النواب يحيل 5 مشروعات قوانين للجان النوعية لدراستها    وزير التموين يقرر تعيين رئيسًا جديدًا لشركة الدلتا للسكر    تغيير حدود الدخل لحجز وحدات الإسكان الاجتماعي ضمن مبادرة "سكن لكل المصريين"    محافظ أسيوط يوجه ببحث مشاكل المواطنين وحلها    محافظ الدقهلية يوافق على صرف الدفعة 191 من قروض مشروعات شباب الخريجين    الخارجية الإيرانية: عراقجي سيزور البحرين والكويت اليوم    استشهاد 6 أشخاص من عائلة واحدة فى غارة إسرائيلية على بلعبك    مخاوف إيرانية من زعزعة الاستقرار الداخلي وسط ترقب الهجوم الإسرائيلي الوشيك    جلسة منتصف الليل.. ما هو رد فعل محمود الخطيب على أزمة محمود كهربا؟    مدرب إشبيلية: لا أعرف ماذا حدث أمام برشلونة!    اختلت عجلة القيادة.. إصابة 5 أشخاص نتيجة انقلاب سيارة في الشيخ زايد    قطار يدهس طفلين والأهالي يقطعون السكة الحديد    محاكمة المتهمين بسرقة أجهزة التابلت من مخزن التربية والتعليم| بعد قليل    المشدد 5 سنوات لبائع بالشروع في قتل جاره بالمطرية    شئون الأسرى: ارتفاع عدد حالات الاعتقال لأكثر من 11400 فلسطيني منذ 7 أكتوبر 2023    في ذكرى ميلاد حسن الأسمر أيقونة الطرب الشعبي.. تعرف على أبرز المحطات في حياته    جيش الاحتلال يحاصر مراكز إيواء تابعة لوكالة أونروا بمخيم جباليا    التابعي: السوبر الأفريقي أخفى عيوب الزمالك    آخر مستجدات قانون العمل.. عرض المسودة الجديدة على مجلس الوزراء نهاية الأسبوع الجاري.. 14 بابًا و276 مادة هدفها تعزيز علاقات العمل ومعالجة القصور.. والأجور أبرز المواد    معلومات الوزراء: مصر تستهدف إنشاء مركز القاهرة المالى العالمى    ليفربول يرصد 50 مليون يورو لضم جول كوندى مدافع برشلونة لخلافة أرنولد    ارتفاع مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات جلسة الإثنين    المرور تحرر 29 ألف مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    إخماد حريق داخل منزل فى العياط دون إصابات    استبعاد محاكمة المتهمين بسرقة أجهزة التابلت المملوكة للتعليم من محكمة جنح أكتوبر    مدير الكلية البحرية الأسبق: العالم غير أنظمته الصاروخية بعد نجاح مصر في إغراق المدمرة إيلات    الأربعاء، انطلاق فعاليات المؤتمر السنوي للدراسات العليا في العلوم الإنسانية بجامعة بنها    الآثار تعلن الكشف عن تفاصيل وأسرار جديدة للمصريين القدماء من معبد إسنا    منها مواليد برج العقرب والقوس والجوزاء.. الأبراج الأكثر حظًا في 2025 على الصعيد المالي    الشمس تتعامد على وجه رمسيس الثانى غدا بمعبده الكبير بمدينة أبو سمبل فى أسوان    رحلة فيلم رفعت عيني للسما من مهرجان كان إلى دور العرض    كم مرة تقرأ سورة الإخلاص والمعوذتين في اليوم والليلة    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بمركز شباب ميت نما ضمن مبادرة "بداية"    طريقة عمل البان كيك، لإفطار خفيف ومغذي    الأرصاد: طقس الإثنين مائل للحرارة.. واضطراب الملاحة على هذه الشواطئ    تعرف علي موعد نهائي السوبر المصري بين الأهلي والزمالك والقناة الناقلة    بحفل جماهيري كبير.. «سعيد الارتيست» يُبهر