تأتي رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي علي مدار عام 2019 لتشهد المزيد من التفعيل للجهود المصرية الساعية إلي دفع عجلة العمل الإفريقي المشترك نحو آفاق أرحب من التعاون والاندماج، من خلال تسخير كافة الإمكانات والخبرات لتنفيذ أجندة التنمية الأفريقية 2063 المتفق عليها في إطار الاتحاد، حيث تتطلع مصر من خلال رئاستها لمنظومة العمل الأفريقية للعمل علي تحقيق مصالح دول وشعوب القارة السمراء في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية.. ومن منطلق ثقل مصر في محيطها الإقليمي والدولي تعلق الدول الأفريقية آمالا كبري علي ما سوف يتحقق من إنجازات خلال فترة الرئاسة المصرية للاتحاد الإفريقي، ومن هذا المنطلق دار الحوار مع السفير أحمد شاهين أمين عام الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية التي تم إطلاقها بهدف دعم الجهود المصرية المبذولة لدعم فرص التنمية لدول القارة السمراء. • ما الهدف من إطلاق الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية التي تم تأسيسها بناء علي الدمج بين صندوق التعاون الفني الإفريقي وصندوق التعاون الفني لدول الكومنولث والدول الإسلامية المستقلة حديثا؟ أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي عن إنشاء الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية خلال مشاركته في قمة الاتحاد الإفريقي ال 23 في مالابو عاصمة غينيا الاستوائية عام 2014 بهدف تعزيز الجهود المصرية الرامية إلي تحقيق التنمية للدول الأفريقية ومساعدتها في تحقيق أهداف الألفية وأجندة التنمية المستدامة 2030 وأجندة التنمية الأفريقية 2063 التي تم الاتفاق عليها بين دول الاتحاد الأفريقية ولاسيما فيما يتعلق بأولويات هامة خاصة في مجالات القضاء علي الفقر والجوع ودعم مجال الرعاية الصحية وتمكين المرأة الأفريقية وتحسين فرص التعليم ودعم الاندماج والتكامل الاقتصادي بين مصر وأشقائها الأفارقة.. والذي يتولي مسئولية رسم السياسة العامة للوكالة هو مجلس إدارتها الذي يرأسه وزير الخارجية سامح شكري وعضوية نائب الوزير للشئون الأفريقية السفير حمدي لوزا ومساعدي وزير الخارجية للقطاعات المعنية بالشئون الأفريقية وأمين عام الوكالة.. وتعد الوكالة بمثابة الذراع التنموية للسياسة الخارجية والدولة المصرية في أفريقيا وذلك في إطار مد الدول الأفريقية بالخبرات المصرية وبقصص النجاح التي تحققها قطاعات كثيرة في مصر وذلك من منطلق انتماء مصر الإفريقي وسعيها لدعم المشاركة مع دول القارة السمراء وإيجاد نموذج رائد وناجح لتعاون الجنوب الجنوب.. بناء القدرات ماذا بشأن المحاور الهامة لعمل الوكالة وهل هناك مبادرات مصرية سوف يتم إطلاقها في إطار رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي علي مدار العام الحالي؟ نستطيع القول بأن هناك عدة محاور هامة لعمل الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية وأول هذه المحاور هو الذي يتركز حول مجال بناء القدرات وعلي هذا الأساس فنحن نستهدف خلال عام 2019 وهو عام الرئاسة المصرية للاتحاد الإفريقي تنظيم نحو 70 دورة تدريبية لبناء القدرات في مختلف المجالات.. فهناك مجالات رئيسية وهي تاريخيا يقدمها الجانب المصري باستمرار وهي محل اهتمام كبير وتقدير من الدول الأفريقية مثل تقديم الخبرات المصرية في مجالات الصحة والزراعة والري وهناك مجالات تم استحداثها بناء علي توجيه من