تبقي "الكاريزما" التي تمتع بها الرئيس الراحل أنور السادات سر استمرار تجسيد شخصيته في الأعمال الفنية حتي الآن، ومن المفارقة أن "السادات" عاش يتمني حلم التمثيل قبل دخول الكلية الحربية، كما أوضح الراحل محمد حسنين هيكل في كتابه "خريف الغضب"، ولكن يشاء القدر أن يتحول تجسيد شخصيته إلي حلم يراود الكثير من الممثلين، كأنه عاش بطلا في فيلم واقعي، تهافت المخرجون علي وضع اللمسات الفنية له بعد اغتياله في 6 أكتوبر 1981، لكن دائماً ما تصاحب محاولات تجسيد الشخصيات التاريخية العديد من المقارنات حول تقديم الفنان للشخصية ومدي تقارب الملامح وطريقة الأداء، خرجت العديد من الأعمال الفنية من سينما وتليفزيون لتجسيد شخصية الرئيس الراحل وأفلامه لم تغادر منطقة السيرة الذاتية، ومن الملاحظ أن معظم تلك الأعمال كانت تركز علي شخصية السادات إبان الملكية، وأثناء حكم عبدالناصر، ولم يقترب من مرحلة تولي السادات للحكم سوي ثلاثة أعمال، أنصف في أحدها فيلم أيام السادات.. كانت البداية مع ظهور موجات الإرهاب في مصر بداية الثمانينيات، حرك الخوف بعض مخرجي السينما المصرية، فشرعوا في عمل أفلام عن الظاهرة المرعبة، وكان طبيعياً أن يحظي حادث اغتيال الرئيس السادات عام 81 بالاهتمام الأكبر، كدليل موثق علي العنف الموجه للسلطة من الجماعات الدينية المسلحة، ولكن ذلك لم يحدث فمن أراد أن يوثق الجريمة وثقها في سياق تسجيلي من خلال عرض السيرة الذاتية للرئيس، وقد جاء ذلك لاحقاً وبعد مرور سنوات، لذا لم يأخذ فيلم "أيام السادات" للكاتب محفوظ عبد الرحمن والمخرج محمد خان الشكل الوثائقي لحادث الاغتيال، لأن الفيلم ركز علي رحلة السادات ومشواره، وجاء مشهد الاغتيال ناهياً للأحداث ليس إلا، باعتباره الخاتمة التراجيدية لحياة الرئيس. عموما فقد تم إنتاج 12 فيلما عن السادات منذ عام 93، وهناك 88 ساعة تسجيلية للرئيس السادات ما بين برامج حوارية مع أشهر المذيعين العرب والأمريكيين أمثال باربرا والترز ووالتر كرونكايت وخطب للرئيس في مجلس الشعب وتسجيلات للقاءات وزيارات قام بها الرئيس خلال فترة حكمه، وتم تجميع الأفلام من التليفزيون والسيد فوزي عبدالحافظ سكرتير الرئيس السادات ومصادر أخري.. والطريف أن عبلة كامل ظهرت في فيلم تسجيلي نادر عن الرئيس الراحل محمد أنور السادات، أنتجته وكالة بي بي سي عام 1982، وتقول عبلة كامل في المقطع المتداول من الفيلم إنها تريد أن تتزوج، تتزوج وحسب، ولا يهمها في ذلك الحرية ولو حتي أمريكا.. ومع تعدد الأسماء التي قامت بنقل صورة السادات للشاشة يبقي أداء أحمد زكي هو المتفرِّد والمتميِّز.. ونعرض في السطور التالية أبرز الفنانين الذين قدموا شخصية السادات. عبد الله غيث .. السادات كان مسلسل الثعلب الذي تم إنتاجه عام 1993 مسلسلا من ملفات الجاسوسية هو أول عمل مصري تظهر فيه شخصية السادات، والمسلسل يتناول إحدي عمليات الفريق رفعت جبريل حينما كان يعمل ضابطاً في المخابرات العامة المصرية، والمسلسل من بطولة نور الشريف، قدم الفنان عبدالله غيث شخصية الرئيس السادات في المسلسل المأخوذ عن إحدي قصص