أثار حادث مقتل مستوطن إسرائيلي قرب الحدود المصرية الإسرائيلية المخاوف من جديد بشأن توتر العلاقات بين مصر وإسرائيل وخاضت بعض الأقلام فى الصحف الإسرائيلية ومواقع الإنترنت الإخبارية المصرية فى الحديث عن النهاية الوشيكة لإتفاقية السلام بين الجانبين خاصة مع الصعود المحتمل للإخوان إلى منصة السلطة في مصر فيما خطرا يهدد بتحويل الصراع الهادىء بين مصر وإسرائيل إلى صراع دينى معقد .. وفى تطور متصاعد ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت الصادرة اليوم أن الجيش الإسرائيلى دفع بقوات مدرعة إلى المنطقة التى وقع بها الحادث بالقرب من السياج الأمنى الذى تقوم إسرائيل ببناءه على الحدود فى حين كثفت المروحيات الإسرائيلية من طلعاتها الجوية أمس لتمشيط المنطقة بحثا عن المتطرفين المتسللين إليها عبر الحدود المصرية جنوب منطقة النقب الغربى وذلك حسب وسائل الإعلام الإسرائيلية يأتى هذا فى الوقت الذى استأنف فيه العمال الإسرائيليون نشاطهم فى موقع العمل بالسياج الأمنى الذى شهد الحادث أول أمس .. وعلى الجانب المصرى أكد مصدر أمنى عسكرى بقيادة الجيش الثانى الميدانى بأنه تم الدفع بتعزيزات عسكرية على الحدود تحسبا لأى خرق لإتفاقية السلام كما واصل الجيش تواجده بالقرب من المجرى الملاحى للقناة خوفا من حدوث اعتداءات أو تهديدات عليها فى أعقاب إعلان النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية. لكن العديد من مواقع الإنترنت الإخبارية أسرفت فى الحديث عن احتمال حدوث حرب وشيكة بين مصر وإسرائيل وأن هذه العمليات الإرهابية التى تحدث من وقت لآخر قد تتسبب فى إشعال الموقف بين الطرفين .. لكن رغم ذلك يستبعد الخبراء أى تحرك عسكرى بين الجانبين ويرون أن ما يحدث مجرد مواقف عارضة وأن الموقف الرسمى بين البلدين موقف واضح وهو رفض الحرب تماما فى هذه الظروف الدولية المتشابكة .. يقول الكاتب الصحفى توحيد مجدى الخبير فى الشئون الإسرائيلية والصحفي في روزاليوسف أن ما يجرى على صفحات الجرائد شىء وما يجرى على أرض الواقع شىء آخر تماما فالجرائد وقودها الأخبار المثيرة لكن الأمور السياسية والعسكرية مختلفة تماما ولها اعتبارات وقواعد خاصة .. أولا مبدأ المواجهة العسكرية فى قلب السياسة بين مصر وإسرائيل هو مبدأ غير موجود فلن تقوم حرب بين مصر وإسرائيل لمجرد أن مجهولين تخطوا الحدود واصطادوا مستوطناً إسرائيلياً فالحرب مفهوم مجنون لكن ما يجب أن نعلمه أن هناك بعض العناصر تحاول استغلال الموقف الساخن وتسعى لجر مصر إلى مواجهة سياسية مع إسرائيل ومصر غير مستعدة لذلك وهى أصلا غير راغبة فى ذلك فلا توجد رغبة لدى الجانب المصرى للدخول فى أى عملية عسكرية من أى نوع لأن العمليات العسكرية تعنى تدمير كل الاستثمارات القائمة على الأرض فى سيناء أيضا الذى ينفذ العمليات الإرهابية على الحدود هو شخص غير مسئول ولا يرتبط بالدولة وإنما ينتمى لجهات أجنبية تسعى لإحداث توتر بين مصر وإسرائيل فى هذه الفترة . ويضيف توحيد مجدى أن مفهوم الحرب هو مفهوم مجنون فى عقول الذين يفكرون بمنطق الستينيات لكن منطق عصر الحوار الإستراتيجى هو منطق مختلف تماما حتى أن معاهدة السلام تنص فى بند من البنود الخمسة الأولى على امتناع الدولتين تماما عن التهديد بأى نوع من أنواع استخدام القوة العسكرية أو الحربية وأن يلجأ الطرفان إلى الحوار السياسي كخيار إستراتيجى فهذا هو المنطق الذى يحكم العلاقات بين مصر وإسرائيل وما يحدث من حين لآخر هو معارك تدور أصلا على صفحات الجرائد المصرية أو الإسرائيلية. وحول الوضع الأمنى فى سيناء وما يشاع حول سيطرة القاعدة