تعرف على شروط الانضمام للتحالف الوطنى    الزراعة والبيئة يتابعان منظومة جمع وتدوير قش الأرز ومكافحة السحابة السوداء بالشرقية    أمين الفتوى يوضح الحكم الشرعي في تلحين آيات القرآن الكريم -(فيديو)    أول رد فعل من ناصر عبدالرحمن بشأن صورته المتداولة مع صلاح التيجاني    وكيل الأزهر يستقبل وزير الأوقاف الصومالي السابق ويهنئه بتكريم رئيس الجمهورية    خبير اقتصادي: الذهب سلعة استراتيجية آمنة تحمي المستثمر    الوكالة الذرية توافق على القرار المصري بتطبيق نظام الضمانات الشاملة بالمنشآت النووية في الشرق الأوسط    تزايد الضغط للدعوة إلى انتخابات مبكرة في أيرلندا عقب ارتفاع شعبية رئيس الوزراء    استشهاد وإصابة 7 فلسطينيين جراء اقتحام قوات الاحتلال لجنين بالضفة    10 لصوص خلف القضبان.. تفاصيل القبض على شبكة سرقة بالقاهرة    القوات البحرية تنجح فى إنقاذ مركب هجرة غير شرعية على متنها 45 فردا    موقف إنساني ل هشام ماجد.. يدعم طفلًا مصابًا بمرض نادر    رئيس الإنجيلية يلتقي محافظ المنيا لتهنئته بتولي مهام المحافظة    أمين الفتوى: المرأة الناجحة توازن بين عملها والتزامات بيتها    مصر بجوار المغرب.. تعرف على قرعة أمم أفريقيا للكرة الشاطئية    جوارديولا يحسم الجدل حول الذهاب إلى الدوري الإيطالي    التحالف الوطني للعمل الأهلي يوقع مع 3 وزارات لإدارة مراكز تنمية الأسرة والطفولة    الدكتورة رشا شرف أمينًا عامًا لصندوق تطوير التعليم بجامعة حلوان    مباحث الدقي تكشف حيلة عاطل للاستيلاء على مبلغ مالي من مالك مطعم شهير    الطقس غدًا .. ارتفاع كبير في درجات الحرارة والعظمى 39° والمحسوسة 41°    حكايات| شنوان.. تحارب البطالة ب «المطرقة والسكين»    ورشة للمخرج علي بدرخان بالدورة ال40 لمهرجان الإسكندرية السينمائي    جيش الاحتلال: مقتل ضابط وجندى فى استهداف بصاروخ مضاد للدروع على الحدود مع لبنان    حسن نصر الله: شن إسرائيل حرب برية على لبنان فرصة تاريخية لنا    "مجلس حقوق الإنسان": المجتمع الدولى لا يبذل جهودا لوقف إطلاق النار فى غزة    مرصد الأزهر يحذر من ظاهرة «التغني بالقرآن»: موجة مسيئة    مستشفى "حروق أهل مصر" يعزز وعي العاملين بالقطاع الصحي ضمن احتفالية اليوم العالمي لسلامة المرضى    العلاج الطبيعى تجرى 30 ألف جلسة وتنظم 89 اجتماعا فنيا خلال أغسطس بصحة الدقهلية    مركز الأزهر للفتوى: نحذر من نشر الشذوذ الجنسى بالمحتويات الترفيهية للأطفال    حبيبتي | مادونا | يرقة | نية | بين البينين تنافس بخمسة أفلام قصيرة بمهرجان طرابلس للأفلام بلبنان    مدبولي: الدولة شهدت انفراجة ليست بالقليلة في نوعيات كثيرة من الأدوية    رسميا.. موعد صرف معاشات أكتوبر 2024 وطريقة الاستعلام    سكرتير عام مساعد بني سويف يتفقد المركز التكنولوجي وأعمال تطوير ميدان الزراعيين    بينها التمريض.. الحد الأدنى للقبول بالكليات والمعاهد لشهادة معاهد 2024    الزمالك ينتظر خطوة وحيدة قبل التحرك القانوني ضد الجابوني أرون بوبيندزا    التغذية السليمة: أساس الصحة والعافية    «المركزي» يصدر تعليمات جديدة للحوكمة والرقابة الداخلية في البنوك    محاكمة القرن.. مانشستر سيتي مهدد بالطرد من جميع مسابقات كرة القدم    ارتفاع حصيلة ضحايا العاصفة بوريس ل 22 قتيلًا وسط وشرق أوروبا    من هن مرضعات النبي صلى الله عليه وسلم وإِخوته في الرَّضاع وحواضنه؟ الأزهر للفتوى يجيب    توقعات برج الحمل غدًا الجمعة 20 سبتمبر 2024.. نصيحة لتجنب المشكلات العاطفية    القسام تُعلن تفجير واستهداف 3 ناقلات جند إسرائيلية في رفح    بنك إنجلترا يبقى على الفائدة عند 5 %    "الموت قريب ومش عايزين نوصله لرفعت".. حسين الشحات يعلق على أزمتي فتوح والشيبي    وزير التعليم العالي: لدينا 100 جامعة في مصر بفضل الدعم غير المحدود من القيادة السياسية    "ناجحة على النت وراسبة في ملفات المدرسة".. مأساة "سندس" مع نتيجة الثانوية العامة بسوهاج- فيديو وصور    "بيوصل خمور لأمها وعاشرها مرة برضاها".. مفاجأة في اعترافات مغتصب سودانية بالجيزة    مركز الأزهر: اجتزاء الكلمات من سياقها لتحويل معناها افتراء وتدليس    لبحث المشروعات الجديدة.. وفد أفريقي يزور ميناء الإسكندرية |صور    الأوبرا تقدم العرض الأول لفيلم "مدرسة أبدية"    أبرز تصريحات الشاب خالد ف«بيت السعد»    "بداية جديدة".. تعاون بين 3 وزارات لتوفير حضانات بقرى «حياة كريمة»    انتشار متحور كورونا الجديد "إكس إي سي" يثير قلقًا عالميًا    إخماد حريق نتيجة انفجار أسطوانة غاز داخل مصنع فى العياط    دوري أبطال أوروبا.. برشلونة ضيفا على موناكو وآرسنال يواجه أتالانتا    «الأمر صعب ومحتاج شغل كتير».. تعليق مثير من شوبير على تأجيل الأهلي صفقة الأجنبي الخامس    عروس تلقى مصرعها ليلة عرسها بالحسينية شرقية    الزمالك يتحرك للتخلص من هذا اللاعب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.صلاح فضل و75عاماً من العطاء النقدي والفكري
نشر في أخبار الأدب يوم 06 - 04 - 2013

لئن كان للنقد الأدبي دوره الخاص في التعاطي مع معطيات الأدب واستيعاب منتوجاته الجمالية ورصد ظواهره الإبداعية والحكم علي أصواته المبدعة، فإن لنقاد الإدب دورًا بالغ الأثر في هيكلة العملية الإبداعية قيامًا بدور الجسر الرابط بين المبدع صاحب الرسالة الجمالية والمتلقي المقصود بفك شفرات النصوص الإبداعية وبلوغ مقاصدها المبثوثة عبر متونها. ويأتي الناقد الكبير صلاح فضل في طليعة جيل خاص من النقاد الذين بزغوا في سبعينيات القرن العشرين حاملين ألوية التغيير، ومبشرين بثورة نقدية نقلت الممارسات النقدية لأفق أكثر علمية استكمالًا لمشروع أجيال من النقاد العظماء كان في طليعتهم طه حسين وتلاميذه وأتباع مسيرته محمد مندور وأنور المعداوي ولويس عوض ومحمود أمين العالم وشكري عياد وغيرهم الذين نقلوا النقد من حيز الانطباعية وأخرجوه من دوائر العشوائية ليصير ممارسة ممنهجة، غير أن جيلي السبعينيات والثمانينيات ممن حملوا الرسالة النقدية قد اقتربوا أكثر بالنقد من العلوم الطبيعية والمنطق الصوري والقياسات الإحصائية وغيرها من الأدوات المنهجية ذات الكفاءة في التقاط الدلالات المؤثرة في تبيان خصائص الظواهر الجمالية واستكشاف معالم النصوص الأدبية.
