تكريم هالة صدقي ولطفي لبيب من الحسنات وتميز عدد قليل من الأفلام النوايا الحسنة لا تصنع مهرجانا سينمائيا ناجحا، ولكن لابد من وجود مقومات لهذا النجاح أولها وجود برنامج فني متميز للأفلام والمسابقات وثانياً أن يكون القائمون علي المهرجان يمتلكون الخبرة والادارة والفنية اللازمة في صناعة المهرجانات، وثالثاً أن تمتلك هذه الادارة رؤية ادارة وفنية مختلفة وجديدة ومتطورة او كما يقولون التفكير خارج الصندوق لتقديم فعالية محترمة ينطبق عليها اسم مهرجان سينمائي، ثالثا توافر ميزانية معقولة تترجم هذه الرؤية والافكار الي برنامج فني جدير بالمتابعة ليحقق الهدف من اقامة المهرجان والا يتحول الامر علي شئ غير مهرجان سينمائي. وللاسف الشديد توافرت النوايا الحسنة لاقامة الدورة الثالثة مهرجان شرم الشيخ السينمائي- الذي اختتم فعالياته مساء أمس الجمعة بحفل لتوزيع الجوائز- بعد ان اختار منظموه هذا العام هوية خاصة ومتفردة بين المهرجانات المصرية وهي الاتجاة نحو الشرق نحو قارة أسيا التي تمتلك تاريخا سينمائيا مميزا أصبح ينافس في المهرجانات الكبري ويحصد الجوائز العالمية حيث قرر القائمون علي مؤسسة نون للثقافة الفنون المنظمة للمهرجان أن تكون السينما الاسيوية عنوانا وهوية للمهرجان هذا العام ليصبح اسمه مهرجان شرم الشيخ للسينما الاسيوية، وتفاءل السينمائيون المصريون وصناع المهرجانات بهذا التوجه؛ خاصة وان هوية المهرجان تعددت ما بين الاوربية المصرية والاوربية العربية ومهرجان دولي ولكن لم يحقق ما يميزه ومع انطلاق دورة هذا العام تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن كما يقولون فمع بداية اليوم الاول وقبل افتتاح المهرجان بساعات اندلعت اولي الازمات والمشاكل التي اظهرت عدم خبرة الادارة الجديدة، فقد فوجيء ضيوف المهرجان والذين وصل عددهم الي ما يقرب من 300 ضيف ما بين عدد محدود من الفنانين وصناع الافلام والسينمائيين والاصدقاء والجيران والصحفيين والاعلاميين وهو رقم كبير جدا لمهرجان يعاني من أزمات مالية وميزانية ضعيفة، وقد تم تسكين الضيوف بين ثلاث فنادق تبعد بعضها عن بعض لمسافات تصل الي 15 كم الاول خمس نجوم اقام فيه المكرمون »هالة صدقي ولطفي لبيب» ورئيس شرف المهرجان اسعاد يونس، وبعض المحظوظين؛ اما الثاني فهو من فئة الاربعة نجوم فقد استقبل ادارة المهرجان واصدقاءهم وبعض الفنانين وصناع الافلام والضيوف الاسيويين وبعض لجان التحكيم وعدد من الاعلاميين من المقربين من ادارة المهرجان، اما الصحفيون والاعلاميون الذين يصل عددهم الي ما يقرب من 80 صحفيا واعلاميا فقد تم عزلهم في مجمع سكني لم يتم افتتاحه رسميا ويبعد عن مقر المهرجان ما يقرب من 60 كم ذهابا وعودة ولا توجد فيه ادني خدمات الاقامة الفندقية، ولم يقتصر الامر عند هذا الحد بل فوجيء بعض الصحفيين انه تم تسكينهم في غرف ثنائية وثلاثية رغم وجود سرير واحد في الغرفة، مما اضطر بعضهم لمغادرة شرم الشيخ، وقد تسبب بعد المسافة بين مقر اقامة الصحفيين واقامة الضيوف الاجانب والفنانين المصريين الي افتقاد التواصل بين الطرفين . اما حفل الافتتاح فحدث ولا حرج؛ فقد تم نقل ضيوف المهرجان الي قاعة المؤتمرات في السابعة مساء ولم يبدأ الحفل الا في التاسعة ونصف ولم يعرف احد من الضيوف سبب التأخير؛ وعندما بدأ الحفل ظهر باهتا وتحول الي ما يشبه فرح العمدة فلا يوجد سيناريو لفقراته وترتيبها وخلاله قدمت ثلاث فرق استعراضية من تتارستان والصين واذربيجان فقرات علي خشبة المسرح تم اختتامها بفقرة غنائية للمطربة الاذربيجانية »ديلارا» مما دفع الضيوف للتساؤل هل هذا افتتاح مهرجان سينمائي ام مهرجان للفنون الشعبية؟