عدت أنا إلي مصر بينما عادت هي إلي مدينتها داخل الصين وأرسلت لي صورة مكتبتها وقد وضعت علي إحدي رفوف الكتب هديتي المتواضعة قائلةً »بين هذه الكتب يوجد كتاب عن مصر أقتنيه منذ سنوات طوال، والآن سأقرأه كي أعرفك أكثر لأنني تأثرت بحديثنا كثيرًا...» منذ ثلاثة أعوام بدأت أترجم أعمال الكاتبة المتميزة وي وي، وبدأت أسبر أغوار عالمها الأدبي الخاص.. الخاص جدًا. ومع كل قصة كنت أشعر أنني أقترب أكثر من العالم النفسي لهذه الكاتبة. كنت أحس بسعادة غريبة وأنا أترجم أعمالها حتي شعرت أنني صرت أعرفها، ورحت أجوب واحة الخيال بأن أقابلها في يوم من الأيام حتي نمت بذرة الأحلام داخلي وصارت أمنية غالية. ومرت السنوات ولم أتخيل أن الأحلام ما زالت ممكنة. قابلتها للمرة الأولي في أغسطس الماضي أثناء مشاركتي في مؤتمر الترجمة الأدبية للباحثين الصينين في دورته الخامسة لاتحاد الكتاب الصينين في مدينة جوي يانغ. ولن أنسي هذا اليوم السعيد، يومها كنت أشارك في ندوة خاصة بفعاليات المؤتمر وأخذت أتصفح كتاب »الضيوف المشاركين»، وفجأة وجدت اسمها وصورتها ضمن الكتاب الصينين المشاركين، وما إن انتهت الندوة، ركضت إلي الخارج أبحث عنها... ورأيتها وكانت كلماتي الأولي لها: »أخيرًا قد تحقق حلمي وقابلتك، هل تعلمين أن صورتك ظلت خلفية للحاسوب الخاص بي طيلة عامين»، فتأثرت بشدة من كلماتي التلقائية، واندهشت حينما بدأت أخبرها بأنني قد ترجمت لها العديد من أعمالها ورحت أناقشها في عمل تلو الآخر وأشيد بإعجابي الشديد بأسلوبها الأدبي الفريد. حينها ابتسمت وقالت »القدر يجمع بيننا». وحينما أخبرتها أنني قد ترجمت قصة »ماكياج» غمرتها السعادة قائلةً: »قد ترجمتي أهم الأعمال الأدبية التي كتبتها، هذا العمل قد حاز علي إشادة النقاد وترحيب كبير من القراء في آن واحد». وقد حصدت هذه القصة العديد من الجوائز الأدبية الصينية الهامة. قصة حالمة تجمع بين الكثير من المتناقضات ومزيج من المشاعر التي تجعل روح القارئ تهفو للحظات من فرط مشاعر الحب الصادقة.. حب بلا أمل.. وللحظات أخري يبكي حرقة من معاناة وآلام البطلة. قصة تحمل ملامح فيلم فرنسي رومانسي قديم، يأخذك إلي عالم آخر وكأنك علي بساط سحري ومع اقتراب مشهد النهاية لا ترغب في العودة ثانية إلي أرض الواقع. ولدت الكاتبة وي وي في عام 1970 في جيانغسو، وهي الآن عضو في اتحاد الكتاب في مقاطعة قوانغدونغ. بدأت العمل الأدبي في عام 1994 وبدأت تنشر أعمالها في عام 1997. أدرجترواياتها في قائمة أفضل الروايات الصينية لعام 1998، 2001 ،2005 و2006 و2010، وحصلت علي جائزة لوشون الأدبية، وجائزة النسر الأحمر الأدبية وجائزة أدب الشعب وجائزة الإعلام والأدب الصيني وغيرهامن الجوائرالأدبية الهامة. تُرجمت بعض أعمالها إلي الإنجليزية والفرنسية واليابانية والكورية والإيطالية والروسية والبولندية واليونانية، ومن أهم أعمالها »ماكياج» ، و »امرأة السيد تشنغ» ، و »جورج والكتاب» ، و »الأخت والأخ» و »وقت عابر» ، و»تقلبات الصيف» ، و»الصيف و شي تو» وغيرها من الأعمال القصصية والنثرية الأخري. وعلي الرغم من أنها تصنف من كتاب مواليد السبعينيات، إلا أنها لا تحمل سمات الأسلوب السردي لكتاب هذه الفترة، بل تضمنت أعمالها ملامح الريف لتثير مشاعر المدينة، وتستحضر الماضي لإلهام روح الحاضر، وتستخدم السرد الكلاسيكي القديم لإثارة حنين الحياة المعاصرة. فأسلوبها الأدبي يتميز بطراز كلاسيكي قديم ويحمل دائمًا مشاعر من الحنين والذكريات. وقد وصفها أحد النقاد بأنه علي الرغم من عقلها المستنير وخيالها الخصب، إلا أنها دائمًا ما تحافظ علي انظباط قلمها. وتتميز قصصها القصيرة بأنها قصصٌ فوق العادة.