عليها يقول توحيد مجدى: هذا كلام غير منطقى .. إسرائيل نفسها لن تستطيع أن تحتل سيناء بجلالة قدرها وبكامل جيشها لأن مساحة سيناء تعادل ثلاث مرات مساحة إسرائيل فمن المعروف أن مساحة سيناء تصل إلى حوالى 60 ألف كيلو متر مربع ومساحة إسرائيل 21 ألف كيلو متر مربع، صحيح أن هذا حدث في حرب 1967 .. لكن سيناء تطورت ولم تعد منطقة مجهولة أو صحراء جرداء وإنما بها استثمارات ومدن ومحافظات مأهولة بالسكان وبها جنود ومدرعات وقوات من الجيش المصرى كما أن نسبة العمران فى سيناء تطورت 50 مرة عما كانت عليه يوم 25 إبريل 1982 وهو التاريخ الذى يوافق التسليم النهائى لسيناء للإدارة المصرية .. ومن هنا نتساءل كيف يستطيع 200 عنصر من التابعين للقاعدة أن يسيطروا على سيناء كما تقول الصحف فى مصر وهناك جيش موجود بالكامل ..وحسب إتفاقية السلام فإن سيناء مقسمة إلى أربعة مناطق وهناك منطقة واحدة يرابط بها 22 ألف جندى مصرى لكن المساحة الشاسعة لها تبلع أى عدد من الجنود مهما كان العدد فتبدو خالية وهذا ما يعطى الفرصة لأشخاص موتورين يعملون لحساب منظمات أجنبية لتنفيذ مخططات خارجية. وحول السياج الأمنى الذى تبينه إسرائيل على الحدود الآن يقول توحيد مجدى هذا السياج يهدف لمنع عمليات تهريب السلاح والمخدرات والبشر بين مصر وإسرائيل ويمنع أيضا تسلل الإرهابيين الهائمين فى سيناء إلى إسرائيل وكانت هناك عائلات وقبائل بين مصر وإسرائيل حققت مكاسب خيالية نتيجة عمليات التهريب وإسرائيل تقوم ببناء هذا الجدار لحماية الحدود من المنتمين للجماعات المتطرفة . وحول وصول الإخوان لمنصة السلطة فى مصر ومخاوف إسرائيل من تحول الصراع بينها وبين السلطة الجديدة المحتملة إلى صراع ديني يقول توحيد مجدى أن إسرائيل استفادت كثيرا من الإيحاء بشعورها بهذه المخاوف والموساد الإسرائيلي يلعب دورا بالغ الدهاء فى هذا الشأن من خلال التأثير على المجتمع الدولى المتعاطف مع الصهيونية وخاصة أمريكا وذلك فى ضوء ثلاث نقاط: - إسرائيل قبل ثورة يناير كانت تحصل على معونات قدرها 3 مليار دولار من الولاياتالمتحدةالأمريكية والآن تحصل على 6 مليار دولار وهذا يحدث لأول مرة بعد توقيع إتفاقية كامب ديفيد. - إسرائيل قبل ثورة يناير كانت تمتلك 3 بطاريات مضادة للصواريخ الآن تمتلك 6 بطاريات وفى الطريق بطاريتين أخريين بنهاية عام 2012. - إسرائيل تعاقدت مع الولاياتالمتحدةالأمريكية على صفقة طائرات متطورة إف 22 وأسلحة ومعدات ثقيلة بدعوى تأمين الدولة الإسرائيلية من مخاطر إنقلاب الموازين فى المنطقة. وكان للموساد دور بالغ الخطورة فى هذا الأمر بل أنه على اتصال وثيق ببعض المجموعات المتطرفة فى سيناء ويستغلهم فى افتعال أزمات حتى تشعر أمريكا بوجود خطر فتقوم بتمويل صفقات السلاح الإسرائيلية وهناك ضباط فى الموساد اعترفوا بذلك فى أكثر من موقف بل أن هناك كتاب صادر فى هذا الشأن اعترف فيه صاحبه ضابط الموساد بما يفعله هذا الجهاز على أرض سيناء. أما الخوف من الإخوان وصعودهم فهو خوف ربما يكون مبررا لكن الإخوان حسب مصادر مطلعة قدموا تعهدات مكتوبة للبيت الأبيض لاحترام معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل ويجب أن نعلم أن الإخوان يختلفون تماما عن أى جماعة أخرى متطرفة فهى جماعة سياسية وليست جهادية ولها من المرونة ما يمكنها من أن تتعامل مع الشيطان وفى سبتمبر القادم سيعلنون احترامهم لمعاهدة السلام بمناسبة مرور الذكرى 34 على توقيعها وسيجلسون مع الجانب الإسرايلي على مائدة مفاوضات ومباحثات واحدة فى هذه الذكرى. واقرأ ايضا: سيف اليزل : لم نتلق اى تهديدات من الجيش الإسرائيلى !