مجلس إدارة الوكالة التي تتعلق بالمجالات الجديدة التي استطاعت مصر تحقيق قصة نجاح بها وخاصة تلك المتعلقة بالمجالات التنموية والاقتصادية والمالية والتي تشهد إنجازات متصاعدة وعلي سبيل المثال فإن النجاح الكبير الذي تحقق في إطار ملف الإصلاح الاقتصادي والمالي والذي هو محل إشادة من المجتمع الدولي ومؤسساته المالية والاقتصادية الدولية دعانا للعمل علي تقديم برامج تدريبية للدول الأفريقية في مجال بناء القدرات الاقتصادية والمالية والتي تقدم من خلالها قصة النجاح المصرية في هذا المجال.. وذلك بخلاف سعينا لعمل برنامج تدريبي لتقديم التجربة المصرية الناجحة لدور البنك المركزي في دعم السياسات النقدية وضبط أسواق الصرف ويتم التعاون من خلاله مع البنك المركزي المصري.. كما تم إعداد برامج سوف يتم تنفيذها خلال عام 2019 في مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة مثل الطاقة الشمسية ومجالات المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر.. وذلك بخلاف إطلاق دورات تدريبية في مجالات أخري ومتنوعة في مجال البحوث العلمية وتمكين المرأة والبيئة. الأمن والتنمية وماذا بشأن الدورات المتعلقة بالشق الأمني ومكافحة الإرهاب ولاسيما أن مصر لديها تجارب ناجحة في هذا النطاق؟ من أهم الدورات المتعلقة بالشق الأمني والتي تقوم الوكالة بتنفيذها بالتعاون مع هيئة تدريب القوات المسلحة هي تلك الدورة التي يتم إطلاقها منتصف فبراير والخاصة »بالمراقب العسكري» وهي الدورة الأولي من نوعها التي تستهدف تدريب الكوادر الأفريقية في مجال حفظ السلام والتي سوف يشارك فيها الضباط المصريون وهناك ترحيب كبير من الأشقاء الأفارقة بها وكذلك الحال فيما يتعلق بتنظيم الدورات في مجال مكافحة الإرهاب بالتعاون مع الشرطة. وفلسفتنا في هذا الإطار هي أن الأمن والتنمية وجهان لعملة واحدة فلا يمكن تحقيق التنمية بدون دعم للاستقرار الأمني علي صعيد القارة السمراء.. وتستهدف مصر خلال فترة رئاستها للاتحاد الإفريقي العام الحالي تدريب من نحو 1800 إلي 2000 متدرب أفريقي في شتي المجالات. وعلي كافة الأحوال فإنه منذ إطلاق الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية تم تدريب نحو 8000 متدرب أفريقي، وشركاؤنا في هذه البرامج العديد من الوزارات المعنية مثل وزارات الصحة والزراعة والري والكهرباء وكل ذلك بتمويل مصري خالص.. التعاون الثلاثي هناك اهتمام من قوي اقتصادية كبري بالتعاون مع دول أفريقيا وهناك تقدير من هذه القوي للدور المصري الرائد بالقارة ولموقع مصر الهام باعتبارها بوابة المرور نحو القارة السمراء فهل هناك مشروعات وبرامج للوكالة في إطار ما يسمي بالتعاون الثلاثي؟ هناك اهتمام من مجلس إدارة الوكالة وتوجيه مستمر لأمانة الوكالة بأهمية التوسع في مجال التعاون الثلاثي وهذا الموضوع يكتسب أهمية كبيرة يوما بعد يوم فهناك اهتمام متنامٍ من الدول ومؤسسات التمويل الإقليمية والدولية للعمل مع الوكالة المصرية لإقامة مشروعات وبرامج في أفريقيا وفي مقدمة الشركاء في التعاون الثلاثي تأتي الوكالة اليابانية للتنمية »الجايكا» وهي من أول وأكبر شركاء الوكالة ويتم التعاون الثلاثي معها منذ نحو عشرين عاما وتتحمل الجايكا جزءا من تكلفة حوالي 11 دورة تدريبية تقوم بها الوكالة المصرية في بناء القدرات سنويا.. ومن أهم الشركاء في مجال التعاون الثلاثي هناك بنك التنمية الإسلامي وبنك التنمية الإفريقي اللذان يشاركان بشكل