وبطولات رجال المخابرات المصرية، ويومها قال عبدالله غيث، قبلت القيام بدور الرئيس السادات رغم قصر الدور، 9مشاهد فقط علي مدار 6حلقات من عمر المسلسل، بل إنني لم أفكر لحظة في الاعتذار لأنه من الأدوار التاريخية التي تُحسب لأي ممثل، وقد دفعني لذلك إعجابي بالدور كنص، إلي جانب إعجابي الشديد بشخصية الرئيس السادات، كما أن المؤلف اعتمد علي الوثائق والحقائق في كتابة الشخصية لأنه كان يتحدث عن شخصية لها أثرها الكبير، ورغم إعجابي الشديد به إلا أنني لم أتعمد أن أقلده كصورة كاريكاتورية لكنني قدمته بأداء عبدالله غيث. نجاح الموجي الفنان الراحل نجاح الموجي حيث ظهر وهو يرتدي الزي العسكري مقلدا الرئيس الراحل أنور السادات ضمن أحداث فيلم (زيارة السيد الرئيس) الذي قام بإخراجه منير راضي وقام ببطولته الفنان محمود عبد العزيز، محمد هنيدي، يوسف داود، صلاح عبد الله عن قصة الكاتب يوسف القعيد، في أحداث الفيلم التي حدثت عام 1994 يجسد الموجي شخصية الرئيس السادات وبهذا يكون هو أول ممثل يقوم بتمثيل هذه الشخصية، فقد كانت أحداث الفيلم بأن قام مجلس القرية (الضهرية) التي دارت فيها مشاهد الفيلم بتكليف (حلاق الصحة) الذي جسّد شخصيته الفنان نجاح الموجي بالقيام بدور السادات ضمن البروفة التي أقامتها القرية لاستقبال السادات وضيفه الرئيس الأمريكي، ولكن أتت الرياح بما لاتشتهيه السفن، حيث لم يتوقف القطار الرئاسي بالقرية وانصرف كلٌ لحال سبيله وظل حلاق الصحة الذي يجسد دوره نجاح الموجي متقمصا شخصية السادات طوال باقي مشاهد الفيلم لدرجة الجنون. أحمد عبد العزيز أول مرة تقدم شخصية السادات في السينما من خلال فيلم "حكمت فهمي" وهو واحد من أفلام نادية الجندي، وكما هي عادتها دائما تجاوزت الواقع والمنطق والتاريخ، فالراقصة حكمت فهمي هي المناضلة التي تتحمل كل أنواع التعذيب من أجل مصر في حين يقف أمامها الرئيس السادات الممثل أحمد عبدالعزيز في صورة تقترب كثيرا من صورة شجيع السينما رغم أن تاريخ الرئيس الذي كتبه بنفسه في "البحث عن الذات" ينفي كل البطولات الوهمية التي قدمها الفيلم. جمال عبد الناصر ثم يأتي فيلم امرأة هزت عرش مصر عام 1995، حيث يجد الملك فاروق نفسه مذعناً لتنفيذ أوامر الإنجليز بتعيين مصطفي النحاس رئيسا للوزارة، وفي أثناء رحلته إلي القصاصين يُصاب في حادث تصادم، ويتعرف علي الطبيب يوسف رشاد وزوجته نهي، يعجب بالمرأة، ويلحقها بالعمل في القصر كوصيفته، تحاول نهي الصعود اجتماعيا من خلال ضعف شخصية الملك، خاصة بعد أن يتم تكليف الزوج بتكوين الحرس الحديدي، الذي من خلاله يتم اكتشاف كلٍ من الضابط المستهتر مصطفي كمال والضابط أنور السادات، تنفصل نهي عن زوجها ويطردها الملك، فتغدو عشيقة لمصطفي كمال، تنادي بالوقوف ضد الملك، وتعمل علي تكوين خلية سرية مع الضباط الأحرار الذين تساعدهم، حتي تنقذ الثورة من المخاطر والفيلم من بطولة نادية الجندي وفاروق الفيشاوي وقام بدور السادات الممثل جمال عبدالناصر، إلا أن أداء الممثل الشاب جمال عبدالناصر. محمد كامل في نفس التوقيت عرض التليفزيون مسلسل دموع صاحبة الجلالة