إزالة فورية ل 15 حالة إشغال وتحرير 42 محضرا في المنوفية    محافظ المنوفية يشدد على الإزالات الفورية في المهد لأية تعديات أومتغيرات مكانية بنطاق المحافظة    خراجة: صندوق الإسكان الاجتماعي قدّم 540 ألف شقة لمحدودي الدخل    ألمانيا تطالب إسرائيل بالتحقيق في كل الحوادث المتعلقة بالأمم المتحدة في لبنان    حسام البدري: إمام عاشور لا يستحق أكثر من 10/2 أمام سيراميكا كليوباترا    تأجيل محاكمة 61 متهما في قضية اللجان النوعية بالتجمع الخامس    بالنظام القديم|التعليم تحسم مصير امتحانات راسبي الثانوية العامة العام الماضي    وزير الشباب والرياضة يفتتح بطولة العالم للبادل بالمتحف المصري الكبير    السوبر المصرى.. السلطات الإماراتية تستدعى ثلاثى الزمالك للتحقيق    الولايات المتحدة تعلن عن دعم مبادرات أوكرانيا    تعرف على مباريات الأهلي والزمالك في الدوري المصري للسيدات    منخفض قبرصي يسيطر على البلاد شتاء.. «أمطار وطقس بارد»    مي فاروق تعود للغناء في الأوبرا..تعرف على تفاصيل حفل ختام مهرجان الموسيقى العربية    بعد ظهورها الأخير.. سر إخفاء ابنة دنيا سمير غانم لمدة 9 سنوات    الصحة : محافظات الصعيد الأعلى في عدد المواليد    وزير الصحة: مصر من أفضل الدول التي أدارت أزمة فيروس كورونا    غدا.. آخر موعد للتقديم في مسابقة الأزهر السنوية للقرآن الكريم    ترامب يهدد بضربة مباشرة وسط موسكو.. والكرملين يعلق    الخارجية اللبنانية تدين الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على مراكز اليونيفيل    وزير الدفاع الأمريكي يصل كييف لمناقشة طلب أوكرانيا الانضمام للناتو    انطلاق مهرجان «أكتوبر العزة والكرامة» بجامعة القناة (صور)    20 صورة ترصد جولة رئيس الوزراء في عدد من مدارس كرداسة اليوم    جامعة سوهاج تكرم الناجحين في برنامج إعداد المدربين المعتمدين    النواب يوافق على 9 اختصاصات للمجلس الوطني للتعليم    إيقاف نشاط ورشة وفتح شارع.. محافظ الجيزة يستجيب لطلبات مواطنين    تداول 14 ألف طن بضائع بموانئ البحر الأحمر    «وزير التموين» يستعرض خطة تحقيق الأمن الغذائي طبقا لتوجيهات الرئيس    كشف ملابسات تداول مقطع فيديو يتضمن تضرر فتاة من تعدى سائق عليها ورفقائها بالسب والشتم بكفر الشيخ    ضبط 4 أطنان أعلاف مجهولة المصدر بحملة تموينية مكبرة بالقليوبية    "ولع في التروسيكل".. عامل ينتقم من آخر بسبب خلافات بالمنوفية    إصابة مواطن خلال عبوره مزلقان سكة حديد في قنا    هيئة الاستثمار تبحث مع وفد اقتصادي من هونج كونج فرص الاستثمار بمصر    "جبران": عرض مسودة قانون العمل الجديد على الحكومة نهاية الأسبوع الجاري    مهرجان أسوان.. الثقافة تقيم حفلين في "أبو سمبل" ب ليلة تعامد الشمس    النواب يناقش إقتراح أبو العلا بإضافة بند 10 إلى اختصاصات الوطني للتعليم والبحث العلمي    إيران: سنواصل التنسيق لوقف التوتر المنطقة    وزير الخارجية يدين التصعيد الإسرائيلي في غزة ولبنان    شاهد.. حملة للتبرع بالدم بمديرية أمن الأقصر (صور)    تفاصيل أول حالة لاستئصال البروستاتا بالتبخير في مستشفيات الدقهلية    الأمريكي صاحب فيديو كلب الهرم: تجربة الطائرة الشراعية في مصر مبهرة    متحف كفر الشيخ ينظم دورة تدريبية لتعليم اللغة المصرية القديمة    بالفيديو.. وزير الإسكان يتابع موقف تنفيذ "حديقة تلال الفسطاط" بقلب القاهرة التاريخية    محمد عمارة بعد تألق ناصر ماهر: زعلان على وجوده في الزمالك    كيف أقصر الصلاة عند السفر.. اعرف الضوابط والشروط الشرعية    ناقد رياضي: على «كهربا» البحث عن ناد آخر غير الأهلي    محفوظ مرزوق: عيد القوات البحرية المصرية يوافق ذكرى إغراق المدمرة الإسرائيلية «إيلات»    بينيا: قدمنا مباراة رائعة أمام إشبيلية.. وخبرة تشيزني كبيرة    ايرادات السينما أمس .. أكس مراتي وعاشق وبنسيون دلال يتصدرون    أهداف المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية.. خبير يوضح    منها مواليد برج العقرب والقوس والجوزاء.. الأبراج الأكثر حظًا في 2025 على الصعيد المالي    المرور تحرر 29 ألف مخالفة متنوعة خلال 24 ساعة    وزير العمل: الحكومة حريصة على صدور قانون العمل في أسرع وقت ممكن    إطلاق رشقة صواريخ من لبنان    «دوائر مغلقة» قصة قصيرة للكاتبة أميرة عبد العظيم    علي جمعة يكشف حياة الرسول في البرزخ    هل النوم قبل الفجر بنصف ساعة حرام؟.. يحرمك من 20 رزقا    عاجل.. كولر «يشرح» سبب تراجع أداء الأهلي أمام سيراميكا ويكشف موقف الإصابات في نهائي السوبر    هل كثرة اللقم تدفع النقم؟.. واعظة الأوقاف توضح 9 حقائق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محاكم الإعلام الموازية وأثرها على المنصات


