رغم وجود أغلب قيادات الصف الأول والثاني من جماعة الإخوان المسلمين في السجون أو المنفى بالخارج، فإن تحركات الجماعة على الأرض في مصر وقيام أفرادها ببعض عمليات العنف والتخريب، إضافة إلى قيام طلاب الجماعة بإشعال الأوضاع داخل الجامعات المصرية مع استئناف الدراسة أول أمس السبت، تجعل السؤال الملح حالياً من يدير الجماعة على الأرض؟ هل هو التنظيم الدولي في الخارج؟ أم أن هناك قيادات موجودة في مصر مازالت تمارس دورها في سرية تامة وبعيداً عن أجهزة الأمن؟ الأجهزة الأمنية المصرية تؤكد أن التنظيم بات ضعيفاً ويعاني من شلل في الحركة وعجز في التمويل بعد الضربات القوية له في الآونة الأخيرة، إلا أن أحداث الجامعات، السبت والأحد، تؤكد أن التنظيم مازالت له أذرع قوية تعمل على إرباك أجهزة الأمن وتشعل الوضع من حين لآخر. "العربية.نت" وجهت سؤالا "من يدير الجماعة الآن؟" لعدد من الباحثين وقيادات الجماعة المنشقين. من جانبه، أكد الخبير الاستراتيجي عمرو عمار أنه تم اختيار زعيم الإخوان المقيم في لندن جمعة أمين ليكون قائماً بأعمال المرشد العام، مضيفاً أنه من كبار قادة الجماعة، وتولى لفترة طويلة منصب زعيم مكتب الإرشاد، وهو عبارة عن الهيئة التنفيذية لجماعة الإخوان التي تتألف من 18 عضواً. وأضاف أن جمعة أمين من أهم الدعاة المعاصرين لنهج الإخوان القائم على تطبيق الشريعة باعتبارها مفهوماً شاملاً من خلال العمل على مستوى القاعدة الشعبية، سعياً إلى الوصول إلى السلطة السياسية وإلى السلطة العالمية في نهاية المطاف. وفي كتابه "الفريضة المفترى عليها - الجهاد في سبيل الله" الذي يدرسه أعضاء الجماعة كجزء من المناهج الدراسية الخاصة بهم، يقول أمين إن تفسير حسن البنا للإسلام كنظام شامل ينظم جوانب الحياة كافة من المهد إلى اللحد، وبغية تطبيق رؤيته هذه، يدعو أمين لممارسة الجهاد الذي يوضح أنه يشمل محاربة الكفر والظروف الفاسدة للعلاقات الإنسانية والحوكمة والتعليم والاقتصاد. وأكد عمار أن أمين كان يعالج في لندن وقت سقوط الإخوان، وبقي هناك حتى اليوم، وقد تولى إحدى مسؤوليات المرشد العام في الأشهر الأخيرة من خلال كتابة خمسة من البيانات الأسبوعية للجماعة التي أكدت فيها على هذا الالتزام الثابت بأفكار الجماعة. وقد كتب الأسبوع الماضي في نشرته الخامسة أن "الإسلام بحاجة إلى دولة وسلطة يكون من أهم أدوارها حماية عقيدة الأمة الإسلامية التي تلقى السخرية في يومنا هذا، إضافة إلى ترسيخ طقوسها والتزامها بالدين إلى أن تحكم كافة جوانب الحياة". من جهته، أكد د. محمد حبيب، نائب المرشد العام السابق للجماعة، نفس ما قاله عمار، حيث قال إن من يقوم بدور المرشد العام لجماعة الإخوان الآن هو جمعة أمين، المتواجد في لندن. وأضاف أن محمد بديع مازال المرشد الحالي للجماعة وفقاً للوائح الداخلية لها رغم وجوده في السجن، مشيراً إلى أن القرارات ينفذها من خارج السجون محمود عزت وجمعة أمين ومحمود حسين. على الجانب الآخر، أكد أحمد بان، الباحث في شؤون الإسلام السياسي وأحد المنشقين عن الجماعة، أن جمعة أمين لا يستطيع إدارة جماعة الإخوان لكبر سنه وضعف حالته الصحية، كما لا يستطيع إدارة حوار مع أعضاء الجماعة في مصر بسبب التضييق الأمني المستمر عليهم. وقال مستنداً إلى مصادر موثوقة من داخل الجماعة إن من يدير الإخوان الآن داخل مصر لجنة مصغرة برئاسة محمد طه وهدان، مسؤول قسم التربية بالجماعة وأحد أبرز القطبيين، نسبة إلى فكر سيد قطب داخل صفوفها. وأضاف أن وهدان متمرس في العمل السري وما يحدث في الجامعات ليس بعيداً عنه، أما القيادات المتواجدة في الخارج فربما تعطي التكليفات أو المهام، لكن من يدير على الأرض فعلياً هنا في مصر هو وهدان ولجنته المصغرة، خاصة أنه محل ثقة كافة القيادات المتواجدة في السجون الآن. يذكر أن محمد طه وهدان من مواليد 27 يناير 1961 بالإسماعيلية، وهو عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان ومسؤول قسم التربية بالجماعة وأستاذ بكلية الزراعة جامعة قناة السويس. وقد انتخب في 14 يناير 2012 عضواً بمكتب الإرشاد بدلاً من سعد الحسيني، نظراً لانتخابه عضواً بالمكتب التنفيذي لحزب "الحرية والعدالة". وحكمت عليه محكمة عسكرية استثنائية بثلاث سنوات في القضية العسكرية رقم 8 لسنة 1995 بتهمة محاولة إحياء جماعة محظورة مع مجموعة من قيادات الإخوان، وذلك عقب اجتماع لمجلس شورى الجماعة بمركزها العام بالتوفيقية، وخرج من المعتقل عام 1998.