددنا له بداية ونهاية .. يبدأ قبل 10 سنوات من الآن , ويمتد للسنوات العشر القادمة .
شارك في الحوار : وليد فاروق محمد
مروة عصام الدين محمد شعبان
كريم كمال محمد فتحي
تصوير : أميرة عبدالمنعم
فالسنوات العشر الماضية شهدت الكثير من التحولات علي المستوي الدولي , وانعكست آثارها علي واقعنا المحلي , سنوات حدثت فيها أزمات سياسية وانهيارات اقتصادية وظهرت فيها ايضا أجيال جديدة من وسائل التكنولوجيا الأكثر تطورا عما كان موجودا قبل سنة 2000 وربما عما كنا نتوقع أن يكون متاحا بين ايدينا اليوم .. ومن الطبيعي أن يكون لكل ذلك انعكاسه علي السنوات العشر القادمة .
أما المكان .. فقلب الوطن العربي , مصر التي تتأثر وتؤثر .. تتقدم وتتراجع .. تنفتح وتنغلق ، ومن ثم يكون السؤال : ماذا حدث في مصر خلال السنوات العشر الأخيرة؟ وكيف انعكس تأثيره علي واقع الحياة الآن؟ وماذا يتوقع الدكتور عبدالمنعم سعيد من خلال قراءته للأحداث لمصر في السنوات القادمة؟
هذا هو الإطار العام .. اما علي المستوي ( الخاص ) فقد اخترنا لاجراء هذا الحوار زمانا ومكانا أيضا .. فقد أجريناه في مطلع الشهر الاخير من عام 2010 وذهبنا الي الدكتور عبدالمنعم سعيد في مكتبه بمؤسسة الاهرام .. وبالتالي كان للأهرام نصيب من الحوار خاصة ونحن نلمس ان هناك اتجاها واضحا لتفعيل دور الصحافة الالكترونية والاهتمام بها باعتبارها تمثل ملمحا مهما من ملامح المستقبل .
* مصطلح او تعبير ( الماضي الجميل ) أصبح شائعا حتي أن كثيرين يرون دائما أنه ليس في الامكان اجمل مما كان .. هل تري اننا نتغير دائما للأسوأ؟
من الناحية الفلسفية كان هناك دائما نقاش حول من هو الرجعي ومن التقدمي في هذه الزاوية تحديدا , وكان هذا نقاشا مهما في الخمسينيات والستينيات , وكان التقدمي يري أن التاريخ ينطلق من اللحظة الحالية وأن الناس دائما تتحسن ولكن الرجعي يعتبر أن الماضي هو أفضل من الحاضر , والرأي الأول يري الدنيا تتغير , وأنه لايوجد شيء يثبت علي حاله ولكن كل الأمور تخضع للتطور , ولكن الرأي الثاني يري ان الأمور ليست فقط تثبت علي حالها ولكنها أيضا ترجع للوراء , ولكن من يقول إن 2000 أفضل من 2010 من الناحية المجردة هذا مستحيل بحكم مجموعة من الأشياء التي لا تحتاج الي تفكير طويل , فمن الناحية الطبية نري اليوم أن الأدوية حدث لها تطور كبير جدا في علاج العظام وآلام المفاصل والسرطان والصداع واصبحت أكثر تقدما مما كنا عليه سنة 2000, واليوم البشرية كلها بغض النظر عن كونك في مجتمع متقدم أو متخلف أصبحت تعيش فترة أطول نتيجة توافر مجموعة من العوامل بدءا من التعذية الي الوقاية الصحية لانخفاض وفيات الأطفال بسبب التطعيمات , فالمسألة ببساطة أصبحت أسرع أيضا , فما كان يتم في قرن أصبح يتم في 10 سنوات , وما كان يتم في ألف سنة أصبح يتم في 10 سنوات , لأن التقدم له علاقة بالزمان والمكان فهناك الآن طائرات اسرع مما كانت عليه منذ 10 سنوات , فالمسافة تكون أقل مما كانت عليه , و كقاعدة عامة اليوم أفضل من سنة 2000 قبل ان نفتح الكتاب لنقرأ ما جري في مصر , وما جري فيها جزء يخصها وجزء خارجها , فلم يكن في سنة 2000 يوجد ( أي باد ) وشكل الكمبيوتر او التليفزيون اختلف , وجودة الألوان اختلفت , وال 3D كان لازم بنظارة