النقيب أحمد شاكر عبد الواحد القارح.. النقيب لطفى جاد الله.. الملازم أول السيد عبد المجيد.. الملازم أول حسن حسنى أمين.. ضابط بحرى سعد السيد.. الجنود عبد الحميد عبد الفتاح.. بكرى فتح الله، عبد العزيز إبراهيم، صلاح حافظ، محمد جودة، سمير محيى الدين، على عبد الله، محمد عبد العاطى، محمد رجب، عبد الهادى شوقى، معوض سرجيوس، عبد السلام جمعة، محمد شعبان، السيد احمد، محمد على، فصيح صابر، عبد اللطيف محمد، على عبد العزيز، حسين عمارة، فودة البدراوى، حمدى فرغلى، احمد الجوهرى، خيرى بركات.. هذه الأسماء سطرت بطولة يذكرها التاريخ بأنها من أعظم البطولات.. وهي تدمير المدمرة إيلات.. وعظمتها تأتي لكونها بداية بطولات المصريون بعد النكسة... ففي مساء يوم الجمعة 20 أكتوبر 1967 اكتشف رادار لنش السواحل «نسر» هدفا في اتجاه 51 درجة على مسافة 17 ميلا بحريا من فنار بورسعيد، وفى الساعة 5:30 من صباح اليوم التالى تم رصد الهدف من جديد بوضوح بواسطة أجهزة رادار قاعدة بورسعيد البحرية على اتجاه 95 درجة والمسافة 13 ميلا بحري، كما رصدت نقطة المراقبة البصرية أعلى فنار بورسعيد الهدف وسجلته إحدى السفن التجارية المصرية والتى كان يقودها آنذاك الربان آمون واصف، وعليه فقد تم رفع درجة الاستعداد فى القاعدة وعندما أشارت عقارب الساعة إلى السابعة وعشر دقائق صباحا، تم إبلاغ مركز العمليات البحرى بقيادة القوات البحرية بالاسكندرية بالموقف، وعلى الفور اصدر قائد القوات البحرية تعلمياته بإخطار هيئة العمليات بالقيادة العامة للقوات المسلحة. وفي قاعدة بورسعيد كان قد تم رفع درجة استعداد سرب لنشات الصواريخ المكون من لنشين طراز كومار السوفييتى الصنع حمولة 85 طنا، طول27 مترا، عرض 6 أمتار، غاطس 1.5 متر، السرعة 40 عقدة، مدى الإبحار 400 ميل بحرى، واللنش مجهز بصاروخين موجهين طراز ستايكس مدى 34 ميلا بحريا، سرعة الصاروخ 0.9 ماخ، وزن العبوة المتفجرة نصف طن، وفى الساعة 11.25 صباحا تم رصد الهدف من جديد على مسافة 5 أميال بحرية من نجمة بورسعيد وبعد 15 دقيقة رصد الهدف من جديد على اتجاه 40 درجة ومسافة 11 ميلا بحريا من فنار بورسعيد، وعليه فقد طلبت قيادة القوات البحرية من القيادة العامة وهيئة عمليات القوات المسلحة التصديق على قرارها بتدمير الهدف البحرى المعادى فور اختراقه المياه الإقليمية.. كان القرار خطيرا وعلى درجة عالية من الحساسية، وله أبعاد سياسية وعسكرية كبرى، عليه فقد تم رفع الأمر الى الرئيس جمال عبد الناصر الذى صدق عليه من فوره في تمام الساعة 12:20 ظهر ذلك اليوم المشهود. وفى الساعة 1:15 ظهرا قام مركز العمليات البحري برأس التين، بإرسال إشارة لاسلكية مفتوحة إلى قيادة قاعدة بورسعيد، كان الغرض من الرسالة خداعيا، حيث كان نصها «..