قالت منظمة العفو الدولية إنه يتعيَّن على جامعة الدول العربية الضغط على سورية لكي تسمح بدخول مراقبين مستقلين لحقوق الإنسان إلى أراضيها، وذلك مع تواصل أعمال القتل والاعتقالات على الرغم من دعوة الجامعة لوضع حدٍّ لدائرة العنف في البلاد. فقد وجَّهت المنظمة خطابا إلى الجامعة العربية، طالبة منها بشكل رسمي المساعدة أيضا بضمان دخول مراقبين لحقوق الإنسان إلى سورية، على أن تضم القائمة ممثلين عن منظمة العفو الدولية ومكتب الأممالمتحدة للمفوضية السامية لحقوق الإنسان. وورد في بيان أصدرته المنظمة الخميس أن التقارير تشير إلى مقتل أكثر من 100 شخص في سورية منذ إعلان دمشق الأسبوع الماضي قبولها بالمبادرة التي طرحتها الجامعة في الثلاثين من الشهر الماضي بشأن الأزمة السورية. وقال البيان: "يبدو أن غالبية أولئك الذين قُتلوا كانوا متظاهرين عزَّلاً ومن المارَّة الذي أُطلق عليهم الرصاص من قبل القوات الأمنية والجيش". جاء ذلك بعد يوم واحد فقط من كشف جيفري فيلتمان، مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية، أن بعض الزعماء العرب أبلغوا الولاياتالمتحدة أنهم مستعدون لتقديم ملاذ آمن للرئيس السوري بشار الأسد لتسريع رحيله "المحتوم" عن السلطة، وذلك دون أن يكشف عن أسماء أولئك القادة أو بلدانهم. "تقريبا كل الزعماء العرب ووزراء الخارجية الذين أتحدث إليهم يقولون الشيء نفسه: حكم الأسد يتجه إلي نهاية، وهذا أمر محتوم" جيفري فيلتمان، مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية فقد نقلت وكالة "رويترز" للأنباء عن فيلتمان قوله أمام لجنة في مجلس الشيوخ الأمريكي الأربعاء قوله: "تقريبا كل الزعماء العرب ووزراء الخارجية الذين أتحدث إليهم يقولون الشيء نفسه: حكم الأسد يتجه إلي نهاية، وهذا أمر محتوم". وعبَّر المسؤول الأمريكي عن أمله بأن يقرر الأسد والدائرة المقربة منه مغادرة البلاد "طواعية". عودة السفير فورد لكن فيلتمان أشار إلى أن السفير الأمريكي في سورية، روبرت فورد، والذي كان قد استُدعي إلى بلاده الشهر الماضي "لأسباب أمنية"، سيعود إلى مركز عمله في دمشق "خلال أيام أو أسابيع". وفي المقابل، اتهمت سورية الأربعاء الولاياتالمتحدة بالتدخل بالاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ الخامس عشر من شهر مارس/آذار الماضي، وذلك من خلال ما جاء في بيان للمتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية، والتي كانت قد طلبت من السوريين عدم الاستجابة لعفو أصدرته وزارة الداخلية السورية مؤخرا. وقد نصَّ العفو المذكور على أن يقوم كل من لديه سلاح أو شارك بشرائه أو بتمويله أو باستخدامه في أعمال عنف بتسليم نفسه إلى الشرطة، وبعدها "سيُصار إلى الإفراج عنه فورا". وجاء في بيان رسمي سوري أُرسل إلى مجلس الأمن الدولي: "إن الجمهورية العربية السورية تعتبر أن الولاياتالمتحدة، ومن خلال إعلان وزارة خارجيتها، متورطة مباشرة في الاضطرابات العنيفة في سورية". "حرب أهلية" منع معارضين من الدخول إلى مقر الجامعة العربية حذَّرت مفوضية حقوق الإنسان في الأممالمتحدة من "خطورة انزلاق سورية في حرب أهلية". من جانب آخر، حذَّرت نافي بيلاي، مفوضة حقوق الإنسان في الأممالمتحدة من "خطورة حقيقية لانزلاق سورية في أتون حرب أهلية". وقال بيلاي أمام مجلس الأمن الدولي "إن الحكومة السورية تماطل في تفعيل المبادرة العربية التي وافقت عليها، والهادفة إلى وقف قتل المدنيين السوريين، وعلى المجتمع الدولي أن يصر على تطبيق تلك المبادرة والالتزام بها". وأشارت المسؤولة الدولية إلى أن المعارضين والمحتجين السوريين "قد ينتهوا إلى محاكاة التجربة الليبية التي تحولت إلى انتفاضة مسلَّحة، إذا لم تُستجب مطالبهم