صباح الخير عليكم جميعا , أو مساء الخير , أتمني أن تكون بداية لطيفة لكتاباتي في هذه المجلة المتنوعة والعميقة التي احترمها جدا وكانت من المجلات المساندة لي في بداياتي في الفن . الحقيقة هو قرار صعب موافقتي علي الكتابة شهريا في مجلة , لأنه التزام , أنا مش ناقصاه في حياتي وخايفة منه , وقلقانة مبقاش قد مسئوليته . أنا كتبت 3 مرات في أماكن متفرقة لمناسبات معينة , ويجوز ده اللي شجعني شوية . عندي حاجات كتير نفسي أتكلم فيها , وده هيكون لاحقا , بس حسيت إن أول مقال هكتبه لازم يكون إهداء لروح والدي , يمكن لأنه كان نفسي يبقي عايش ويقرأ لي حاجة كتبتها عنه , بس أنا متأكدة إنه حاسس بي في كل وقت . أرجو إني أكون ضيفة خفيفة عليكم لبعض الوقت الله أعلم قد إيه .. حبيبي بابا , مبسوطة إني بكتبلك , يمكن أقدر أوصل جزء من الحب الكبير اللي جوايا اللي ماعرفتش أظهره لك وإنت عايش , وبمناسبة معرفتش فده لأنها صفة في شخصيتي اللي أكيد ورثتها عنك , بفتكر حاجات كتير وأنا صغيرة إنت كنت بتعملها لي ومكنتش فاهمة معناها بس دلوقتي لما كبرت فهمت قد إيه كانت ليها معاني كبيرة , إزاي كنت أزعة مش طايلة حتي ركبك وإنت تقرر تشيلني من علي الأرض وترفعني فوق , فوق لحضنك علشان تحسسني بحنانك لأنك مش عارف تعبر عن ده بالكلام , وأحيانا تانية ترفعني فوق كتفك وتديني إحساس إنك بتحاول تساعدني علشان ألمس النجوم اللي كنت مزهقاك اسئلة عنهم . طريقة حبك لي صحيح مكانتش تقليدية وكلها معتمدة علي فعل مش كلام ويمكن علشان كده كل تفاصيلها محفورة في ذاكرتي , كنت بشوف إخلاصك اللي مالوش حد في أداء عملك , وتفانيك في تعليم طلبة الجامعة ويمكن علشان كده طلعت حمارة شغل زي ما بيقولوا , لما بفتكر كمية الحاجات اللي كان عندك صبر كبير علشان تعلمهالي باترحم عليك ألف مرة من أول السباحة لركوب العجل لكل أنواع الرياضة , وتشجيعك لي علشان اكون مميزة في أي حاجة أقرر أعملها , قد إيه كنت مهتمة بدراستي رغم إنك مش رجل أعمال ولا حاجة وكنت دكتور في الجامعة , لكن أنا فاكرة إني دخلت أحسن مدارس وأغلي مدارس في كل البلاد اللي درست فيها , ودايما أسمعك بتتكلم عن إن تعليمي أنا وأخواتي في أحسن المدارس ده أحسن استثمار لعائلتنا . كانت صحتي وخوفك علي من الحسد من أكتر الحاجات اللي بتشغلك وأنا صغيرة وفضلت تغذي في وتديني ملعقة العسل حتي وأنا نايمة لغاية ما ربربت . والحمد لله طلعت بني آدمة مش مادية , لأنك علمتني عمري ما أحب حاجة مش هتحبني في المقابل , أعظم هدية ممكن أي أب يديها لأولاده هي إنه يبقي عنده إيمان بيهم وإنت كنت طول الوقت مؤمن بي وبتساندني , كنت أكتر واحد في الدنيا يحس بضيقي مهما حاولت أن أداريه , وفاكرة كويس أول مرة تكسر قلبي وإنت مقعدني علي رجلك وبتعيط معايا لأنك مش عارف تداوي جراحي في نفس الثانية , بس قلت لي حاجة مش ناسياها , وهية اللي بتقويني لغاية النهاردة لما يعدي علي أي موقف يكسرني , قلت لي : إنتي لازم تبقي عاملة زي النجيلة اللي مهما عدي عليها ناس علشان تبططها وتدوس عليها , بترجع تقف تاني أول ما الرجل تتشال من فوقيها , وكأن محصلهاش أي حاجة . الحقيقة إن البني آدم بيمر بمراحل كتيرة في حياته , يعني مثلا في سن 4 سنين الواحد بيشوف أي حد أطول منه إن شالله بشبرين تلاته كأنه حد عظيم جدا , وبيبقي شايف إنه عارف كل حاجة وفاهم كل حاجة ودي الطريقة اللي كنت شايفه بيها والدي الوقت ده , ولما ابتديت أبقي 8 سنين وكبرت شوية ابتديت أفكر زي أي حد بيبتدي وهو عنده 8 سنين يكون شوية من شخصيته وأنا حاسه إن أكيد أكيد بابايا مش عارف كل حاجة , فيه حاجات في الدنيا لسه هو مايعرفهاش , بعدين دخلت في سن المراهقة , سن 12 سنة , صحيح هيه بداية المراهقة بس كان جوايا احساس إن بابايا مايعرفش أي حاجة تجاه أي موضوع , أكيد هو يعرف شوية حاجات , بس مش في كل الحاجات اللي في الدنيا , وفي عز سن المراهقة ' اللي هو 15 و 16 سنة ' بيبقي الواحد كاره نفسه , مش بس أهله , بيبقي شايف إن كل الناس ضده , وفي السن ده كنت بشوف بابايا راجل دقة قديمة جدا وصلاحيته كمان انتهت , ولما ابتديت أدخل في العشرينات كنت بشوف ابويا ده بيعرف حاجات بسيطة من كل الحاجات اللي في الدنيا , لكن أول ما وصلت لسن الثلاثين كنت بفكر فيه في اي موضوع يقابلني في حياتي وأحس إني لازم آخد رأيه , حتي لو مش لازم اعمل بيه . وفي اول سنة بعد الثلاثين خسرت بابايا , ولحد دلوقتي لما يحصل معايا أي موقف بقول يا تري كان هيبقي رأيه فيه إيه , وأقول جوايا إن بابايا كان أكيد بيسمع ويحس بكل حاجة حواليه . دلوقتي وهو مش موجود بقي فيه فراغ في الدنيا , لكن هوه جوه قلبي وماليه وكتير ببقي نفسي أتكلم معاه , الله يرحمه , بحبك يابابا جدا , وبحس بيك حواليه ولما بشوفك في أحلامي بطمئن عليك أكتر ..