أما الآن فيوجد من غير نظارات , ونستطيع الآن ان نعمل شاشة للأطفال بحجم السبورة ونتحكم فيما يعرض علي الشاشة , فطرق التعليم البصرية اختلفت , فالعنصر التكنولوجي غير علاقتنا بالسرعة ورؤيتنا للأشياء , وهذا جاء لمصر , فهناك 20 مليون شاب يدخلون علي الانترنت في 2010, ولكن في سنة 2000 كان فيه نحو 350 الفا فقط , فأصبح 25% من الشعب يدخل علي الانترنت , فلم يكن هذا موجودا من قبل , غير ان هناك تطورات عالمية أثرت في مصر , خصوصا امرين , هما 11 سبتمبر والذي عمل تغييرا في العالم لانه كان مثل جملة اعتراضية علي موضوع العولمة وخصوصا العولمة التكنولوجية والثقافية والاقتصادية , فحصل لها زلزال نتيجة هذه الأحداث , وكوننا عربا ومسلمين دخلنا جملة اعتراضية , والأمر الثاني الأزمة الاقتصادية في 15 سبتمبر 2008 عندما حدث هبوط في بورصة نيويورك والعالم , فعملوا جملة اعتراضية علي العولمة , لانهم بينوا من الناحية الأولي ان العولمة احد افتراضاتها الاساسية انها ستؤدي الي كثير من التفاهم بين الشعوب , وان الناس تحب بعض طول ماهي لاتعرف بعض , ولكن لو عرفوا بعض لا , فعملية التبادل العدواني جعلت الناس تسأل العولمة أصبحت لحد فين , ففيه عولمة أمنية واقتصادية وتكنولوجية , فالموضوع تم تعقيده , ولم يكن بسيطا , وكان يسير في خط مستقيم , والحكاية نفسها موجودة في الأزمة الاقتصادية لأنها حصلت في مركز النظام العالمي وبشكل مدهش وبدأت تبين لنا أن العولمة بدون تحكم بشكل أو بآخر ممكن تؤدي للانهيار , وكان ماحدث خلال السنتين الماضيتين هو بناء نظام للتحكم , والجملتان الاعتراضيتان أثرتا علينا في مصر في الآتي :
أولا تعميق فكرة الإسلام ضد حاجة أخري ولكنها أضافت الزيت علي النار وهي مسألة الطائفية ولايمكن أن نفصلها عن أحداث 11 سبتمبر , وأعطت دفعة كبيرة للاتجاه الذي ينظر للدولة الدينية , يعني ليس صدفة أن الإخوان يحصلون علي 17 مقعدا في مجلس الشعب في 2000 ثم 88 مقعدا في 2005, والاحتكاك الديني الذي بدأ يكون موجودا , والأزمة الاقتصادية عملت نوعا من القيود علي ما بدأ من انطلاقة للاقتصاد المصري , وكل ذلك تغييرات جرت في الدنيا وأثرت علينا .
أما عن التغيرات التي حدثت في الداخل فأولا التغير السكاني , ففي خلال السنوات العشر زدنا بمقدار 15 مليون نسمة أي شعب كامل مثل لبنان علي إسرائيل علي الأردن , فأولا تغير سكاني وداخله مجموعة تغيرات مثل ارتفاع نسبة الشباب يعني حوالي 65% أقل من 30 سنة فنتكلم علي شعب من الشباب , إنما التغير السكاني الآخر أن نسبة المتعلمين في مصر وصلت إلي 72% ففي سنة 2000 كانت أقل من ذلك بكثير فهناك 10% زيادة , فكانت نسبة المتعلمين سنة 60 حوالي 20% والآن 72% فنسمع إن مصر وكوريا كانتا مثل بعض سنة 60 وحتي مصر كانت أحسن , ولكن لم يقل أحد إن كوريا الجنوبية كانت عندها 75% متعلمون ونحن 20% فكان عندهم استعداد للانطلاقة ونحن لا , فلما كان عندنا أسلحة بعد 67 وكانت محتاجة حد يركب دبابة لم يكن هناك أحد ولم يكن هناك من يأخذونه كطيار .
وبجانب ذلك الصحة , فمتوسط العمر المتوقع للمصري حوالي 70 سنة , فقبل الثورة كانت 47 سنة , وسنة 80 كانت 57 سنة , وهذا مهم لأنه بدأ تدريجيا يتغير المفهوم يعني ايه شاب ويعني ايه واحد في منتصف العمر .