؛ وفور انتهاء الحفل حاولت ادارة المهرجان عرض فيلم الافتتاح »الفريق» ولكن مخرجه اسلام رسمي اعترض لخلو القاعة من الضيوف والذين غادروها لطول الحفل واللحاق بحفل العشاء واعلن انسحابه من المهرجان مما دفع الادارة الي محاولة تهدئته مع وعد بعرض الفيلم في قصر الثقافة في اليوم الثاني، وهو ما فشل ايضا ليعرض الفيلم في اليوم الثالث مما دفع مخرجه لتحرير محضر في قسم الشرطة واصدار بيان ضد ادارة المهرجان وتستمر الاخطاء والخطايا في حق المهرجان فمن السلبيات الكبري في هذا الدورة بعد المسافة بين اماكن العروض ومقر اقامة الضيوف والصحفيين والتي وصلت الي 60 كم ذهابا وعودة حيث احتض قصر ثقافة شرم الشيخ عرض المسابقة الرسمية وقاعة احد الفنادق البعيدة عروض باقي المسابقات وعلي ضيوف المهرجان قطع هذه المسافة يوميا مرتين او ثلاثة فالعروض تبدأ في الحادية عشرة صباحا وتنتهي في العاشرة مساء؛ ولاول مرة في مهرجان سينمائي يحصل ضيوف المهرجان علي الكتالوج والذي هو بمثابة دليل الضيوف للافلام في اليوم الثالث بعد ان تأخرت طباعته، ولاحظ ضيوف المهرجان الغياب التام للسينما الهندية والروسية رغم اهميتهم في السينما الاسيوية، وتغلب عدد الضيوف العرب علي عدد الضيوف الاجانب من صناع الافلام والسينمائيين الاسيويين؛ وعدم انتظام العروض في مواعيدها طبقا للجداول المعلنة لاشك ان زيادة عدد المهرجانات السينمائية هو اضافة للثقافة بصفة عامة وللسينما بشكل خاص ولكن في ظل حالة الضعف الشديد الذي ظهرت به الافلام المصرية التي شاركت في المسابقات يصبح في المهرجان تكريما للسينما الاسيوية ونعي للسينما المصرية فقد شارك الفيلم المصري »بيت ست» في مسابقة الفيلم الروائي الطويل وفيلم »الشغلة» في مسابقة التسجيلي وقد ظهر واضحا باجماع النقاد والضيوف ضعف مستواهم الفني ولا يليقون بتمثيل السينما المصرية في مهرجان سينمائي من الاساس؛ كما ان المهرجان انعزل تماما عن اهالي شرم الشيخ الا من عدد لا يمثل اصابع اليد الواحدة في احدي الحفلات وكأن المهرجان اقيم للضيوف الذين حضروا من القاهرة وعدد من الدول وهذا يؤكد ما قلناه من قبل ان مدينة شرم الشيخ لها خصوصية فهي لا تصلح لاقامة مهرجانات سينمائية او مسرحية بل تحتاج لمهرجان للفنون الشعبية تقدم عروضها للسياح في الشوارع والميادين الرئيسية لاشك ان دورة هذا العام من المهرجان مليئة بالسلبيات والتجاوزات والمجاملات واعتقد ان وزيرة الثقافة د. ايناس عبد الدايم لن يرضيها استمرار هذه المهزلة خلال السنوات القادمة، السؤال الذي يطرح نفسه اين اللجنة العليا للمهرجانات؟ والتي صدر قرار بتشكيلها من رئيس الوزراء ويحمل رقم 1238 وأوكل اليها ضبط تنظيم المهرجانات مما حدث؟، كما يجب أن يكون لها دور قوي في اختيار المدير الاداري والفني لاي مهرجان سينمائي مصري اعتمادا علي سيرته الذاتية والتي لابد ان تتضمن خبرات سابقة في ادارة المهرجانات ولا يترك الحبل علي الغارب دون ضابط او رابط، كما اطالب اللجنة العليا بممارسة اختصاصها التي حددها قرار رئيس الوزراء دون احراج من احد لان في النهاية المهرجانات تحمل اسم الدولة المصرية ويتم تمويلها من أموال دافعي الضرائب وليست عزب تدار حسب الاهواء والعلاقات والمجاملات والمصالح. من الحسنات القليلة في دورة هذا العام تكريم الفنانة هالة صدقي والفنان لطفي لبيب فهما بالفعل من الفنانين الذين يستحقون التكريم علي مشوارهم الفني المتميز وشهدت ندوات تكريمهم إقبال كبير من الفنانين والصحفيين. كما تضمنت المسابقة الدولية للفيلم الروائي الطويل مجموعة متميزة من الافلام ابرزها الفيلم الاندونسي »27 خطوة لماي» إخراج رافي بهرواني الذي قدم معالجة مبدعة لفيلم تناول عملية اغتصاب جماعي لفتاة، والفيلم الياباني »المسدس» إخراج ماساهرو تاكي؛ والفيلم الاماراتي »ولادة» انتاج وإخراج عبد الله حسن، والصيني »الضلع» »الصين» إخراج وي زانج ويتناول التحول الجنسي في اطار علمي والفيلم الافغاني »رونا، أم عظيم» إخراج جامشيد محمودي وهو فيلم ممتع بصريا وجماليا وتفوق ابطاله في ادائهم التمثيلي والفيلم الفيلبيني » »1957 تأليف وإنتاج وإخراج هوبرت تيبي.