خاص في دعم البرامج المتعلقة بالتجارة والاستثمار ودعم الاندماج الاقتصادي بين الدول الأفريقية. وعلي كافة الأحوال فإن عام رئاسة مصر للاتحاد الإفريقي هو عام لتطوير وتعزيز كافة الآليات التنموية والتواجد بشكل أكثر تأثيرا داخل العمق الإفريقي، وأن عام 2019 هو عام انطلاق الجهد التنموي المكثف لمصر في نطاق القارة السمراء وأن هذا الجهد وهذه البرامج والمشروعات لايرتبط أحدها بعام 2019 فقط بل هناك إرادة مصرية علي أعلي المستويات بأن يكون هناك استمرارية وتواجد دائم في الساحة الأفريقية وبقوة انطلاقا من عام الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقي.. ولا يفوتنا في مجال الحديث عن التعاون الثلاثي التنويه للتعاون الاقتصادي المتنامي بين مصر والصين والذي ترعاه القيادة السياسية المصرية وهذا يتيح مجالا كبيرا لإقامة برامج تعاون ثلاثي مع بكين من خلال الوقوف علي المجالات ذات الاهتمام المشترك والتي تحقق فائدة وإضافة للدول الأفريقية. إيفاد الخبراء بخلاف محور بناء القدرات ما المحاور الأخري التي تحرص الوكالة المصرية علي الاهتمام بها في إطار التعاون الفني والتنموي مع دول القارة السمراء؟ المحور الثاني الهام في إطار عمل الوكالة ويوليه مجلس إدارتها أهمية بالغة هو المحور المتعلق بآلية إيفاد الخبراء والذي يتم بناء علي تقديرات القطاعات السياسية لاحتياجات الدول الأفريقية ومن ثم تقوم الوكالة بإيفاد الخبراء للدول الأفريقية في قطاعات مختلفة وهؤلاء الخبراء لهم تأثير كبير وواقعي ومجتمعي علي الأرض حيث يتصل عملهم بالمجتمعات الأفريقية بصفة مباشرة ولذلك فإن هناك مطالب كثيرة من العديد من الدول الأفريقية للخبراء المصريين وهناك تقدير بالغ لما يقومون به من جهود.. وفي مجال إيفاد الخبراء فإن مصر لديها خبراء في مجالات متعددة كالصحة والزراعة والري وغيرها مما يقرب من 21 دولة أفريقية وخلال عام 2019 هناك توجه من مجلس إدارة الوكالة بزيادة تفعيل الخبراء. والمحور الثالث في عمل الوكالة يتمركز حول المعونات الإنسانية التي تشتمل علي نشاطات مختلفة في تقديم المساعدات الإنسانية في شكل مساعدات دوائية أو غذائية للدول الأفريقية وفقا لاحتياجاتهم وإيفاد القوافل الطبية التي دائما ماتحقق صدي طيبا للغاية ولها مردود إيجابي كبير علي العلاقات المصرية الأفريقية. دول حوض النيل القيادة السياسية المصرية تولي أهمية كبيرة لدعم العلاقات والتعاون مع كافة الدول الأفريقية عموما ومع دول حوض النيل تحديداً فما دور الوكالة المصرية في هذا النطاق؟ اهتمامنا بالقارة الأفريقية اهتمام شامل واهتمامنا بدول حوض النيل ينبع من أولويات كثيرة وعلاقات تاريخية ووطيدة وعلي مستوي المشروعات فإن الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية تتولي الإشراف علي آليات تمويل المبادرة المصرية لتنمية دول حوض النيل وهي المبادرة التي تم إطلاقها عام 2010 بهدف تعزيز التعاون وإقامة مشروعات تنموية في دول حوض النيل.. وتتضمن مشروعات هامة في مجالات الري والزراعة والطاقة الجديدة والمتجددة وعلي سبيل المثال هناك مشروعات جاري تنفيذها وهناك مشروعات لتوليد الكهرباء باستخدام الطاقة الشمسية في أريتريا وأخري في أوغندا ومشروعات لإقامة سدود حصاد مياه الأمطار في أوغندا. ومشروع للمزارع السمكية ومشروعات لإقامة وحدات صحية في جنوب السودان وأريتريا ونتطلع خلال عام 2019 للبدء بإعداد خطة جديدة لمشروعات في دول حوض النيل..