اما عن التفاعل مع التكنولوجيا فمع تعلم 72% زادت نسبة استهلاك الموبايل أو التليفزيونات أو الكمبيوتر أو أي باد بنسبة كبيرة , وبالتالي الاتصال مع العالم الخارجي أصبح أكبر بكثير بالنسبة لأي جيل من ساعة بناء الأهرامات , فالجيل الحالي محظوظ للغاية .
أما عن الجغرافيا , ففي الستينيات كنا محبوسين علي النيل ونريد أن نطلع علي الصحراء وكان فيه محاولات وعملوا مديرية التحرير شرق ورشيد ولم تنجح التجربة , وعندما جاء السادات أراد أن يعمل حاجة اسمها الصالحية وعمل مزارع , وحتي الرئيس مبارك لما عمل توشكي لم يحدث جذب سكاني , ولكن في الفترة الأخيرة انتهت هذه المعادلة , وأصبح المصريون يريدون أن يخرجوا من الوادي , فالسادات وضع بذرة 23 مدينة خارج القاهرة ولم يكن أحد يريد أن يذهب لها , ولكن خلال السنوات العشر الماضية الناس بدأت تذهب لهناك وأصبحوا حوالي 4 ملايين نسمة , وفكرة خلق مستوطنات جديدة علي البحر أصبحت موجودة , فالمنطقة من السويس وحتي مرسي علم مأهولة وكانت مناطق غير مأهولة وكان لازم الأول يكون فيه تصريح عسكري , فنجيب المستكاوي كان يكتب عن الغردقة وكأنه في ادغال أفريقيا , بجانب شرم الشيخ التي أصبحت مدينة عالمية مزدهرة , وحتي العريش أصبحت مزدحمة , فالتنمية السكانية موجودة هناك , ولم يكن هذا موجود من قبل , ومادامت هناك جامعة وزراعة وسياحة يبدأ يتخلق مجتمع والساحل الشمالي موجود , والتوجه الآن اننا نخلق مدنا هناك , توجه أطلق عليه الذهاب إلي البحر , وحدث تغير لم يحدث لمصر من قبل وهو إن المصري يكون إنسان بحر , فأهل الإسكندرية وبورسعيد شخصيات مختلفة وعندهم فهلوة وشجاعة وتهويش وشخصية مختلفة عن الإنسان المرتبط بالنهر والوادي , فهذا تغير بدأ في السنوات العشر الماضية ولم يكن هذا ليحدث إلا بوجود تغييرات في مصر , فمثلا لن نذهب للغردقة إلا لو كان فيه مطار , فمصر حتي وقت قريب لم يكن بها سوي مطار دولي واحد وميناء واحد والآن أصبح لدينا أكثر من ميناء ومطار ومايقرب من 13 مطارا دوليا , أما عن حجم الطرق فلم تكن 6 أكتوبر لتحيي كمدينة لولا الطريق الدائري والمحور , ومن ناحية الكهرباء والطرق ووسائل الاتصال فهي التي سمحت بمزيد من الحركة للمصريين فهذه تغييرات كلها سكانية لأن الجغرافيا نفسها تغيرت , فلما أعمل مطار يبقي يعني ايه 500 كيلو للغردقة , فالمسافة نفسها تغيرت .
* كيف أثرت الحركات السياسية التي ظهرت في السنوات العشر الأخيرة علي الواقع السياسي الحالي وهل يمكن تشبيهها بحركات الرفض السياسي والاجتماعي التي ظهرت في مصر قبل الثورة؟
لا أعتقد أن التشبيه هنا وارد , لأن الحركات الشيوعية والإخوان لم تكن حركات وكانت أحزابا سياسية , بمعني أن لها قيادة ولها وثائق منظمة تجاه المجتمع فتريد أن تطيح بالملك ولها تصور معين ولها زعيم مثل حسن البنا , والحركات التي نمت خلال السنوات العشر الماضية مختلفة , وفيها سمة من سمات الحركات الاحتجاجية في الدول المتقدمة انها حركات شباب وليست لها وثائق أساسية لأنهم يكونون خائفين من الانقسام , ويعرفون مايعترضون عليه ولكنهم لايعرفون مايتفقون عليه , ولكن هذه الحركات لم تكن لتوجد لولا وجود الانترنت والفيس بوك وغيرها وأري أنها لاتزال في بدايتها , والواضح في رأيي أن الانتخابات الأخيرة أعطت صدمة لهذه الحركات , لأنه في الآخر رجعنا للأحزاب المنظمة التي لها رأس وقدم , ولها قواعد وناس تسقط وتنجح , إنما هم فين فحدث لهم تهميش , وماحدث لهذه الحركات مثلما حدث من قبل سنة 68 فكل هذه الحركات بدأت تندرج في القوي المنظمة للسياسة الموجودة في المجتمع , والمجتمعات ممكن تطرح الحركات الاحتجاجية التي تبين غضبها من ارتفاع الأسعار أو تصرفات إسرائيل يرفضونها أو الناس تريد أن تترقي مثل الإضرابات , فالناس ممكن تعبر عن هذا , إنما إنها تعمل تغييرا فهذا يحتاج لسبل منظمة , فأنا في تقديري ان الظاهرة التي وصلت من 2000 ل 2010 ليست مثل القديمة التي كانت لها اهداف واضحة . ولكن لما يحدث لها عملية نضج ستندمج ضمن الإطار العام للسياسة المصرية .
