"أردنا بنشرنا للوثائق أن نبرز التناقض بين الموقف الرسمي الأمريكي وما يقال خلف الأبواب المغلقة" هكذا برر موقع ويكيليكس نشره لمجموعة من الوثائق التي أحرجت الحكومة الأمريكية. فقد قام ويكيليكس مساء أمس بأكبر عملية تسريب للوثائق السرية للخارجية الأمريكية، حيث تضمن ما نشره من وثائق 250 ألف وثيقة تحت بند "سري للغاية" وهي تتضمن برقيات مرت من السفارات الأمريكية في دول العالم إلى وزارة الخارجية والعكس، وتضمنت أوصافا غير لائقة ببعض الرؤساء ومعلومات سرية عما يجري وراء الستار في عالم السياسة الأمريكية، وهي وثائق ستؤدي كما قالت صحيفة الجارديان البريطانية إلى "إشعال أزمة دبلوماسية عالمية". فقد وصفت إحدى البرقيات رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين ب "كلب من فصيلة ألفا" وأن الرئيس الروسي "ديمتري ميدفيدف" مجرد تابع لبوتين، أما الرئيس الأفغاني حامد كرزاي فقالت إحدى الوثائق أنه مصاب بجنون العظمة، بينما شبهت وثيقة أخرى الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بالزعيم النازي إدولف هتلر، ووصفت وثيقة أخرى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بإمبراطور دون ملابس فهو حساس ومتسلط، كما وصفت رئيس الحكومة الإيطالية برلسكوني ب "غير المسؤول, معتد بنفسه وغير فعال كقائد أوروبي معاصر" كما أنه "منهك جسديا من السهر المستمر في الحفلات" والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بأنها " تفتقر كثيرا إلى الخيال وتتجنب المخاطر" أما وزير خارجيتها فهو شخص متغطرس، وقالت عن الرئيس الليبي معمر القذافي أنه "لا يسافر إلا بصحبة ممرضات شقراوات من أوكرانيا" ونقلت غضبه من عدم السماح له بنصب خيمة في مانهاتن! كما كشفت وثائق أخرى أن وزيرة الخارجية الأمريكية طلبت من دبلوماسيين أمريكيين التجسس على قيادات الأممالمتحدة والحصول على معلومات محددة عن الأمين العام بان كي مون ومساعديه وقادة مهام حفظ السلام، وتشمل المعلومات المطلوبة كلمات سر وبيانات خاصة مثل البصمة الوراثية وبصمات العين والأصابع. وفيما يخص القضية الفلسطينية قالت وثيقة صادرة عن السفارة الأمريكية في تل أبيب أن مصر وفتح رفضا دعم إسرائيل في حربها على غزة، وقالت الوثيقة أن الحكومة الإسرائيلية أجرت اتصالا مع مصر وسألتها إن كانت على استعداد للسيطرة على غزة بعد هزيمة حماس وكان رد المسئولون في القاهرة سلبيا، وأضافت البرقية أن هذا الرد غير مستغرب من الإدارة المصرية. ونقلت برقية أخرى انتقاد إيهود باراك للسلطة الفلسطينية ووصفه إياها بأنها ضعيفة وغير واثقة في نفسها. وفيما يخص الشرق الأوسط أيضا ذكرت وثائق أن المملكة العربية السعودية طلبت من الولاياتالمتحدةالأمريكية تبني الخيار العسكري ضد إيران، فقد ذكرت وثيقة صادرة عن سفارة أمريكا في الرياض أن الملك عبد الله دعا الولاياتالمتحدة مرارا إلى مهاجمة إيران لوضع حد لبرنامجها النووي ونصح الأمريكيين ب "قطع رأس الأفعى" موضحا أن العمل على التصدي للنفوذ الإيراني هو أولوية إستراتيجية للملك وحكومته. وقد علق مستشار في الحكومة السعودية - طلب عدم ذكر اسمه - لوكالة الأنباء الفرنسية على نشر هذه الوثيقة قائلا " كل هذا سلبي وليس جيدا لبناء الثقة". ويبدوا أن الخوف من إيران كان مسيطرا على عدة دول خليجية، فسفارة أمريكا في البحرين تنقل عن ملكها حمد بن عيسى قوله "يجب وقف برنامج إيران النووي فخطر تركه مستمرا يفوق خطر وقفه". أما ولي عهد أبو ظبي فنقلت عنه وثيقة من سفارة أمريكا في الإمارات أنه يعتبر أن منطق الحرب سائد في المنطقة وهذه القراءة تفسر هاجسه بتعزيز قوة الإمارة ونقلت وثيقة أخرى عن ولي عهد أبو ظبي قوله خلال لقائه مع وزير الخزانة الأمريكي سنة 2009 " حربا تقليدية مع إيران على المدى القريب أفضل بشكل واضح من التداعيات الطويلة المدى لحصول إيران على السلاح النووي" وهو ما يناقض المواقف المعلنة من تبني الحوار مع إيران ورفض الخيار العسكري ضدها. ونقل عن رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم وصفه للعلاقات بين قطر وإيران "هم يكذبون علينا ونحن نكذب عليهم". وقال عبد العزيز الصقر مدير مركز الخليج للأبحاث بدبي معلقا على نشر هذه الوثائق التي تخص دول الخليج "شر هذه الوثائق يحرج حلفاء الولاياتالمتحدة ويتسبب خصوصا بخيبة أمل.. فهذه المعلومات كان يفترض أن تكون محمية، وهذا سيدفع بهذه الدول للتساؤل إلى أي مدى يمكنها أن تثق بالولاياتالمتحدة من الآن فصاعدا" وقال رئيس مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري رياض قهوجي أن التسريبات الأخيرة "تخلق حاجزا كبيرا من انعدام الثقة بين الولاياتالمتحدة وحلفائها في المنطقة" فإذا كانت الولاياتالمتحدة غير قادرة على أن تحمي وثائقها فان دول المنطقة سيكون لها موقف سلبي، فالأمريكيين أثبتوا عجزهم عن حماية اللقاءات". وبالنسبة لإسرائيل فقد نقلت وثائق سفارة أمريكا في تل أبيب أن المسئولون الإسرائيليون يرون أن إيران بتجاوبها مع المبادرات الأمريكية للحوار تضيع الوقت كما أكد رئيس الموساد، وأنها بحلول 2010 أو 2011 ستملك قدرة تصنيع السلاح النووي. وقد علق مسئول إسرائيلي كبير أن الحكومة الإسرائيلية تشعر بالارتياح لنشر هذه الوثائق إذ أنها تؤكد أن إسرائيل تقول في العلن ما تقوله في الخفاء، مضيفا " لقد تبين أن كل الشرق الأوسط يرهبه احتمال قيام إيران نووية، والدول العربية تدفع الولاياتالمتحدة إلى عمل عسكري بطريقة أقوى مما تفعل إسرائيل". الوثائق تضمنت العديد من المعلومات السرية الأخرى، ففيما يخص الصين قالت بعض الوثائق أنها متورطة في تنفيذ عمليات قرصنة على أجهزة كمبيوتر حكومية أمريكية كما أنها المسئولة عن اختراق النظام الأمني لأجهزة جوجل في يناير الماضي. وفيما يخص كوريا تحدثت البرقيات عن مناقشة مسئولين أمريكيين وكوريين جنوبيين إمكانية توحيد الكوريتين في حالة إسقاط النظام الكوري الشمالي، وقال السفير الأمريكي في كوريا الجنوبية أنها قد تعرض محفزات تجارية على الصين من أجل طمأنتها للعيش بجوار كوريا موحدة.