رغم اعتراف الكاتب دانييل كريجيير في موقع وورلد إسرائيل نيوز بأن التعاون العسكري والدبلوماسي بين إسرائيل والإدارة الأمريكية الحالية برئاسة ترامپ يجري بشكل غير مسبوق سيما في مجال الصدام مع إيران، ورغم تأكيده علي ان البنية التحتية الإيرانية في سوريا أصيبت بضرر بالغ يغل طهران عن أي محاولة لتصعيد المواجهة العسكرية مع إسرائيل إلا ان الكاتب يشكك في إمكانية حصول إسرائيل علي دعم ترامپ حال تمادت ايران في تصعيد المواجهة مع إسرائيل وأمريكا. ويري الكاتب انه علي الرغم من الترحيب الذي لقيته الضربة الإسرائيلية للمواقع الإيرانية في سوريا سواء من دول اوروبية او عربية الا انه من غير المحتمل ان تجد تل ابيب ترامپ داعما لها ولا ان تتورط الولاياتالمتحدة عسكريا ضد ايران في أي وقت منظور. وبينما أسكر زهو الانتصار القيادات السياسية في إسرائيل قدمت تقديرات الاستخبارات هناك نظرة اكثر موضوعية حين اكدت علي انه اذا كانت الجولة الحالية من الصدام العسكري مع ايران قد انتهت إلا أن المواجهة علي المدي الطويل قد تستمر لسنوات خاصة انه مايزال من المبكر التيقن من ان طهران ستعاود المواجهة العسكرية مع إسرائيل في القريب العاجل بعد الضربة التي تلقتها قواتها ومخازن سلاحها في سوريا. ولذلك حملت تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية توقعات بأن تلجأ إيران إلي استهداف اهداف إسرائيلية في الخارج من قبيل الهجوم علي احدي السفارات الإسرائيلية أو علي مجموعة من السياح الإسرائيليين. في المقابل حذر مايكل كوبلاو رئيس المنتدي السياسي الإسرائيلي من ان انسحاب ترامپ من الاتفاق النووي الإيراني وإن كان يأتي تلبية لمصالح إسرائيل إلا أنه في المقابل يعرضها لخطر فوري هو لجوء إيران لي التوسع في برنامجها النووي.. مسرحية ترامپ من البداية كان واضحا ان ترامپ ينتظر أي فرقعة عسكرية ليتذرع بها من اجل الانسحاب من الاتفاق النووي مع ايران. لذلك تري صحيفة هاآرتس العبرية ان ترامپ استغل »مسرحية» قصف ايران لإسرائيل من اجل الانسحاب من الاتفاق وأن إسرائيل استغلت ما تزعمه من قصف ايراني لمواقعها كي تنزل ضربة قاصمة للقدرات العسكرية واللوجستية الإيرانية في سوريا. وقد اعترفت إسرائيل بأنها قصفت خمس بطاريات صواريخ مضادة للطائرات ودمرتها جميعا وقالت انها جميعا تتبع القوات السورية وهي من طرازات SA-22 وSA-2 وSA-5 وSA-17 الروسية. اتضحت معالم الموقف الروسي مبكرا علي أثر زيارة خاطفة قام بها نتانياهو إلي موسكو التقي خلالها بالرئيس بوتين فكان أولاً التصريح الذي ادلي به مسؤول عسكري روسي لصحيفة محلية مفاده ان موسكو لا تفكر في إرسال صواريخ إس 300 إلي سوريا وأن دمشق لديها ما يكفيها من سلاح. بعد اقل من 48 ساعة من عودة نتانياهو وبعد وقوع القصف المتبادل بين ايران وإسرائيل علي الأراضي السورية أبدت موسكو مرونة لافتة وامتنعت عن التنديد بالقصف الإسرائيلي المفرط وصدر البيان الروسي مطالباً بعدم التصعيد العسكري داعيا الأطراف لضبط النفس، وبدا الأمر وكأن روسيا تعطي الضوء الأخضر لإسرائيل لتعامل مع ايران فوق الأراضي السورية. لكن المعلقين حذروا من ان بوتين قد يضطر في لحظة معينة لاتخاذ مواقف اكثر تحديدا قد لا ترضي تل أبيب. إسرائيل تبحث عن عدو وقت أن انطلق البرنامج النووي الإيراني في عصر الشاه كانت العلاقات وثيقة بين طهران وتل أبيب. لم يكن في الأفق ثمة ما يشير إلي خطر نووي ايراني علي إسرائيل. المرة الأولي التي ورد فيها من بعيد ذكر الخطر النووي الإيراني عليها كانت علي لسان رئيس الوزراء الراحل اسحق رابين في معرض حديثه عن ضرورة التوصل إلي سلام مع الفلسطينيين عبر التفاوض ومحاولته استعراض دوائر الخطر للتأكيد علي صواب وجهة نظره فكانت الدائرة المباشرة الأولي هي خطر الفلسطينيين ثم بعدها جاءت الدائرة الأوسع التي شملت البرنامج النووي الإيراني. كان ذلك في منتصف التسعينيات بعد قيام الثورة الإسلامية في طهران. فما الذي استجد منذ ذلك الحين وقاد العلاقة لهذا المستوي من التشاحن؟ الواقع يسجل عدة متغيرات أهمها طبيعة الشخص الجالس علي مقعد الحكم في إسرائيل وهو نتانياهو بكل عجرفته وصلفه وطموحه في الظهور بمظهر البطل المغوار. وقد رصد المحللون حزمة من الدوافع وراء استعراض القوة الإسرائيلي الأخير منها ان إسرائيل حققت علي مدي السنوات الماضية ما تريده من هزيمة عسكرية للفلسطينيين توجها قرار ترامپ بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وأصبحت تتمتع بطغيان القوة التي تدفعها للبحث عن عدو قوي جديد تلحق به هزيمة منكرة تعوضها عن هزيمتها في حرب اكتوبر 1973. المحللون أرجعوا أيضاً تمادي نتانياهو في إظهار القوة لرغبته في لفت انظار الداخل الإسرائيلي عن التحقيقات الشرطية والاتهامات القضائية التي يخضع لها عبر تحقيق انتصار عسكري مذهل يعيد اليه كرامته المهدرة ويدللون علي ذلك بنتائج استطلاع أخير للرأي العام سجل قفزة لشعبية الليكود برئاسة نتانياهو وتنبأ بحصول الحزب علي 35 مقعدا في الكنيست لو جرت الانتخابات الآن.