* وما تعليقك علي من يقول ان لجنة السياسات تقوم بدور نائب الرئيس؟
أري انه يوجد مبالغة في ذلك , فأمانة السياسات في مصر جزء من منفذي السياسات , فهناك حزب رئيسي مهيمن وهوالحزب الوطني والأحزاب الأخري عايزة تيجي عليه , وبالتالي جري اختراع موضوع وذيوله , والموضوع هو التوريث وذيوله امانة السياسات , فهي أمانة موجودة في كل احزاب العالم المتقدم والتي تقوم بالتفكيرللحزب , وفيه فرق ان ناس تفكر للحزب عن العدالة او القيم العامة , ولكن حد يفكر ماذا نفعل في الصحة اوالتعليم او التخطيط العمراني , ومعظم الحاجات التي نفذتها الوزارة الحالية خرجت من لجنة السياسات , فما يحدث انها في كل سنة تعمل أجندة طويلة وكل موضوع فيها يأخذه مجموعة خبراء ويعرضون ورقة تتم مناقشتها ثم يتم عمل الورقة بشكل جديد ويرون هل هذا الكلام عملي أم لا ؟ ويتكون مشروع معين , فتأخذه الوزارة وتتبناه وتناقشه في مجلس الوزراء ثم تبدأ اللجنة التشريعية وتحوله لقانون ثم يذهب لمجلس الشعب , واحيانا هذه العملية تخرج قانونا مختلفا تماما عما حدث في لجنة السياسات , واذكر مثلا مشروع قانون الجامعات الأهلية فكل التحفظات والتعديلات عليه في مجلس الشوري كانت قادمة من الحزب الوطني مع انه كان قادما اصلا من الحزب الوطني , وهذه اشكال جديدة من التفكير , وامانة السياسات ليست نائبا ولكنها مركز لتفكير الحزب الوطني , واعتقد أن اي حزب عاقل تفكيره في السياسات العامة ليس فقط وظيفة رئيس الحزب او الهيئة العليا لانها هيئة سياسية ولكن لجنة السياسات لا تدير الحزب ولا هي المتحدثة باسم الحزب .
* ولكن هل وجود شخص جمال مبارك في امانة السياسات يعطي هذا الانطباع؟
بالتأكيد وجود ابن الرئيس يعطي لونا خاصا , ولا نستطيع ان نستبعد هذا العنصر , ولكن عندما تتحول الحكاية إلي قانون فالموضوع يختلف , خاصة أن الاستاذ جمال حريص علي ألا يكون له موقف خاص , فعادة فيه خلاف , واعتبر الحزب الوطني جبهة وطنية عريضة مثلما كان هناك حزب الوفد من قبل وكان فيه السعديون قبل أن يكون هناك حزب , والحزب الوطني كجبهة وطنية عريضة فيها يسار ووسط وغيرهما , ويمكن جزء من شخصيته ان عمره ما أخذ جانبا في الموضوعات الخاصة المطروحة .