جمهور الإسكندرية بمقطوعات وجمل فنية ومواويل صعيدية ب«سيد درويش» (صور)    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الاثنين    بمشاركة 150 طالبًا.. بدء فعاليات مبادرة 100 يوم رياضة بكلية التجارة بجامعة جنوب الوادي (صور)    مجلس النواب يواصل مناقشة قانون التعليم والابتكار.. ربط مخرجات التعليم بمتطلبات سوق العمل    أسباب الإصابة بهشاشة العظام وأهمية فيتامين د والكالسيوم في الوقاية    بدء فعاليات اليوم الثانى للمؤتمر العالمى للسكان والصحة والتنمية البشرية    وزير الخارجية: نرفض بشكل كامل المساس بسيادة لبنان وسلامة أراضيه    قتلى في الغارة الإسرائيلية على بعلبك شرقي لبنان    وفاة المعارض التركي فتح الله كولن في أمريكا    نقيب الصحفيين: لن نفتح باب الانتساب إلا بعد موافقة الجمعية العمومية    وزير الصحة اليوناني يشيد بجهود الدولة المصرية للنهوض بالمنظومة الطبية    محمود كهربا.. موهوب في الملعب وأستاذ "مشاكل وغرامات" (بروفايل)    أسعار اللحوم والدواجن اليوم 21 أكتوبر بسوق العبور للجملة    علي جمعة يكشف حياة الرسول في البرزخ    هل النوم قبل الفجر بنصف ساعة حرام؟.. يحرمك من 20 رزقا    عاجل.. كولر «يشرح» سبب تراجع أداء الأهلي أمام سيراميكا ويكشف موقف الإصابات في نهائي السوبر    ماذا كان يفعل رسول الله قبل الفجر؟.. ب7 أعمال ودعاء أبشر بمعجزة قريبة    حسام البدري: إمام عاشور لا يستحق أكثر من 10/2 أمام سيراميكا    المندوه: السوبر الإفريقي أعاد الزمالك لمكانه الطبيعي.. وصور الجماهير مع الفريق استثناء    «هعمل موسيقى باسمي».. عمرو مصطفى يكشف عن خطته الفنية المقبلة    هل كثرة اللقم تدفع النقم؟.. واعظة الأوقاف توضح 9 حقائق    كيف تعاملت الدولة مع جرائم سرقة خدمات الإنترنت.. القانون يجب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ترشيحات
نشر في أخبار السيارات يوم 05 - 08 - 2018


عازف باريكو في المحيط
في نهاية التسعينات تعرفت علي الكاتب الإيطالي أليساندرو باريكو لأول مرة، عبر روايته القصيرة «حرير»، التي كان المترجم الراحل طلعت الشايب قد ترجمها حينذاك وصدرت عن الهيئة العامة لقصور الثقافة. وقعت في غرام الرواية علي الفور وفُتنت بنعومة وبساطة اقترنتا بالقدرة علي النفاذ إلي أعمق أعماق البشر. في روايته تلك قدّم باريكو، علي خلفية صناعة الحرير، قصة حب فاتنة أو بالأحري مزدوجة. ففي «حرير» قصتا حب إحداهما تتسربل بالأخري. الأولي غرام البطل بامرأة يابانية قابلها خلال إحدي رحلاته إلي اليابان، والثانية حب زوجته له الذي لم يخفت رغم علمها بولعه بأخري.
تذكرت «حرير» مؤخراً خلال قراءتي ل «مونولوج عازف البيانو في المحيط» لباريكو أيضاً، لكن هذه المرة بترجمة أنجزها عن الإيطالية مباشرة معاوية عبد المجيد وصدرت عن دار المتوسط.
في هذا العمل أيضاً يحافظ الكاتب الإيطالي على عذوبته وتأثيره وبساطته العميقة وهو يقدم لنا مونولوج عازف ترومبيت عن صديقه «ت. د. ليمون1900» عازف البيانو الفريد، الذى عاش عمره كله على سطح سفينة فى قلب المحيط، فى رحلات متصلة بين أمريكا وأوروبا دون أن تلمس قدماه اليابسة ولو مرة.