يكتب: المستشار رفعت السيد
رئيس نادي قضاة أسيوط
اهتمت أجهزة الإعلام فى مصر على اختلافها مقروءة ومسموعة ومرئية فى العقد الأخير من هذا الزمان بما يجرى فى أروقة المحاكم وما يعرض على ساحة العدالة من قضايا وبخاصة تلك التى يتابعها الرأى العام.. سواء بسبب الأشخاص المعنيين بها أو الموضوعات التى تتناولها.. وأفردت الصحافة العديد من صفحاتها لنشر ما يدور فى ساحات المحاكم، وكذلك فعلت الفضائيات التى خصصت العديد من ساعات البث لموافاة مشاهديها بها فى جميع أنحاء العالم بما يدور فى تلك المحاكمات.. بل إن بعض الصحف تخصصت فى نشر القضايا المنظورة أمام المحاكم والتحقيقات التى تجرى فى النيابة العامة ومحاضر الشرطة قبل إحالتها إلى القضاء. وبلغت هذه الظاهرة أوجها فى الفترة الأخيرة، حيث شهدت ساحات المحاكم وتحقيقات مكتب النائب العام، ومحاكم القضاء الإدارى، ومحاكم القضاء العسكرى العديد من القضايا التى نالت اهتمام المواطن المصرى على اختلاف مشاربه، لأهمية تلك القضايا واتصالها بالأحداث التى تجرى فى الوطن، وأثرها على الوطن، والمواطنين سواء من حيث الأشخاص الذين تجرى محاكمتهم أو الموضوعات التى تعرض على ساحات العدالة على اختلافها لتقول كلمتها فى شأنها وتكون كلمتها هى الفصل باعتبار أن الأحكام هى عنوان للحقيقة وأن القضاء فى مصر ينال ثقة جميع المواطنين.
وهذا النوع من القضايا الذى شغل الرأى العام فى الفترة الأخيرة لم يقتصر على القضايا الجنائية وحدها، بل تعداها وبذات القدر من الاهتمام - إن لم يكن أكثر - إلى قضايا ينظرها القضاء الإدارى والقضاء المدنى، وحتى قضايا الأحوال الشخصية بالرغم من خصوصيتها.. فإنها لم تسلم من اهتمام أجهزة الإعلام عندما يكون أحد أطراف الدعوى إحدى الشخصيات العامة ممن يتابع الجمهور أخبارهم أو يكون موضوع الدعوى مما يستحوذ على اهتمامهم لمساسه بأمن وأمان واقتصاد المجتمع.
ولاشك أن الاهتمام بهذه القضايا على اختلافها من أجهزة الإعلام أمر محمود باعتبار أنها معارف عامة من حق المواطن أن يتعرف من خلالها على الأحداث التى تحدث فى وطنه ويتابعها، ولكن الأمر سرعان ما يتجاوز هذا الأمر الرشيد، واشتطت بعض أجهزة الإعلام فى تغطيتها لأحداث الدعاوى المطروحة بالأمانة والدقة إلى إجراء محاكمات موازية للمحاكم التى تنظر تلك الدعاوى، فكما أن المحاكم تستمع إلى شهود وتناقش الأدلة، وتستعين بالخبراء ثم تستمع إلى مرافعات الدفاع من المحامين، أقامت بعض الفضائيات فى بعض القضايا التى تهم الرأى العام ويتابعها بكل اهتمام الآونة الأخيرة على شاشاتها وحذت حذوها بعض أجهزة الإعلام المقروءة أو المسموعة، محاكمة خاصة فى تلك الأجهزة استضافت فيها من تراه وتتخيره من أطراف الدعوى أو الشهود والخبراء والمحامين سواء من طرف واحد أو أكثر حسبما يتاح لها، وهيأت الرأى العام بهذه الوسائل التى ربما يكون البعض فيها مدفوع الأجر باعتباره إعلانا تحريريا إلى القبول بنتيجة معينة تم الإعداد لها مسبقا من أجهزة الإعداد المتخصصة.. حتى إذا ما جاء قضاء المحكمة على خلاف ما تم عرضه على الفضائيات، انتاب المواطن المتابع لأجهزة الإعلام حالة من البلبلة والارتباك. واهتزت ثقته فى القضاء والقضاة لاسيما وقد تهيأ المواطن بهذه الوسائل من أن يكون قاضيا يحكم فى القضية من خلال ما طرح عليه من أدلة وأسانيد عبر أجهزة الإعلام.. ومن ثم فإنه لا يطمئن إلى قضاء مخالف لما وقر فى يقينه واطمأن إليه وجدانه حتى لو كان ما قدم إليه عبر الإعلام لا يكفى لتكوين عقيدة صالحة للحكم فى الدعوى.. ناهيك عن عدم تخصصه أو ربما إلمامه بالقانون وفى كل هذا كل الخطر على القضاء وثقة المتقاضين فيه.