وقام بشخصية الرئيس السادات الممثل محمد كامل الذي مثّل مرحلة أخري من حياة السادات، محمد كامل قدم الشخصية في شبابها أثناء عضويته في مجلس قيادة الثورة كأحد الضباط الأحرار بينما جسدها عبدالله غيث عندما كان رئيسا للجمهورية. محمود البزاوي فيلم ناصر 56 من إنتاج 1996 وهو فيلم سينمائي ولا يعد تسجيلا روائيا لحياة الرئيس جمال عبدالناصر، لكنه استقطع عدة شهور من حكمه فقط خلال عام 1956 التي اعتبرها الفيلم أهم وأخطر فترات قيادته لمصر قبل وبعد تأميم قناة السويس باعتباره من أهم إنجازاته السياسية، حيث كانت شركة قناة السويس دولة داخل الدولة، يتناول الفيلم حياة عبدالناصر بين وزرائه ومكتبه وخطبه وعلاقاته بأعضاء مجلس قيادة الثورة، ثم بوالده، وزوجته، وأولاده الصغار الأربعة. قام ببطولة الفيلم الممثل أحمد زكي وتم عرضه بالألوان الأبيض والأسود، وقام بدور السادات الممثل محمود البزاوي، ولأن الفيلم كان عن شخصية ناصر بحكم الحدث الذي يناقشه الفيلم، لذلك جاءت جميع الشخصيات في الخلفية فقط أو استكمالا لديكور التاريخ فلم يكن للسادات دور في الأحداث أو في الفيلم. طلعت زين في فيلم جمال عبدالناصر للمخرج السوري أنور القوادري، ركز الفيلم علي شخصية الرئيس عبدالناصر، وجاءت بقية الشخصيات ثانوية وإن كان قد ألقي الضوء علي شخصية المشير عامر بحكم علاقته بالرئيس ناصر وما حفلت بها فترة حكمه من أحداث كبيرة، من إنتاج 1999 وهو من الأفلام الطويلة من بطولة خالد الصاوي وهشام سليم ، أما بقية أعضاء مجلس قيادة الثورة ومنهم السادات فجاءت أدوارهم هامشية، حيث ظهر السادات طلعت زين في الاجتماع الذي عُقد يوم22 يوليو لتوزيع واجبات تنفيذ الخطة. أحمد زكي ثم جاء فيلم أيام السادات عام 2003 من بطولة أحمد زكي وهو فيلم اقتبس عن كتاب البحث عن الذات وكتاب سيدة من مصر، حيث كتب أحمد بهجت سيناريو وحوار الفيلم وقام محمد خان بإخراجه ليجسد أحمد زكي شخصية السادات في أحد أصعب أدواره السينمائية، لأن الفيلم ليس سياسياً بالدرجة الأولي بقدر ما سلط الضوء علي حياة شخصية عامة، متتبعا مشوار حياة السادات من البداية وحتي وصوله لسدة الرئاسة في مصر، وذلك علي مدار أربعين عاماً حافلة، ويعتبر الفيلم من قبل بعض نقاد السينما أحد العلامات في تاريخ السينما المصرية الحديثة. محمود عبد المغني وفي نفس العام ظهر مسلسل أوراق مصرية من بطولة صلاح السعدني وقام بدور السادات الممثل محمود عبدالمغني وأحمد بدير. مفيد عاشور جسد الفنان مفيد عاشور، شخصية "السادات"، في مسلسل إمام الدعاة بطولة حسن يوسف وعفاف شعيب عن قصة حياة محمد متولي الشعراوي. ومسلسل العندليب حكاية شعب سنة 2006 عن قصة حياة عبدالحليم حافظ، قام بدور السادات الممثل محمد نصر، أيضا قام بشخصية "السادات" في مسلسل صديق العمر سنة 2014.. ومسلسل ناصر عن حياة جمال عبدالناصر إنتاج 2008.. وقام بدور السادات الممثل عاصم نجاتي. وأخيرا محمد رمضان وكان آخر الأعمال التي تناولت السادات مسلسل كاريوكا سنة 2012 عن قصة حياة تحية كاريوكا بطولة وفاء عامر.. وقام بدور السادات الممثل محمد رمضان.