هذا من فضل ربى .. بهذه الآية القرآنية العظيمة تستقبل القديسة سانت تريزا زوارها الذين يأتون إليها من كافة دول العالم فى الكنيسة الشهيرة التى تحمل اسمها بشارع شبرا حيث يحتفل مريدوها وعشاقها من المشاهير والبسطاء فى هذه الأيام بذكرى مرور 116 سنة على وفاتها بفرنسا .. وسانت تريز هى أيقونة أسطورية لفتاة تحتض باقة من الزهور ويحيط وجهها هالة من النور وتحولت كنيستها بشبرا إلى مزار مبروك يقصده جميع الناس من كل الأديان باعتبارها رمزا للسلام والحب وأصبح الاعتقاد شائع لدى كل من يأتون لزيارتها بأن كل الأمانى ممكنة.. وإذا كان من أبرز زورها فى الماضى نجوم الزمن الجميل فمن هم مريدوها الآن وما سر اللوحات الرخامية التى تحمل ذكريات تصل إليها بأكثر من 34 لغة .. التفاصيل فى السطور التالية .. بعد أن وصلت القديسة سانت تريزا إلى مرتبة عالية من العشق الإلهى - حيث يشبهها البعض برابعة العدوية فى التصوف الإسلامى - وأدركت أن حياتها على وشك النهاية قالت للناس أنها تشعر بأن السماء ستمطر أزهارا إذا ساد الحب والتسامح فى الأرض .. عاشت 24 عاما فقط قضت منهم 9 سنوات كراهبة فى دير الكرمل بفرنسا .. اسمها الحقيقى مارى فرانسوا تيريزا وهى من مواليد بلدة إلينسون بفرنسا فى أكتوبر من عام 1873 وتوفيت فى سبتمبر 1897 متأثرة بمرض خطير فى الرئة وسجلت مشوار حياتها فى كتاب أطلقت على عنوانه "قصة نفس". وتحولت سانت تريزا بعد وفاتها إلى حدوتة كبيرة فى بلاد العالم كنموذج للقديسة العاشقة. .. بعد وفاتها بعام نشرت فرنسا أول طبعة من سيرتها الذاتية قصة نفس وفى عام 1908 حدثت معجزة أمام قبرها فى فرنسا حيث أبصرت فتاة عمياء وكان عمرها فى هذا الوقت 4 أعوام وكانت تدعى "رين فوكيه" ومنذ هذا التاريخ شعر المريدون أن القديسة تريز لها كرامات ومعجزات خاصة لمن يتقرب إليها وشهد عام 1925 إعلان القداسة لها فى حفل علنى أقامه البابا بيوس الحادى عشر وشهد عام 1929 وضع حجر الأساس لكنيستها فى بلدة ليزيو بفرنسا وفى عام 1944 أعلن البابا بيوس الثانى عشر سانت تريز قديسة فرنسا ومساواتها بجان دارك وفى الذكرى المئوية الأولى لوفاتها عام 1997 أعلن البابا يوحنا بولس الثانى تريز دكتورة "معلمة" الكنيسة . كانت القديسة سانت تريزا تقول فى حديثها إلى الله" سأترك له الماضي مع ما فيه من المتاعب والمآثم ليغفرها.. وسأقبل الحاضر والمستقبل منه مسبقاً كما تشاء يده الحنون أن تنسجها لي.. الله يعلم كلَّ شيء، وهو قادرٌ على كلِّ شيء.. ويُحبني.. سوف أبقى أبداً طفلةً أمامه وأحاول دوماً أن أرتفع إليه بالرغم من ضعفي ووهني.. الطفل الصغير يستطيع المرور بكلِّ مكان لصغره.. إن أصغر لحظة حب خالص، لأكثر فائدة لها، من جميع ما عداها من نشاطات مجتمعة. وفى شارع شبرا الذى يعد موطنا للوحدة الوطنية تقع كنيسة سانت تريزا والتى تحظى بمكانة عالية فى قلوب المصريين فالزيارة مفتوحة صباحا ومساء لأى أحد لأن يدخل ويجلس برهة من الوقت أمام التابوت الزجاجى الذى يرقد فيه تمثال القديسة تريزا كما يأتوا لإضاءة شمعة أو لقراءة الذكريات المحفورة على اللوحات الرخامية .. رهبان الكنيسة يرفضون الحديث لكن كما أكد لنا بعضهم أنه لايزال يفد إلى سانت تريزا العشرات من مشاهير الفن والسياسة والمجتمع فى مصر .. أحد الرهبان أكد لنا أن هناك داعية سلفى يحضر أحيانا إلى القديسة وبعض السياسيين وضابط فى أمن الدولة وناس عاديون وفنانون مشهورون .. بعضهم يأتى بحثا عن الدفء والأمل والراحة النفسية إلا أن عددا كبيرا من البسطاء والمواطنون العاديون يأتون إلى المكان للتضرع إلى الله لطلب أمنيات معينة كالزواج والشفاء