ربما لا يعرف غالبية المصريين حكاية القديسة «سانت تريزا»ولماذا أطلق عليها شهيدة «السل الرئوى»تلك القديسة التى تتمتع بشعبية كبيرة بين المصريين، ويشهد الاحتفال بأعيادها مختلف طوائف وطبقات الشعب، مسيحيين كانوا أم مسلمين. ولدت القديسة «تريزا» فى مدينة ليزيو بفرنسا سنة 1873، وحين بلغت الخامسة عشرة من عمرها انتسبت إلى دير سيدة الكرمل فى ليزيو. «سانت تريزا» كانت تتبع طائفة الراهبات المحبوسات، وهن راهبات كانت حياتهن تقتصر على العبادة فى الصلاة دون الاحتكاك بالبشر، وتوفيت فى 30 سبتمبر 1897 اثر إصابتها بمرض «السل الرئوى». وفى عام 1925 منحتها الكنيسة الكاثوليكية لقب «قديسة» فى عهد البابا بيوس الحادى عشر، ثم جعلها شفيعة للمرسلين فى العالم، وفى اليوبيل المئوى لوفاتها سنة 1997 وضعها البابا يوحنا بولس الثانى فى مصاف معلمى المسكونة. كنيسة «سانت تريزا» بشبرا تحفة فنية يزورها المئات يومياً، من المسيحيين والمسلمين، وتضم قبوا صغيرا يقع فى مواجهة باب الدخول، احتوى على تمثال من الرخام يصور وضع «سانت تريزا» أثناء احتضارها محتضنة صليبا وبعض الورود وهو تمثال صنع فى مدينة ليزيو بفرنسا مسقط رأس القديسة. ومن أشهر الذين زاروا الكنيسة وتركوا لوحاً لتوثيق الزيارة الفنان الراحل «عبد الحليم حافظ» بتاريخ 1957، والفنانة نجاة الصغيرة عام 1971. الأب ملاك الكرمالى يقول: إن الكنيسة انشئت عام 1930 على يد الآباء الكرمليين الذين جاءوا من مدينة حيفا فى عام 1926، ثم ألحقوا بها ديرا لإقامة الرهبان عام 1945، مشيرا إلى أن البابا الراحل كيرلس السادس زار الكنيسة 14 أكتوبر 1959، وكتب فى الكتيب الذهبى المحفوظ فيها: «الله محبة والذى يثبت فى المحبة يثبت فى الله». تشتهر كنيسة سانت تريزا بالعديد من الأعمال الخيرية التى تقدمها فى إطار الخدمة الاجتماعية، ولكن «مشروع فساتين الزفاف» يعد من أهم وأشهر وأقدم هذه الخدمات. ومرت هذه الخدمة بمرحلتين الأولى بدأت عام 1842 على يد الراهب جبرائيل عبود، عن طريق الصدفة، إذ جاءت شابة يتيمة الأبوين لا تملك من حطام الدنيا شيئاً، تلتمس مساعدة الرهبان الكرمليين، لتدبير احتياجات الزفاف، وبالفعل أعد لها الآباء كل ما تحتاجه، خاصة فستان الزفاف وطلبوا منها إعادته بعد اتمام المراسم لكى تستفيد منه فتاة أخرى. ولقرابة نصف قرن لم تعد الفتيات الفقيرات المقبلات على الزواج يساورهن القلق، فهن يعرفن أنهن سيجدن فستان الفرح فى «سانت تريزا» حيث تجمع فيها أكثر من مائتى فستان تبرعت بها كثيرات من محبى الخير. مشروع «فستان الزفاف» تعطل لفترة، و فى أغسطس 2004 أعاده الأب ملاك الكرمالى رئيس دير سانت تريزا، حيث تبرعت وقتها إحدى السيدات الفاضلات بأربعة فساتين فى ذكرى عيد القديسة، وأهدت سيدة أخرى فستانين آخرين. صباح يوم الجمعة من كل أسبوع تتوافد الفتيات المقبلات على الزواج على الكنيسة، فيجدن فى انتظارهن المتطوعات اللاتى يساعدهن فى اختيار الثوب المناسب، بالإضافة إلى ما يحتجنه من الأحذية أو التيجان أو الورد، وقد تبرع مؤخراً أحد القساوسة الأقباط بمئة فستان زفاف وخطوبة، وتنهال الأثواب البيضاء من كل أنحاء العالم،خاصة من أمريكا وفرنسا واستراليا.