يتجاوز الناقد الدكتور صلاح فضل الحاصل علي جائزة النيل في الأداب، مؤخراً وسم »ناقد الأدب» بمفهومه التقليدي إلي كونه مفكرًا صاحب رؤية وحاملاً لهّم أوسع بالتفكير في مسارات الحالة الثقافية المصرية والعربية وتلمس ظواهرها واستشراف آفاقها وتتبع تحولاتها والبحث بالتشريح في ملامح الشخصية المصرية والعربية، لكن يبقي عطاء صلاح فضل في مجال النقد الأدبي ومنجزه الثري فيه هو الجانب الأعرض في تجربته ومسيرته الفكرية الممتدة لما يناهز نصف قرن من الزمان. صلاح فضل الذي نقل للثقافة العربية - مع جيل من النقاد والباحثين العرب الكبار- منذ سبعينيات القرن العشرين- المناهج النقدية الحديثة التي مثلت نقلة نوعية فارقة في تاريخ الكتابة النقدية العربية ونقلتها من مرحلة النقد التاريخي والاجتماعي للأدب بصيغتهما التقليدية إلي النقد العلمي بروحه الحداثية. استوعب صلاح فضل باطلاعه علي النقد الغربي الحديث والفلسفات المتقدمة أحدث المناهج النقدية الغربية وأعاد توطينها في أرض الثقافة العربية واستزراعها في حقول النقد العربي، يعد كتابه »نظرية البنائية في النقد الأدبي» الصادر في 1978 أول كتاب وافر في العربية يقدم المنهج البنيوي في نقد الأدب بما مثلته المناهج البنيوية منذ ذلك الحين من تحول مفصلي فارق في مسارات البحث النقدي العربية، كما قدم في نفس السنة كتابه »منهج الواقعية في الإبداع الأدبي» الذي كان أول كتاب في النقد العربي يُعرفنا بظاهرة الواقعية السحرية في الكتابة الإبداعية، وبجابريل ماركيز قبل أن يفوز بنوبل 1982، ويقدم لنا النقد الثقافي والماركسي في نسخته الحديثة، ثم اتسعت عطاءات صلاح فضل النقدية وتشعبت إسهاماته مقدمًا لنا مناهج الأسلوبية وبلاغة الخطاب وعلم النص، والسيميولوجيا في كتاب »شفرات النص» الذي تضمن قراءات فيها، فضلاً عن عشرات الكتب- فيما يناهز الأربعين كتابًا- تقدم قراءات نقدية لمئات الأعمال الجمالية في الرواية والقصة والمسرح وظواهر الثقافة. في هذا الملف نقدم قراءات لمشروع صلاح فضل الثقافي والفكري، كما أجرت الكاتبة الصحفية عائشة المراغي حواراً دار حول مسيرته الحافلة، ومبادئه في الحياة العلمية والمجتمعية.