تمر لجنة الخمسين بأهم وأخطر 48 ساعة سيشكلون شكل الحياة الدستورية في مصر.. وذلك بالتصويت النهائي على مواد الدستور وديباجته التي ستبدأ السبت القادم.. وسط العديد من الخلافات على كثير من المواد في الدستور.. وتهديدات بالانسحاب من اللجنة... وقد قال الدكتور كمال الهلباوي نائب رئيس لجنة الخمسين لتعديل الدستور، إنه تم الانتهاء من المسودة الأولى للدستور في ساعة متأخرة من الأمس، معلنا أن التصويت النهائي على مواد الدستور وديباجته سيكون ابتداء من السبت القادم حتى الثلاثاء القادم، وستكون جلسات التصويت علنية وسيتم بثها على الهواء مباشرة وأضاف «الهلباوي»، أن عددا من أعضاء اللجنة قاموا انطلاقا من حبهم للوطن وحماسهم، بعمل مقترح لديباجة للدستور، وتم تكليف الشاعر سيد حجاب بدمج هذه الدباجات في ديباجة واحدة، مصرحا أن الديباجة التي شكلها حجاب تحتوي على كلمة "مدنية الدولة" على أن تقوم اللجنة في جلستها اليوم بحسم مصير بقاء الكلمة من عدمها بالديباجة. وقال، إن قيام اللجنة بإلغاء نسبة ال50% للعمال والفلاحين بالبرلمان لم يكن تحيزا ضد هاتين الفئتين، ولكن اللجنة رأت أن المدة الزمنية التي تم إعطاء فيها هذا الامتياز للعمال والفلاحين كانت كافية لإبراز قيادات عمالية وفلاحية قادرة على المنافسة في الانتخابات، مضيفا أنه على الرغم من ذلك لا تزال هناك مقترح لإعطاء هذه الفئات نسبة أقل من 50% في صورة مادة انتقالية في الدستور ولفترة محددة ثم يتم إلغاؤها، لكن هذا المقترح سيتم مناقشته اليوم. وكانت الخلافات قد تجددت داخل اللجنة في اجتماعها الأربعاء، بسبب اعتراضات الكنيسة من جهة، وحزب "النور" والأزهر من جهة أخرى، حول نص ديباجة الدستور، والتي كانت من المفترض أن تصدر منذ عدة أيام، إلا أن إصرار كل من الطرفين على موقفه أدى إلى فشل حالة التوافق، وعدم التوصل إلى صياغة الديباجة. وأمهل موسى حزب "النور" والكنيسة بعض الوقت للوصول إلى توافق حول صيغة لتفسير مبادئ الشريعة الإسلامية بالديباجة، وإذا لم يتم التوصل إلى اتفاق سيتم التصويت على الديباجة. ويعارض كل طرف الصيغة التي يوافق عليها الطرف الآخر، وغادر الطرفان اجتماع اللجنة الأربعاء، وتحولت الغرفة المقابلة لغرفة اجتماع الخمسين إلى حلقة مفاوضات بين ممثلي الكنيسة والأزهر و"النور"، حيث توسط في إدارة التفاوض كل من الدكتور عمرو الشوبكي وضياء رشوان. وقال محمد سلماوى المتحدث الرسمى بلجنة الخمسين لتعديل الدستور، إن أزمة ديباجة الدستور انتهت فى ساعة متأخرة امتدت إلى ما بعد منتصف الليل خلال الجلسة المغلقة أمس. وقال سلماوى إنه تم الأخذ بمدنية الدولة والنص دستوريا على أن مصر دولة ديمقراطية نظام حكمها مدنى، وفيما يتعلق بتفسير مبادئ الشريعة الإسلامية، قال إنه سيتم الأخذ بما قضته المحكمة الدستورية فى تفسير المبادئ مبينا أن حزب النور اعترض على ذلك، ولكن تم التوافق بين جميع الأعضاء والأزهر والكنيسة. وأضاف سلماوى أن الجلسة المغلقة استقرت على عدم الأخذ بالتمييز الإيجابى للفئات المهشمة وعدم تخصيص نسبة لأى فئة، وتابع: أن العمال والفلاحين تم تخصيص نسبة 50% لهم فى مقاعد المحليات. ولفت سلماوى إلى أن جلسة اليوم ستحسم بعض المواد العالقة من بينها الأخذ بنظام الغرفتين