(((... الدنيا حولي وحولك قاسية.. لكن صبر جميل!.. قد تري منافقا يعتلي منصبا أو مليونيرا مجهول المصدر والهوية أو شريفا يتعرض للتنكيل أو فقيرا يكمل عشاءه نوما بينما جاره يرفل في نعيم لا يعلم إلا الله مصدره.. مرة أخري صبر جميل فالجنة ليست فوق الأرض.. ولا النار.. وإنما الحساب مؤجل ليوم تشخص فيه الأبصار!..))) • ........................... كلما جلست علي مائدة الإفطار الأخير في رمضان أسأل نفسي دون أن يسمعني أحد: 'هل ستعيش إلي رمضان القادم؟!' في كل مرة تأتي الإجابة واحدة لا تتغير، فمن يضمن عمره لحظة.. أو حتي جزءا من اللحظة؟!.. وكم كان ربي كريما معي أن طال بي العمر حتي بلغت السادسة والخمسين عاما منذ أسابيع قليلة.. وهذا الرقم هو ما دفعني في الإفطار الأخير من رمضان العام الماضي إلي السرحان والشرود وبعض الارتباك!!.. فالرقم يعني أن الاقتراب من الموعد المحتوم يزداد قربا، وأن الاستعداد للقاء المرتقب يجب أن يكون شعار المرحلة القادمة.. فلا أنا ولا غيري يمكننا أن نستبشر خيرا بهذا اللقاء ما لم نذهب إليه بقلب سليم!.. سيكون لقاء تحت الأرض.. إحساس واحد ينتاب الجميع في هذا اللقاء فيشعر كل منا بأن بصره حديد وعليه أن يقرأ كتابه.. لا مال ولا بنون ولا سلطان ولا نفوذ.. ولا كذب ولا ادعاء.. لقد كنا في غفلة من هذا فكشف الله عنا الغطاء وبانت الحجب وقيدت الأسماء في عالم البرزخ.. إنه اليوم الذي وصفه المولي عز وجل قائلا للإنسان: 'هذا ما كنت منه تحيد..'.. ويا لها من لحظات.. ويا له من لقاء محتوم.. فماذا أعددنا له؟!.. إنني أذكر نفسي وأذكر كل من يقرأ هذه السطور بأننا الآن في دار عمل بلا حساب، وغدا نذهب إلي دار حساب بلا عمل.. فماذا نحن فاعلون طالما أنه لا مفر من اللقاء؟!.. عندي حل عاجل واقتراح بسيط، لكنه قد يكون طريق النجاة.. وهو بإيجاز شديد أن تجعل من كل أيام العام أياما رمضانية.. نحافظ علي قلوبنا بيضاء.. لا نهجر بيوت الله.. ولا كتابه.. ونعمل بسنة نبيه المصطفي عليه الصلاة والسلام.. ونكون جميعا علي يقين من أن الإسلام ليس ثقافة وإنما منهج حياة.. فلا يمكن أن نصلي ثم نكذب أو نغش أو ننافق أو نقع في شباك الهوي!.. نعم هذه مشاهد مألوفة أرجو أن نخلص أنفسنا منها.. وكما كنا نحافظ علي صيامنا من أية خطأ علينا أن نتعامل مع كل الأيام بنفس المنهج والخوف والحذر لو ظل رمضان يجري في دمائنا مجري الدم في العروق!.. وهذا المنهج نفسه ليس مقصورا علي المسلم وحده.. فلا المسيحية ولا اليهودية حللت ما حرمه الإسلام.. فالسرقة والقتل والزنا والكذب والنفاق وقلة الحياء كلها سلوك مرفوض في كل الأديان والكتب السماوية. نحن لسنا أنبياء.. ولن نكون.. أخطأنا.. نعم.. ظلمنا ناسا.. وظلمونا ناس.. كذبنا وكذبوا علينا.. لكن الله يقبل التوبة في كل وقت بشرط أن تكون نابعة من القلب ومصحوبة بالندم والعزيمة علي ألا يتكرر الخطأ. الدنيا حولي وحولك قاسية.. لكن صبر جميل!.. قد تري منافقا يعتلي منصبا أو مليونيرا مجهول المصدر والهوية أو شريفا يتعرض للتنكيل أو فقيرا يكمل عشاءه نوما بينما جاره يرفل في نعيم لا يعلم إلا الله مصدره.. مرة أخري صبر جميل فالجنة ليست فوق الأرض.. ولا النار.. وإنما الحساب مؤجل ليوم تشخص فيه الأبصار! الحياة قصيرة.. دعونا نستمتع بالقدر المتاح من السعادة ونغض البصر عما يقلقنا أو يضايقنا.. دعونا نتسامح وتصفو قلوبنا، ونقابل السيئة بالحسنة، وأن نضع نصب أعيننا دائما قوله عليه الصلاة والسلام: عش ما شئت.. فإنك ميت.. وأحبب من شئت.. فإنك مفارقه.. واعمل ما شئت.. كما تدين تدان.. يا رب.. إن لم نكن أخلصنا في طاعتك.. فإننا نطمع جميعا في رحمتك! أعتقد أن نفس ما كان يدور من خواطر علي مائدة الإفطار الأخير في رمضان الماضي سوف يتكرر في رمضان الحالي إن كان في العمر بقية وأرجو أن يشاركني قراء الصفحة نفس الخواطر والمشاعر!. إبراهيم مصطفي. السيدة زينب