أكدت مناقشات المؤتمر العلمي للجمعية المصرية للوقاية من ترقق العظام وطب المسنين أنه رغم وفرة أشعة الشمس , يعانى 50% من المصريين من نقص مستوى فيتامين ( د) الذي يمثل وجوده العامل الأساسي المساعد على امتصاص العظام للكالسيوم وزيادة كثافة الكتلة العظمية بالجسم . وفيتامين ( د ) كما تقول الدكتورة أمال البدوي أستاذ الصحة العامة بطب الزقازيق .. هو هرمون يرتبط بمستقبل موجود في العديد من أنسجة الجسم , مما يعنى أن لهذا الفيتامين أدوار متعددة , بجانب دوره في بناء الكتلة العظمية بالاشتراك مع الكالسيوم , حيث يمنع الإصابة بالسكر وبعض أمراض المناعة مثل الرماتويد والذئبة الحمراء والضغط , ويسبب نقصه لين العظام عند الأطفال , كما يؤدى للهشاشة ولين العظام عند الكبار . وفى دراستين ميدانيتين لكلية طب الزقازيق , أجريت الأولى عام 2006 على نحو 500 سيدة في سن الإنجاب بقريتين بمحافظة الشرقية , وجد أن نسبة نقص الفيتامين عندهن تبلغ 60% وأجريت الثانية عام 2012 على 550 طالب وطالبة بالاعدادى والثانوى وبلغت نسبه النقص 50% تقريبا , وبلغ معدل النقص عند البنات مرة ونصف عند البنين , مما يؤكد وجود مشكلة حقيقية بمصر , حيث يأتي تكوين 80% من الفيتامين تحت الجلد نتيجة لتفاعل أشعة الشمس مع بادئ امتصاص الفيتامين , في حين تأتى النسبة الباقية من الغذاء , ومما يؤكد عالمية هذه المشكلة, ما توصلت إليه نتائج دراسة أوربية أجريت على ألف طالب بعشر دول وبلغت فيها نسبة نقص الفيتامين 80%. ولذلك ترى الدكتورة أمال أن حل هذه المشكلة يكمن في ضرورة رفع الوعي الصحي للمواطنين بأهمية تعريض الوجه واليدين لأشعة الشمس لفترات تتراوح بين 20 إلى 30 دقيقة في كل مرة بما لا يقل عن 3 أيام أسبوعيا , فيما بين الحادية عشر والواحدة ظهرا . وبعرف فيتامين ( د ) كما يقول الدكتور سمير البدوي أستاذ الروماتزم والتأهيل بجامعة القاهرة ورئيس المؤتمر .. بأنه مادة تنظم التمثيل الغذائي للكالسيوم بالجسم طوال حياة الإنسان . ولكي يصبح الفيتامين نشط فسيولوجيا يجب أن يمثل غذائيا عبر مرحلتين بالكبد والكلى , وتوضح نتائج الأبحاث أن المستويات بين 30 إلى 32 ناتو جرام بكل ميلليلتر تشير لحالة نقص للفيتامين بالدم , ويمكن أن تؤدى للإصابة بلين العظام , ومن الممكن أن تؤدى لضعف العضلات بجانب لين العظام عند الكبار , ومن ثم زيادة فرص الوقوع والكسور . وتؤكد نتائج الأبحاث الحديثة أن لفيتامين ( د ) النشط تأثيرات ترتبط بالكالسيوم من خلال تغيرات دقيقة تتمثل في مستقبلات الفيتامين داخل الخلية ومؤخرا كشفت الأبحاث وجود علاقة بين نقص فيتامين ( د ) ومدى واسع من الأمراض الشائعة مثل سرطان الثدي والقولون والمستقيم والبروستاتا وأمراض القلب وبعض الأمراض المناعية . وتحاول الصناعات الصيدلية فصل خواص الفيتامينات المرتبطة بالكالسيوم لإنتاج مثيلات لفيتامين ( د ) ذات استخدامات متخصصة مرتبطة وغير مرتبطة بالكالسيوم , وتحتاج هذه العقاقير المثيلة لتنشيطها داخل الجسم قبل أن تصبح نشطة بيولوجيا داخل الكبد . وأوضح الدكتور حازم