لا تشتبك مع أية أهداف في نطاق القاعدة»، وعلى الجانب الآخر تم إخطار قائد القاعدة البحرية تيلفونيا بحقيقة الأمر عن طريق هيئة العمليات بالقاهرة وذلك حتى لا يحدث أى التباس فى الموقف. وتوالت الأحداث، إذ تم رصد الهدف من جديد الساعة 4:40 عصرا، حيث اخترق من جديد المياه الإقليمية، على الفور صدرت أوامر القتال إلى سرب لنشات الصواريخ بقاعدة بورسعيد، على أن تتم الضربة الأولى بواسطة لنش الصواريخ رقم 504 بقيادة قائد سرب اللنشات النقيب احمد شاكر عبد الواحد القارح، تليها الضربة الثانية بواسطة لنش الصواريخ رقم 501 بقيادة النقيب لطفى جاد الله. وفى تمام الساعة الخامسة وخمس دقائق عصرا، أبحر سرب لنشات الصواريخ إلى خارج القاعدة للاشتباك مع الهدف المعادى، وفى الخامسة وخمس وعشرين دقيقة تماما وبعد ضبط الهدف على شاشة رادار لنش الصواريخ، تم إطلاق الصاروخ الأول من اللنش 504، حيث أطاح ذلك الصاروخ بأجهزة الاتصال وهوائيات اللاسلكى بالمدمرة، مما جعلها عاجزة عن الاستغاثة وطلب النجدة، بعدها بأربع دقائق تم إطلاق الصاروخ الثانى الذى اصاب غرفة الماكينات بالمدمرة إصابة مباشرة. وفى غضون ذلك كانت أجهزة رادار قاعدة بورسعيد قد تم إغلاقها مؤقتا بأوامر من قيادة القاعدة بناء على طلب قائد سرب اللنشات، حتى يتمكن من استخدام راداراته بوضوح دون تداخل أو تشويش، وعليه فبعد نهاية العملية تمت إعادة تشغيل رادارات القاعدة من جديد الساعة 6:50 مساء، لحظتها تم رصد الهدف من جديد على اتجاه 83 درجة، مسافة 11 ميلا بحريا، وأتضح أنه ساكن فى موقعه دون حراك على الفور تم إبلاغ مركز العمليات برأس التين، وفى تمام الساعة 7:05 مساء صدر الأمر إلى لنش الصواريخ رقم 501 بالخروج والاشتباك مع الهدف، وتحقق ذلك بالفعل عندما تم إطلاق الصاروخ الأول فى الساعة 7:29 مساء وبعدها بثلاث دقائق تم إطلاق الصاروخ الثانى، حيث انفجر الصاروخ الأول فى الماء أسفل الهدف، فى حين حقق الصاروخ الثانى إصابة مباشرة دمرت الهدف وإحالته إلى كتلة من النيران، وفى الساعة الثامنة كان الهدف قد تلاشى من على شاشة رادار القاعدة، وهوى إلى قاع البحر بغير رجعة. وقد بدأت إسرائيل على الفور عمليات الإنقاذ فى الساعة 8:15 مساء، حيث حلقت أربع طائرات إسرائيلية فوق موقع المعركة وأخذت تلقى بالمشاعل المضيئة والقوارب المطاطية، لكن وحدات الإنقاذ الإسرائيلية لم تستطع الوصول إلا فى وقت لاحق واتصل رئيس الأركان العامة للجيش الإسرائيلى بكبير مراقبى الأممالمتحدة فى القدس، ويطلب منه التدخل لدى الحكومة المصرية لتسهيل عملية انقاذ الضباط والجنود البحريين الغرقى والمصابين الذين تصادف ان يكون من بينهم طلاب دفعة التخرج فى الكلية البحرية الاسرائيلية الذين كانوا على ظهر المدمرة المنكوبة. وتعتبر هذه هي المرة الأولى فى التاريخ البحرى تتصدى وحدة بحرية صغيرة لقطعة بحرية ضخمة، تتمتع بقوة نيران هائلة ومتنوعة، كانت المدمرة إيلات طراز Z إنجليزية الصنع حمولة 2575 طنا، الطول 111 مترا العرض 11 مترا، الغاطس 5 أمتار، السرعة 31 عقدة مدى الإبحار 2800 ميل بحرى، 4 قواعد أعماق، 4 مدافع 4.5 بوصة، 6 مدافع 40 م.م، 8 أنابيب طوربيد، الطاقم 186 ضابطا وجنديا.. وبذلك اثبتت تلك المعركة أن قوة النيران والقدرة القتالية لم تعد تتناسب طرديا مع حجم القطعة البحرية مما مثل تحولا جوهريا فى الفكر الاستراتيجى البحرى منذ ذلك التاريخ. ولذلك تحتفل القوات البحرية المصرية فى اليوم بعيدها السنوى، تمجيدا لذكرى تدمير أكبر الوحدات البحرية الإسرائيلية.