* وما رأيك فيمن يقول إن مصر منذ أيام محمد علي تتغير من أعلي؟
منذ فجر التاريخ وكل المجتمعات تفعل ذلك , فجماعة صغيرة من الناس الملتزمين وأصحاب العقول وعندهم فكر واضح يقدروا يغيروا العالم , ولم تكن في يوم من الأيام غير ذلك , ففي الآخر اي تغيير منظم لازم يقدم له احد قوانين وطريقة للتطبيق , فمعني ذلك أنها في حاجة لأحد من فوق فالأمور التي تهز المجتمع تأتي من تحت ولكن من يبني المجتمعات يكون من فوق , فالثورة البلشفية قامت وهدت نظام القيصر , وقام ماوتسي تونج وهذا النظام الامبراطوري , فعملوا اللجنة المركزية للحزب الشيوعي , وبالنسبة لمصر فهذا صحيح تماما وواضح جدا من عهد محمد علي وكل التغييرات الكبري قامت من فوق , ولكن المهم ان نعرف انها ليست مطلقة , فأري ان الرغبة في التغيير موجودة من فوق أو اعلي أو من تحت , فكل الحاجات بتقول ان الناس الآن افضل مماكانت عليه , ولكن هناك من سيقول إننا مثل ماليزيا او ناس كثيرين سبقونا , ولكن نحن علي استعداد ان نفعل ما فعلته ماليزيا او تركيا , فلا توجد دولة في العالم تتحكم في الخبز غيرمصر , فكون الدولة تتدخل في الخبز ليس موجودا غير في مصر , وأول ما يحصل طابور يبقي الدولة مسئولة , لانه النظام كله قام علي تحكم الدولة في موضوع الخبز , فتأخذ القمح من الفلاحين تطحنه , وتطلع نظريات فصل الانتاج عن التوزيع فكل هذه الاشياء لا توجد في الدنيا كلها , طيب .. فيه حد عنده عمال وفلاحين؟ مفيش وكوريا الشمالية ليس لديها ذلك , وفي كل انتخابات نتكلم عن تعريف العامل والفلاح , علي حسب رؤية القاضي وقال هذه المرة إن اي واحد عنده شهادة عليا لا يكون عمالا وفلاحين , طب ليه , افرض اننا فلاحون في أمريكا , فهل نحن علي استعداد في مصر ان نأخذ ما فعلوه في هذه البلاد؟ انا شخصيا مع هذا وسنكون مثلها , ولكن المجتمع يخشي المغامرة في هذا , فمعظم هذه البلاد عندها مجانية التعليم لحد الثانوية العامة ولا يوجد احد عنده لحد الجامعة , فأول ماتدخل الجامعة تبقي مثل كوريا الشمالية او غيرها او الدول الاشتراكية السابقة وهذا معناه انك لا تدخل جامعة , لكن لو قلت هذا في مصر يبقي فيه الدستور الذي يتعارض مع هذا الكلام وقضايا كثيرة علي هذا المنوال , ففكر العالم كله أن أول حاجة في التقدم اننا نتعلم فكرة إدارة الثروة , والمشكلة أن البعض هنا يريدون من الدولة باستمرار أن تدير الفقر , فأنت بتقولي 7% نموا , ولكن من شعر بذلك , وإلي أين تصل نسبة الفقر فعندنا 40% والبرادعي جعلها 42 % وهي أرقام غير صحيحة , ولكنها أرقام متداولة وتتحول إلي قناعة اجتماعية , وتكون هذه هي القضية , مع أن المفروض اننا نزيد ثروة المجتمع , وبالتالي الفقير لن يكون فقيرا , فقضية الغني والفقر هي زيادة الفرص امام الناس , فلما اتخرج يبقي عندي فرصة عمل او أعمل بيزنس , والتعليم الجامعي لكي اعمل عقلية للمجتمع وليس لكي أعمل رخصة لواحد ويقول إنه خريج جامعة ففي فيلم مؤسس الفيس بوك كان فيه عبارة في حوار الطلاب مع رئيس الجامعة عندما فكروا يعملوا اتصالا بين الطلاب وقالوا إنهم اخترعوا حاجة فقال لهم إن كل طالب في هارفارد جاء ليخترع حاجة , فهذه هي الفكرة في الجامعة والتعليم الجامعي وهي خلق عقلية مختلفة , ولكن الجامعة عندنا أصبحت عبارة عن مدارس كبيرة , فهذا ثمن لازم ندفعه إذا اردنا ان نكون مثل هذه الدول , فلازم اللي فوق يشرح كثيرا , وهذه مشكلتي دائما مع الحزب , فدائما أقول لهم إن عملنا ليس أن ندير الفقر , ولكن عملنا إننا نزيد ثروة المجتمع , ويكون الرد علي ان هذا سابق المجتمع , واننا لو قلنا هذا الكلام سوف يقولون هؤلاء هم الأغنياء , فمشغولون أيضا بفكرة الكوسة , وكلها قيود قادمة من المجتمع , ولذلك مصر غير قادرة أن تكون مثل هذه الدول .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.