عبد العظيم أستاذ جراحة العظام بجامعة القاهرة أن نقص الفيتامين يسبب ليونة العظام التي يعانى فيها المريض من عدة أعراض أهمها الألم بسبب الكسور الرفيعة غير الكاملة أو الصريحة الكاملة التي تصاحب المرض . وتأتى تشوهات العظام كثاني أكثر الأسباب شيوعا , ومن أهم صورها تشوهات عظام الساق والحوض والجمجمة وتحدب الظهر وبروز عظام الصدر , وتتميز الكسور الناتجة عن ليونة العظام بمسمار خاص ينتهي بألم شديد وتشوه معقد قد يقعد المريض عن الحركة , ومن الممكن تشخيص هذه الكسور بالأشعة العادية المقطعية والرنين المعناطيسى والفحص بالنظائر المشعة, كما تظهر الاختبارات المعملية نقص لمستوى الفيتامين بالدم , وزيادة مستوى كل من" ألكالين فوسفاتيز " وهرمون الغدة الدرقية بسبب زيادة نشاطها , ويتم العلاج أساسا دوائيا بتعاطي جرعات فيتامين( د ) مع علاج سبب نقص الفيتامين والذي قد يرجع لمرض بالكلى . أما الكسور الناتجة عن هذه الحالة فيتم علاجها كما يقول الدكتور حازم بالطرق التقليدية مع العناية بتصحيح التشوه, وبصفة عامة تحتاج كسور العظام الينة لتعامل خاص من جانب الجراح يتوخى فيه الحذر الشديد عند التثبيت بالمسامير لانخفاض قدرتها على تحملها , مع وجوب استعمال الشرائح من الجانب المحدب , وطالما أمكن السيطرة على سبب نقص الفيتامين , من الممكن التئام هذه الكسور . وعن ضعف العضلات بسبب نقص فيتامين (د ) .. أوضح الدكتور أحمد مرتجى أستاذ طب المسنين بجامعة عين شمس أنه مرض يصيب 10% من المصريين الأكبر من 60 عاما , ليزيد من فرصة الوقوع والكسور ويؤدى إلى عدم قدرة الفرد الاعتماد على نفسه في حياته اليومية . وفى بحث أجرى على 106 مريض تم إعطائهم فيتامين د النشط بجرعة 1 ميكروجرام , وبعد 3 أشهر من المتابعة وإجراء الاختبارات المعملية , أظهرت النتائج تحسن ملحوظ في أداء العضلات , مما يؤكد دور هذا الفيتامين لصحة العضلات ووظائف الجسم الحيوية . وعلى صعيد التشخيص أكدت الأبحاث التي أجريت في دول عديدة من بينها مصر .. كما يقول الدكتور عمر حسين أستاذ الأشعة بطب عين شمس ..ارتفاع نسبة نقص الفيتامين لدى المصريين لأسباب عديدة منها عدم التعرض للشمس لان الشمس هي المصدر الرئيسي للفيتامين , لذلك يوص الأطباء بالاهتمام بضرورة تشخيص هذا النقص وعلاجه مبكرا لتأثير هذا على قوة العظام وسلامة العضلات والحالة النفسية للإنسان, ورغم اختلاف علاج الهشاشة عن ضعف العضلات , كثيرا ما يتم تشخيص ضعف العضلات خطئا على كونه هشاشة وتظهر صور الأشعة العكس. كذلك تؤكد الأبحاث وجود حالات كثيرة مصابة بالمرضين معا , لذلك يوصى بعد الاكتفاء بقياس كثافة العظام وإضافة بعض الفحوص الأخرى عند وجود شك في الإصابة بلين العظام , ومن أهم هذه الفحوص المسح الذرى للعظام لدقته في التفرقة بين الهشاشة ولين العظام والأشعة الرقمية على الأماكن الأكثر عرضة للإصابة مثل عظام الحوض والقفص الصدري , وتعد الأشعة المقطعية والرنين من الوسائل الدقيقة المتاحة لاكتشاف الشروخ الرفيعة التي تسبب آلاما مبرحة ولا يمكن اكتشافها بالأشعة العادية .