وصلاح فضل حمل مشروعًا نقديًّا جمع فيه بين النقد التنظيري والتطبيقي، فعلي صعيد التنظير أسهم بدأب علمي ووعي خبير بجهود فاعلة في نقل مناهج النقد الحديثة في عقدي السبعينيات والثمانينيات إلي العربية، فأسهم في ضخ دماء الحداثة المنهجية في شرايين النقد الأدبي بما يجدد حيويته ويحدث آلياته، فأضاف فضل مع رفاق دربه من الأساتذه السبعينيين أمثال عبد السلام المسدي والطرابلسي وكمال أبو الديب وجابر عصفور ومحمد برادة ذ إلي المكتبة العربية حصيلة من المناهج النقدية التي مثلت ثورة منهجية وطفرة نوعية طوَّرت الوعي النقدي العربي كالمنهج البنيوي الذي شكل منبعًا جديدًا للفكر النقدي المرتكز علي قواعد علمية منتظمة تمسك بمشرط التحليل المشرِّح للنص الأدبي تفكيكًا لعناصره البنيوية المكونة له والتماسًا لطرائق تفاعلها الدينامي في تآزر عضوي، وفي أحدث كتبه عين النقد الذي الذي حوي قطوفًا من سيرته الحياتية ورحلته العملية مع الفكر والأدب وكذلك السياسة يقول ناقدنا الكبير الدكتور صلاح فضل عن البنيوية: داهمني إحساس بضرورة محو المفاهيم القديمة للثقافة والأدب والنقد علي وجه الخصوص، والشروع في تأسيس تيار علمي جديد، لا يتكيء علي فروض فلسفية، ولا مزاعم إيدلوجية، بل يعتمد علي الاختبار التجريبي لمعطيات المادية واكتشاف نظم فاعليتها، كان ذلك يعني في الأدب الإمساك بجسده الحي وقماشته، التي يُقص منها أشكال وأنماط وهي اللغة، وجدت حينئذ بغيتي في مباديء النقد البنيوي كما تسربت إلينا عبر مسارات متنوعة بالترجمات من الفرنسية والألمانية والإيطالية لم تكن الإنجليزية قد عرفتها بعدُ وهي تنهمر علينا من أمريكا اللاتينية ملونة بهذا الطابع العلمي الكونيس هكذا كان صلاح فضل في تطوافه البحثي في دروب الأدب، فهو لا يكتفي بفتات المعارف التي استنفدت صلاحيتها الأدائية ولا يقنع بقشور المعطيات القائمة، ولعًا بما هو علمي وشغفًا بما يضبط أوتار الآلة النقدية ضمانًا لرفع كفاءتها الموضوعية وطمعًا في النقدي وإثراء مستوعباته النظرية ومضاعفة قدرات وظائفه التطبيقية، فكان صلاح فضل أول من عرّف القاريء العربي بظاهرة الواقعية السحرية التي تنامي حضورها في أدب أمريكا اللاتينية وذلك في كتابه منهج الواقعية في الإبداع الأدبيس الصادر في عام 1978، والذي قدم لنا فيه زجابريل جارثيا ماركيز قبل معرفتنا الواسعة به بعد فوزه بجائزة نوبل للآداب في 1982، فيقول فضل: كان الفصل الذي عقدته في ختام كتابي منهج الواقعية في الإبداع الأدبي بعنوان أمريكا اللاتينية والواقعية السحريةس خلاصة مقطرة لمعيشة حميمة لشبكة الحياة الإنسانية والفكرية في المكسيك خلال سنوات منتصف السبيعينيات. كان أشد ما أدهشني حينئذ أن زالأنفجار الروائيس المدوي لفورة الأدب