البرلمانيتين تحت مسمى "مجلس الشيوخ" من عدمه، مبينا أن التصويت النهائى على مواد الدستور ليس اليوم. وأقرت لجنة الخمسين فى جلستها أمس الأربعاء، ديباجة الدستور والتى حظيت بموافقة جميع الأعضاء فيما عدا ممثل حزب النور، وتضمنت الديباجة مصطلح "إن الحكم مدنى"، وأدرج فيها النص الكامل لنص المحكمة الدستورى، فيما يتعلق بتفسير مبادئ الشريعة الإسلامية. وينص تفسير المبادئ التى جرى إدراجها فى الديباجة "مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، وهذه المادة تعنى الأحكام قطعية الثبوت والدلالة، باعتبار أن هذه الأحكام وحدها التى يكون الاجتهاد فيها ممتنعا، لأنها تمثل من الشريعة الإسلامية مبادئها الكلية وأصولها الثابتة التى لا تحتمل تأويلا، أو تبديلا، لا كذلك الأحكام الظنية غير المقطوع بثبوتها، أو دلالتها أو بهما معا، ذلك أن دائرة الاجتهاد تنحصر فيه، على أن يكون الاجتهاد دوما، واقعا فى إطار الأصول الكلية للشريعة، بما لا يجاوزها ملتزما ضوابطها الثابتة، متحريا مناهج الاستدلال على الأحكام العملية، والقواعد الضابطة لفروعها". وقال الأنبا بولا، ممثل الكنيسة الأرثوذكسية بلجنة الخمسين لتعديل الدستور، إنه تمت إضافة فقره "حكم مدنى" بناء على طلب مفتى الأزهر الدكتور شوقى علام، على الرغم من مطالبتنا للأعضاء بالتنازل عن كلمة مدنية الدولة بهدف التوافق. وأشار بولا إلى أنه جرى تعديل بعض مقترحات الديباجة، ومنها أن مصر عرفت التوحيد قبل نزول الأديان السماوية، بدلا من "مصر عرفت التوحيد قبل نزول الأديان"، موجها شكره لكل من ممثلى الأزهر الشريف فى لجنة الخمسين خاصة مفتى الديار المصرية، وكذلك رئيس لجنة الخمسين عمرو موسى، لما بذله من جهد وسعى بكل طاقته للتوافق على حد قوله. وأوضح أن جلسة اليوم ستستكمل مناقشة عودة غرفة برلمانية ثانية، بمسمى جديد وبعض المواد التى لم تحسم بعد، ومنها حرية الاعتقاد لأصحاب الديانات الأرضية. وقال الأنبا بولا، إن لجنة الخمسين تصرفت بمرونة حيال التمييز الإيجابى، وقررت إلغاء تحديد نسب للتمييز الإيجابى لأنها قد تفهم على أساس كونها "كوتة" وتركنا الأمر للمشرع. وفيما يتعلق بالمادة الخاصة بممارسة الشعائر، قال إن ما سيقوله الأزهر سأوافق عليه مباشرة، ونحن متوافقون عليها، وأستبعد أن يتم التصويت العلنى على المواد قبل يوم السبت المقبل. وعلى جانب آخر أكدت مصادر مطلعة ، أن التنظيم الدولي لجماعة الإخوان يواصل تحريضه، لافتًا إلي أنه قام مؤخرًا بإطلاق حملة لوقف الدستور الجديد، وتعطيل الاستفتاء عليه. وأضافت المصادر، أن الدكتور إبراهيم منير، عضو مكتب الإرشاد بجماعة الإخوان، والأمين العام للتنظيم الدولي للجماعة، عقد اجتماعين الأول بلندن الأسبوع الماضي، والثاني ببروكسل، بحضور إبراهيم صلاح، والدكتور محمود حسين، لمناقشة آخر الأوضاع ، لافتًا إلي أن منير، ناقش الأمور المتعلقة بتمويل جماعة الإخوان الفترة القادمة، ومناقشة الدعوى التي سوف يرفعها التنظيم أمام محكمة جنوب أفريقيا الدولية ضد مصر. وأفادت المصادر ، أن التنظيم الدولي يناقش حملة إعلامية لوقف الدستور الجديد، ، وتعطيل الاستفتاء عليه، مشيرًا إلي أن الحملة ستنطلق الأسبوع المقبل عقب الإعلان النهائي للمسودة النهائية.