عندما كانت الحرب العالمية في أوجها، كان لابد علي الرجل الانجليزي الشاب الذي كان يستحوذ علي حياته قبل ذلك بروتوكول صيد الثعالب، كان يجب عليه أن يودع حياته الرعوية، وركوب الدراجات، وأن يلتحق علي الفور بالجيش. ربما كان »سيجفرايد ساسون» (1886 - 1967 م) الشاعر الأكثر براءة وبساطة بين شعراء الحرب، حيث أطلق عليه من قبل الشاعر الانجليزي »جون هيلدبيدل» لقب »البطل غير المقصود». ولد »ساسون» لعائلة يهودية ثرية في عام 1886م، وعاش حياة ريفية رعوية كشاب اقطاعي يصطاد الثعالب، ويلعب الكريكيت والجولف، ويكتب الأشعار الرومانسية. كان ساسون شابا بريئا وطاهرا، واتضح ذلك وتجلي في ردة فعله تجاه وقائع الحرب في أشعاره التي كانت مليئة بمرارة الحرب والعنف.. (واتضح ذلك أيضا هناك في ساحة الحرب بعد موت رفيقه الجندي »ديفيد توماث»، وأخيه »هامو»، ولقد استحق »ساسون» لقب »العفريت المجنون» من أجل أعماله البطولية الانتحارية التي كانت قريبة جداً من صفوف الألمان في الحرب... وكان التجلي المبكر لحزنه ومأساته عندما كان لا يزال يعتقد بأن الألمان كانوا بمعني الكلمة مخطئين). وكما قال عنه البروفيسور والكاتب الأمريكي »پول فيوسيل» : »الآن هو أطلق العنان والحرية لموهبته الشعرية من أجل السخرية والهجاء والازدراء، بعد أن كانت تلك الموهبة نائمة في فترة شبابه الريفي الرعوي الساذج». بيَّن »ساسون» سذاجته وطيبته بخروجه الشعبي لكي يعلن احتجاجه ضد الحرب (وعندما كبر ساسون واشتد رأي أن القيادة السياسية متبلدة المشاعر، كانت العدو الأعظم من الألمان). ولحسن الحظ، قام صديقه الشاعر »روبرت جريفز» بإقناع محكمة النقض بأن »ساسون» يعاني من اضطراب عصبي، وبعد ذلك أرسل ساسون إلي المستشفي العسكري بمدينة »كراجلوكهارت» حيث قابل هناك الشاعر »ويلفريد أوين» وتأثر به. »ساسون» هو شخصية ذات مسئولية كبري بالنسبة لدراسة شعر الحرب العالمية : لقد قدم معه للحرب شاعر قروي رعوي ذو خلفية قروية ريفية بسيطة؛ ولقد بدأ ساسون بكتابة شعر الحرب الحافل بالذكريات للشاعر »روبيرت بروك»؛ حيث مزج أيضا شعراء حرب آخرين مثل »روبرت جريفز» و »إدموند بلوندن»؛ وتكلم أيضا بدون خوف وعبر علانية عن موقفه ضد الحرب (وعلي الرغم من ذلك عاد إليها مجددا)؛ وتأثر وأخلص للشاعر »ويلفريد أوين»؛ ولقد قضي ثلاثين عاما يسلط الضوء علي الحرب من خلال مذكراته؛ وأخيرا وجد ساسون السلام في معتقده الديني. هناك بعض النقاد الذين وجدوا أن أشعار ساسون اللاحقة تفتقر للشاعرية مقارنة بقصائده تلك عن الحرب. لقد تطابق شعر »ساسون» مع الشاعرين »جورج هيربرت» و»هنري فوغان»، وكان يدرك ذلك ويفهمه حيث قال : نشأتي كانت ثابتة كلية علي مبدأ وشخصية، وكل منهما تجاهل تقريبا حقيقة أني شاعر ديني. الناجون من الحرب تأليف: سيجفريد ساسون ترجمة: أماني أنور حزين هم بلا شك سيشفون قريبا؛ من تلك الصدمة وذاك التوتر »الصدمة» التي جعلتهم يتلعثمون وحديثهم يتقطع. بالطبع هم مشتاقون للعودة ثانية، هؤلاء الأولاد ذوو الوجوه العجوزة، الخائفة، يتعلمون المشي. هم قريبا سينسون لياليهم المسكونة؛ المرعبة و»سينسون» الخضوع لأطياف أصدقائهم الذين ماتوا، و»سينسون» أحلامهم تلك التي تقطرُ بالقتل؛ وسيكونون فخورين بتلك الحرب المجيدة التي هشمت كل فخرهم. الرجال الذين خرجوا لتلك المعركة، متجهمين وسعداء؛ »هم» أطفال، بعيون تكرهكم، »عيون» كسيرة ومجنونة.