في القارة الشابة وغزوه بعنف لأوربا وأمريكا الشمالية قد اعتمد علي مواد أولية شديدة الحضور والكمون في حياتنا العربية. إذ قام علي توظيف السحر والأساطير التي تصبغ رؤية الناس للحياة، وتوجيه فهمهم للتقبل الطفولي البريء لغرائبها وأسرارها؛ بوصفها شيئًا طبيعيًّا مسلمًا به، وتحويلها إلي حس جمالي طازج يلف الكاتب وقراءه في غلالة شفيفة من الضباب السحري الآسر بغموضه وعفويته وتأبيه علي الشرح المنطقيس. كذلك فقد كان كتاب علم الأسلوب: مبادؤه وإجراءته الصادر في 1984 عن دراسة عميقة للناقد الكبير استقطر فيها عصارة الأطروحات الغربية المنهجية في الأسلوبية ليسيلها في قارورة حوت ذلك المنهج الجديد علي المنهجية النقدية العربية، كذلك كان كتابه الصادر عن سلسلة عالم المعرفة الكويتة في 1992 بلاغة الخطاب وعلم النصس بمثابة نقلة فارقة في تبليغ الحلقة النقدية العربية بمنهج علم إنماء النص الجديد. وفي مسيرته النقدية لم يتأب صلاح فضل علي مراجعة منطلقاته النقدية ولم يتصلب في التمسك المتعسف بقناعات آمن بها، ثم ما لبث أن استبانت له حاجته لتغييرها، فعمل علي تخفيف وطأة ما سببته البنيوية من عزل النص الأدبي عن وسائطه المنتجة له وبتر أحباله السرية التي تصله بمنتجه وظروفه التاريخية والموضوعية التي أسهمت في إنتاجه فيما عرف بتلك المقولة التي اقتربت من أن تأخذ حصانة دجماطيقة وهي زموت المؤلفس فلم يجد فضل غضاضة في إجراء تعديل تكتيكي علي مقولاته السابقة فكتب تكوينات نقدية ضد موت المؤلف استدراكًا لما أحدثته البنوية من قطيعة بين النص وكاتبه مما أفقد الطروح النقدية أحد وجوه الرؤية الجمالية، فالمتابع للمنجز النقدي لفضل يجد لديه استعدادًا مرنًا وحسًّا استشعاريًّا يلتقط الظواهر الطارئة وحالات التحول الجمالي والطفرات التي تجد علي ذائقة التلقي لنجده يتقبل التيارات الجديدة دون تهيب أو التباس، فقد كان فضل من المرحبين بقصيدة النثر كما أدرك تبدل وسائط الإبداع، فيقول فضل: لعل أهم ما يدعوني إلي ممارسة لعبة نقد الذات، عند استعراضي لبعض ما ترسب في وجداني من تجربتي الشخصية مع النقد الأدبي، بغض النظر عن مدي نجاحها أو فشلها ذ هو نوع من القلق المشروع تجاه التغيرات المتسارعة في نسق الحياة اليوم؛ إذ نشهد نقلة نوعية من الثقافة الأدبية، التي ظلت مسيطرة طيلة قرون عديدة، إلي ثقافة جديدة بصرية ورقمية ذات طابع معلوماتي معولم؛ مما يعني تغيرًا كبيرًا في الحساسية الجمالية، بحيث لم تعد اللغة ولا تركيباتها المجازية مثار الدهشة والإعجابس هكذا ظل صلاح فضل رائدًا من رواد التجديد النقدي ومجددًا في رؤاه الواعية بمستجدات البنية القائمة للإبداع وظروف التلقي.العقل

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.