والنجاح والسعادة والتوفيق. حول السر فى هذا الإقبال يقول بولس الراهب لا يوجد لهذا الكون سوى إله واحد فقط وهو الله وكل المعجزات والشفاعات والكرامات ترجع إلى الله سواه والشفاعات موجودة فى كل الرسالات والديانات مثلما يحدث مع السيدة عائشة والسيدة زينب فالناس تشعر بالارتياح أثناء جلوسهم فى مسجديهما لكن بالنسبة للإنسان فكل واحد وإيمانه لكن هناك سر أو شىء لا يمكن إنكاره فى هذا المكان الذى يفد إليه يوميا ناس من كل الدول طلبا للراحة أو استعدادا للدخول فى مرحلة ما أو دخول إمتحان أو للدعاء إلى الله طلبا للشفاء من مرض معين وكانت آخر اللوحات الرخامية التى وصلت إلينا جاءتنا من الفنانة صباح ولكننا رفضنا تعليقها لأن من كتبها وضع نقطة فوق حرف الحاء وهذا أيضا شىء ملف للنظر لكن على كل حال. وحول سر وجودها فى هذا المكان هو أن الروح عند الخالق لها حرية الانتقال عندما تخرج من الجسد بإذنه . ويذكر بولس الراهب أن هذه الكنيسة تم وضع حجر الأساس لبنائها فى عام 1931 والذى وضع مخطط تصميمها فنان معمارى نمساوى عالمى ثم أكمل زخارفها فنان يونانى من أصل مصرى وهو الذى وضع هذه الآية القرآنية التى تعلو سقف الكنيسة والتى تقول " هذا من فضل ربى" وهذا الفنان كان يبحث عن جملة مرادفة للجلمة التى كانت تقولها سانت تريز " كل شىء نعمة" فوجد هذه الآية القرآنية لتكون قريبة من المعنى كما أن هذه الآية محفوظة ومعروفة للعامة وكانت هذه الأرض فى الأصل عبارة عن بستان ورد مطل على شارع شبرا فقام بعض الرهبان واشتروا هذه الأرض وأنشأوا الكنيسة وأطلقوا على اسمها سانت تريز وبدأ الناس يفدون إليها من كل مكان حتى أصبح المكان رمزا للحب والتسامح ومناجاة الله. وهناك من ارتبطوا بهذا المكان واعتادوا زيارته على فترات منهم الفنان الراحل عبد الحليم حافظ ففى الوقت الذى كان يشتد به المرض كان يأتى ويجلس فى حضرة سانت تريزا وعندما تحسنت حالته الصحية وضع لوحة شكر لله وقبل أن يتوفى لم يكن يستطيع أن يحضر فكان يتصل بالتليفون ويطلب من الناس أن يدعون له بالشفاء وأم كلثوم لم تكن تأتى كثيرا وكذلك نجاة الصغيرة .. أما الملكة فريدة فكانت لها قصة مع هذا المكان فقبل ثورة يوليو وسقوط الملكية كانت تشعر بحالة من القلق النفسى كانت تشعر بأن هناك شىء ما يخفيه القدر فأرسلت إلى سانت تريز لوحة رخامية كتبت فيها " اذكر يارب عبدتك فريدة " .. وحول سر الأيقونة التى تحتوى صورة سانت تريز وهى تحمل الورود يقول: سانت تريز توفيت على هذه الصورة، حيث ماتت والوردة فى يديها وكانت تعشق الورود والطريف أيضا أن هذه الكنيسة كانت قبل بناءها عبارة عن بستان ورد. وحول مضمون الكلمات المكتوبة على اللوحة الرخامية يضيف أن هناك أكثر من 35 لغة من كافة دول العالم ومن يأتون إلى سانت تريز من كل مكان بصرف النظر عن الديانة او الإنتماء المذهبى والمكان نفسه تحول لأثر أو متحف ترعاه الدولة لقيمته الأثرية والمعمارية والدينية أيضا والحكاية أن من يحضر إلى سانت تريز ويدعو الله ان ينجح أو يشفى من مرض أو يطلب أمنية ما يأتى بعدها ويحضر لوحة رخامية فيها تقدير وشكر للقديسة . وارتبط بسانت تريزا حراس الكنيسة منهم محمد أبو إسماعيل الذى يجلس فى كشك على أبواب سانت تريز .. محمد قال لنا أنه ارتبط بالمكان وأقام علاقات صداقة قوية بالرهبان الذين يحبونه ولهذا لايريد أن يغادر الكنيسة ويريد ان يظل دوما حارسا لها. وبجوار تابوتها الزجاجى التقينا أيضا الزائر عصمت محسن (43 عاما) والذى أكد لنا أنه القديسة سانت تريزا هى كل حياته وأن هذا المكان هو الجنة بالنسبة له وأنه يحضر هربا من جحيم الحياة المادية.