بلمسات رشيقة يبدع صاحب «مدينة» -على مدى 66 صفحة- فى رسم شخصيات عصية على النسيان، لا يتوقف الأمر عند 1900 وحده، بل يمتد ليشمل شخصيات هامشية مثل دانى بودمان البحار الذى كان يتابع سباق الخيل ليس لأنه كان مقامراً، بل لعشقه لأسماء الأحصنة، وجيلى رول مورتون «مبتكر الجاز» الساعى إلى مبارزة مع 1900، تلك المبارزة التى مثلت واحداً من أقوى مشاهد العمل.
يكتب باريكو: «لا تحل عليك اللعنة ما دمت تحظى بقصة حياة فريدة، وأحدٍ ما ترويها على مسامعه». لكن الأهم أن تحظى القصة أو الفكرة بمؤلف شديد الحساسية مثله، ينسج منها عملاً رائقاً أقرب إلى معزوفة موسيقية منه إلى نص مكتوب.
حياة كاملة.. أو الشعر فى ثياب رواية
رواية «حياة كاملة» للكاتب النمساوى روبرت زيتالر، الصادرة عن دار التنوير بترجمة أنجزتها عن الألمانية ليندا حسين، من الأعمال التى لا تخفت ذكراها فى ذهن قارئها بسهولة، إذ تظل معه بعد الانتهاء من قراءتها، ترافقه مشاهدها ونبرتها وأجواؤها. هى رواية أشبه بقصيدة بالغة الرقة والعذوبة والأسى. موجعة لكنه ذلك الوجع الذى يعمِّق الرؤية ويضيف إلى البصيرة.
تتابع «حياة كاملة» حياة بطلها أندرياس إيجر منذ طفولته حتى وفاته، وخلف هذه الحياة تتراءى لنا تحولات أوروبا فى معظم عقود القرن العشرين، وتحولات القرية الجبلية التى عاش فيها إيجر.
للطبيعة حضور بارز فى العمل، إذ يبرع زيتالر فى تصويرها، كما يبرع فى استنطاق الصمت، وعرض أشد الحوادث مأساوية بفنية تتجنب المبالغة أو التهويل. ذكرتنى الرواية، بطريقة ما، برائعة دينو بوتزاتى «صحراء التتار»، لا لتشابه فى الأحداث أو البناء أو الشخصيات، إنما بالأساس لأن كليهما نجحت برهافة فى تصوير الحياة الإنسانية كحياة محكومة بالوحدة والخسارة وانتظار ما لا يأتي، حتى لو كان الانتظار غير مدرك بشكل واعٍ فى عمل زيتالر مقارنةً به فى «صحراء التتار». وفقاً لروبرت زيتالر: «بدءاً من ولادتك، تبدأ خساراتك واحدة تلو الأخرى».
شهرزاد بين الحكيم وطه حسين
قضيت أوقاتاً ممتعة بصحبة كتاب «القصر المسحور» لطه حسين وتوفيق الحكيم، الصادر فى طبعة جديدة مؤخراً عن دار الشروق. وهو كتاب فريد وعصى على التصنيف. الحكيم وطه حسين هنا فى مقام اللهو، لكنه لهو مفعم بالجدية، ولعب لا يخلو من حكمة واستبصار. السخرية من الذات والآخر ملح «القصر المسحور». شخصيات مسرحية «شهرزاد» تطارد الحكيم مطالبةً بالقصاص منه، وشهرزاد تبتغى صحبة طه حسين فيحبِّب إليها فكرة أن يكون الحكيم سميرها بدلاً منه، مقنعاً إياها أن تصفح عنه وترأف بسذاجته المركبة، والحكيم «نائم كاليقظان ويقظان كالنائم» «عارف بكل شيء، جاهل بكل شيء»، وللقارئ متعة التلصص على كاتبين كبيرين «يعبثان بنفسيهما وبالأدب» وفقاً لكلماتهما.
يحوى الكتاب أراء لافتة عن طبيعة الفن ودوره وعلاقته بالواقع وعن مفهوم الجمال، وبخلاف هذا يجمع بين الحوارات مسرحية الطابع والتخييل و«الميتا-كتابة» والتأملات الفلسفية. كل هذا فى إطار شائق سريع أقرب لمبارزة فكرية، لا تخلو من طرافة، بين اثنين من أهم كتاب مصر فى القرن العشرين.