وتنبه المشرع المصرى مبكرا لمثل هذا الأمر وحذر من مغبته ونص فى المادة 187 من قانون العقوبات الصادر عام 1937 والذى مازال معمولا به حتى اليوم على المعاقبة بالحبس لكل من نشر أوراقا أو أذاع بيانات أو بث معلومات من شأنها التأثير فى القضاء أو القضاة الذين يناط بهم الفصل فى الدعوى المطروحة أمام أى جهة من جهات القضاء فى البلاد أو فى رجال القضاء أو النيابة أو غيرهم من الموظفين المكلفين بالتحقيق أو التأثير فى الشهود الذين قد يطلبون لأداء الشهادة فى التحقيق أو أوراق أو أمور من شأنها منع شخص من الإفصاح بمعلومات لأولى الأمر أو التأثير فى الرأى العام لمصلحة طرف فى الدعوى بالتحقيق ضده.. كما نصت المادة 186 من ذات القانون على معاقبة كل من أقل بمقام قاض أو هيبته أو سلطته بالحبس..
وبالرغم من صراحة نصوص القانون إلا أن الأمر استفحل خطره، وزاد أثره فى الحقبة الأخيرة بعد انتشار الفضائيات الخاصة وأجهزة الإعلام الخاصة التى زاد عددها زيادة رهيبة، وأصبح البحث عما يشغل أوقات البث أو يملأ صفحات الصحف مصدر قلق الأجهزة الإعلامية، فلم تجد سبيلا للاستحواذ على المشاهد سوى عرض ما يدور بالمحاكم من خلال البث التليفزيونى وإذاعة جلسات المحاكم والتعليق على ما يدور داخلها، ونقد سلوك القضاة من خلال من يستضيفونهم للتعليق عليها.. بل وصل الأمر إلى أن هؤلاء الضيوف وبعضهم أطراف فى الدعوى مكنوهم من إهانة القضاة علنا وبخاصة عبر مداخلات تليفونية خارج أرض الوطن.. بل إن بعض الضيوف من المحامين فى إحدى القضايا الشهيرة التى أخذت جانبا مهما من اهتمامات الرأى العام تناولوا الحكم الصادر فى الدعوى بالتجريح والتشكيك.. بل وصل الأمر إلى ( التريقة ) بالرغم من أن هذا الحكم لم يصبح باتا بعد ومازال منظورا أمام القضاء.. ولاشك أن الفضائيات الآن أصبحت حقيقة تدخل كل بيت وأن الجميع سيشاهدها ويتابعها ومن ثم فإن مدى تأثيرها على العامة والخاصة ومن بينهم القضاء لا يمكن إنكاره.. مهما تسلح المشاهد بالعلم والمعرفة، وإن كان التأثير والتأثر يختلف من شخص لآخر حسب ثقافته واهتماماته بالموضوع المطروح فى الإعلام.
وقد تنبه مجلس القضاء الأعلى أخيرا إلى هذه الحقيقة فوجه نداءه إلى أجهزة الإعلام، وأصدر قرارا إلى القضاة، وأخيرا ذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين، وحذر وأشهر نص قانون العقوبات سالف البيان فى وجه كل من يتناول أحكام القضاء قبل صيرورتها باتة أو الاعتداء على حرمة المتهمين داخل المحكمة بتصويرهم.. كما قرر مطالبة القضاة بعدم الموافقة على تصوير جلسات المحاكم أو القضاة أو المتهمين.
وحذر الإعلاميين على اختلافهم من مخالفة هذا القرار وإلا تعرضوا للمساءلة القانونية، وهو قرار وإن كان تأخر صدوره إلا أنه بات واجبا صدوره وحبذا لو أن جميع الهيئات القضائية وهى حرة فى اختياراتها ولا سلطان لقضاء على قضاء ارتأت ما أرتآه مجلس القضاء الأعلى حتى يعزف القضاء بجميع أشكاله سيمفونية واحدة لتحقيق العدالة وإرساء قيمة العدل والحق.. اللهم إنى قد أبلغت اللهم فاشهد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.