في الإصلاح والتغيير السلمي". تطورات ميدانية ميدانيا، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومقرُّه العاصمة البريطانية لندن، بأن عدد القتلى الذين سقطوا في محافظة حمص الخميس بلغ 14 شخصا. فقد ذكر المرصد أن ضابطا برتبة ملازم أول وجنديا من الجيش النظامي السوري قُتلا، وأُصيب خمسة جنود آخرين بجروح في هجوم الخميس على حاجز في قرية المربعية شرقي مدينة دير الزور الواقعة في شرق البلاد، ويُعتقد أن منشقين عن الجيش كانوا وراء الهجوم". متظاهرون سوريون صدرت مؤخرا عدة تحذيرات بشأن إمكانية انزلاق سورية إلى حرب أهلية. وفي مدينة حمص، قُتل شخصان على طريق حي دير بعلبة إثر إطلاق رصاص من قناصة كانوا متمركزين على أسطح الأبنية المرتفعة في شارع الستين. وأضاف المرصد أن شخصين آخرين قُتلا في حيِّي كرم الزيتون والبياضة "جرَّاء إطلاق رصاص عشوائي خلال حملة مداهمات تنفذها قوات الأمن". كما قُتلت أيضا طفلة تبلغ من العمر 8 سنوات، وذلك في إطلاق نار في حي الوعر صباح الخميس. وقد عُثر على جثامين ثلاثة أشخاص في حي الخالدية، وعلى جثتي قتيلين أُلقيتا داخل حاوية للقمامة في بلدة الرستن. وفي محافظة إدلب قُتل أربعة عسكريين إثر هجوم نفذه مسلحون، يُعتقد أنهم منشقون، فجر الخميس على حاجز للجيش في بلدة حاس قرب مدينة معرة النعمان. كما قُتل أيضا شخص آخر في بلدة كفرومة خلال مداهمات قوات الأمن للبلدة بحثا عن مطلوبين. الجيش السوري في المدن تطالب المبادرة العربية بسحب الجيش من المدن، وتصر دمشق على القول بوجود مسلحين. من جانبها، نقلت وكالة الأنباء الرسمية السورية "سانا" عن مسؤولين أمنيين قولهم إن وحدات حفظ النظام قامت الخميس بتفكيك عبوات ناسفة مُعدة للتفجير عن بعد في حي الخالدية قرب حديقة "بيت علو" في مدينة حمص. وأضافت الوكالة أن مسلحين هاجموا أيضا حاجز المطاحن في حي الخالدية، "مما أسفر عن مقتل عنصرين من قوات حفظ النظام". وذكرت أيضا أن طفلة تبلغ من العمر 12 عاما ً أُصيبت بطلق ناري في البطن قرب جامع العدوي، وتم نقلها إلى مشفى النهضة. كما "أطلق مسلحون النار بشكل عشوائي على المواطنين بقرية الحازمية على الطريق الذي يربط بين مدينة حمص وبلدة السلمية"، حسب "سانا". وقالت الوكالة إن إطلاق النار أسفر عن إصابة مواطن بجروح خطيرة، مضيفة أن قوات الأمن ألقت القبض على مسلحين شاركا بإطلاق النار من داخل سيارة كانا يستقلانها على الطريق المذكور. تطورات دبلوماسية جاءت هذه التطورات فيما تشهد الساحة الدبلوماسية جهودا مكثَّفة للحيلولة دون تفاقم الأزمة السورية وبالتالي خروجها عن نطاق السيطرة. فقد التقى أمين عام الجامعة العربية، نبيل العربي، خلال الأيام القليلة الماضية عددا من شخصيات المعارضة السورية وتابع اتصالاته مع السلطات السورية للوقوف على مدى التزامها بتطبيق بنود المبادرة العربية التي ستكون موضوع نقاش خلال اجتماع اللجنة الوزارية في القاهرة يوم السبت المقبل. وكان نشطاء سوريون معارضون قد منعوا الأربعاء بعض أعضاء وفد المعارضة السورية من الاجتماع مع العربي، وذلك بحجة أن أولئك المعارضين لم يظهروا تشددا كغيرهم من رموز المعارضة حيال الموقف من النظام. فقد رشق النشطاء كل من المعارضين هيثم مناع وميشيل كيلو بالبيض، وحالوا دون دخولهما إلى مبنى الجامعة للاجتماع مع العربي. أمَّا المعارض حسن عبد العظيم، رئيس هيئة التنسيق الوطني المعارضة الموجودة داخل سورية، من الدخول من باب آخر أجرى محادثات مع أمين عام الجامعة بشأن تطورات الأوضاع في سورية. ويعتصم الناشطون أمام مبنى جامعة الدول العربية منذ السادس عشر من الشهر الماضي للمطالبة بتجميد عضوية سورية في الجامعة العربية، وبتوفير الحماية الدولية للمدنيين في الداخل.