مما جاء فى الكتاب: «صانع الجمال لا يراه ومن دنا من فمه الكمال أصابه الدوار ففقد شيئًا من إدراكه لما يصنع ولقيمة ما يصنع، وأصبح شأنه شأن أولئك الصوفيين الذين يقفون بأعتاب الله بعد صعود طويل وجهد شاق، فيغمرهم ضباب النشوة، فإذا هم لا يرون شيئًا ولا يميزون بعقولهم شيئًا».
«إن الكمال فى الفن وفى الطبيعة هو خلق الحياة النابضة ولا شيء غير ذلك».
صدر الكتاب فى إطار إصدار دار الشروق لطبعات جديدة من أعمال الحكيم، حيث أعادت نشر أربعة أعمال أخرى لصاحب «نهر الجنون» وهي: «سميرة وحمدي»، «شجرة الحكم»، «الصفقة» و«الورطة» التى ختمها الحكيم بكلمة عنوانها «لغة المسرحية» يتوقف فيها أمام ثنائية العامية والفصحى و«اللغة الثالثة» الواصلة بينهما. فى كلمته هذه يبدو الحكيم متفائلاً بخصوص تجسير الهوة مراهناً على مرونة قادمة لا محالة. والسؤال الآن، فى ظل ما نشهده حالياً: أكان الحكيم متفائلاً أكثر من اللازم أم أن الفجوة فى زمنه لم تكن على هذا القدر من الاتساع؟!
هل نملك أجسادنا حقاً؟
انتهيت من قراءة رواية «النباتية» لهان كانغ بترجمة د. محمود عبد الغفار فى وقت قياسي. الرواية، الصادرة عن دار التنوير، شائقة، تسحبك إلى عالمها عنوة بحيث تعجز عن تركها قبل الوصول مع شخصياتها إلى الصفحات الأخيرة. الغريب أن هذا حدث معي، على الرغم من قراءتى لأكثر من مقالة عنها ومعرفتي، عبر هذه المقالات، بمصير البطلة. لم يقلل هذا من تشويق الرواية، لأن السؤال الأهم فى الأدب هو: «كيف؟»
كيف تحرك الكاتبة شخصياتها؟ كيف تنفصل البطلة تدريجياً عن الواقع وتنسحب إلى أرض الجنون؟ (لا يمكننى حتى التأكد من أن «الجنون» هو الكلمة المناسبة هنا.) كيف تُقدَّم شخصيات غريبة وفكرة غريبة بشكل كامل الواقعية والإقناع؟
تقنية الكتابة بسيطة جداً والأسلوب يكاد يكون متقشفاً، وربما يكون هذا ما يدفعنا أكثر للغرق فى عالم الرواية ودواماتها. هنا، ثمة تماس مع كتابة ال « uncanny» حيث تقترن الغرابة مع الواقع المألوف وتنبع منه، ومع كتابة الجسد بطريقة مظلمة وعنيفة رغم هدوئها أو ربما بسببه. ثمة أيضاً أسئلة عديدة، تثيرها «النباتية» فى النفس، عن المجتمع الضاغط والجنسانية، وهل نملك أجسادنا حقاً؟ وإلى أى درجة؟
المطلِّع على ديانات ومعتقدات جنوب شرق آسيا سوف يقرأ الرواية بعين مختلفة وسوف يتلمس أكثر مدى واقعيتها وانغماسها فى الثقافة الكورية مع صلاحيتها للتعبير عن أى ثقافة أخرى تكاد تتلاشى فيها الفردية على هذا النحو المقدم فى النباتية.
الجدير بالذكر أن الترجمة هنا عن الكورية مباشرةً، وأن المترجم زود ترجمته بهوامش موضِّحة لبعض تفاصيل الثقافة والحياة اليومية فى كوريا، والتى بدونها قد تخفى بعض الإحالات الواردة فى متن النص على القارئ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.