في الوقت الذي يغلق فيه الحزب الوطني اليوم السبت باب الترشح للمجمع الانتخابي لاختيار مرشحيه لانتخابات مجلس الشعب عاشت مقرات الحزب بالقاهرة والمحافظات أجواء ساخنة وملتهبة خاصة الخميس والجمعة وصلت إلي ذروتها في الصعيد. وبالرغم من ذلك فقد امتنع عدد كبير من كوادر الحزب عن التقدم بأوراق الترشيح والاتجاه إلي الترشح كمستقل، بسبب ما وصفوه بمأزق التوكيلات لأمين التنظيم بالحزب أحمد عز وأمين الحزب في كل محافظة علي خلفية الالتزام الحزبي حيث يقوم كل مرشح بتوقيع توكيلات سحب وإيداع الاستمارات والتي بمقتضاها لا يستطيع المرشحون خوض الانتخابات والتقدم بأوراقهم للجنة العليا إذا لم يختارهم الحزب فاختصروا الطريق وقرروا خوض المنافسة بلا التزام! وبعيدا عن التوكيلات فهناك بعض النواب المرشحين الذين لم يتقدموا حتي الآن بأوراقهم للمجمع بسبب الرسوم التي وصلت إلي 17 ألف جنيه ومنهم النائب الدمياطي محمد خليل قويطة الذي يمتلك شعبية واسعة رافضا دفع هذا المبلغ خاصة أنه لن يعارضه شيء. الكواليس أفرزت العديد من الظواهر التي تتعلق بالمال، ومنها ما يسمي ب«سماسرة وتجار الانتخابات» الذين يستغلون المرشحين الجدد من أصحاب المال وهم بالطبع عدماء خبرة سياسية مقابل عمل الدعاية لهم باعتبار ما ينشرونه عن أنفسهم بأنهم أصحاب خبرة في الدعاية ويستطيعون تجهيز التربيطات مع العائلات لصالحهم، أو مقابل جلسة مع قيادات الأمانة العامة بالحزب تساوي مبالغ تصل إلي 5 ملايين جنيه في بعض الأحوال لإنهاء أمر الترشح لصالحهم من جانب المجمع الانتخابي. وأثبت المجمع تعرض العديد من النواب لفقدان مقاعدهم بعدم فوزهم في المجمع لأسباب عدة ففي دمياط وبحسب قيادة حزبية برلمانية تتراجع أسهم النائب الحالي حمدي شلبي بسبب تقدم صاحب أكبر أسطول لسيارات النقل في مصر النائب السابق رفعت الجميل بأوراقه للمجمع والذي يأخذ أمر الترشح كتصفية حسابات وثأر مع شلبي بعد أن هاجمه طوال السنوات الخمس الماضية. أما النائب الحالي سمير موسي فيواجه أزمة في الشارع بسبب قلة تواجده وتلبية الخدمات لأهل دائرته والشائعات التي يطلقها بعض منافسيه في المجمع بأنه كان مؤيدا لمشروع أجريوم، هذه الشائعة قادرة علي إسقاط أي مرشح في دمياط، وبالطبع يسيطر علي المجمع للفوز بترشيحه في دمياط عدد كبير من رجال الأعمال العاملين في الاستيراد والتصدير والشحن وتجار الأثاث وأصحاب مطاعم السمك ويركز الوطني بالإسكندرية في المقام الأول علي إقصاء نواب الأخوان نهائيا الذي يصل عددهم إلي 8 نواب، وتقدم نائب الشوري السابق أحمد الزهري الذي تنازل في مجمع الشوري لصالح مرشح قبطي بأوامر حزبية في المجمع الانتخابي لدائرة باب شرق التي يشغلها النائب الإخواني صابر أبو الفتوح كتعويض عن التزامه الحزبي في انتخابات الشوري ومن أهم المرشحين بالمجمع في دائرة مينا البصل نقيب المحامين بالإسكندرية عبدالحليم علام صاحب القبلية القوية في محاولة لإقصاء الإخواني «حمدي حسن» المتحدث الإعلامي لكتلة المحظورة. في الصعيد لا تتحكم القبلية فقط بل يظهر عنصر المال بشكل قوي وسطع نجم 4 أبناء وزراء سابقين في سوهاج وهم طارق رضوان عضو أمانة السياسات ونجل وزير الثقافة السابق عبدالحميد رضوان وأحمد جلال أبو الدهب نجل وزير التموين الأسبق ومحمد حلمي عبدالآخر نجل وزير التنمية المحلية الأسبق وابن عمه مدحت مصطفي عبدالآخر نجل وزير دولة في عهد الرئيس السادات وشقيق رئيس المحكمة الدستورية العليا. وتعتبر سوهاج من أقوي المحافظات التي شهدت معارك مبكرة ليست في المجمع الانتخابي في بندر سوهاج فقط الذي ينافس عليه بقوة النائب الحالي حازم حمادي لسطوة عائلته التي تعتبر من أقوي العائلات في الصعيد بجانب عائلات أبو حجي والمعبدي والبلكي وأشراف أخميم، ولكن أيضاً في مواجهة المرشح المستقل حسني السيد من أكبر أصحاب المطاحن في مصر الذي وزع كميات وصلت لمئات الأطنان من الدقيق علي أهالي الدائرة، وفي محاولة من طارق رضوان للفوز بترشيح المجمع قام بتنظيم العديد من الرحلات والمعسكرات لشباب الوحدات الحزبية لمساندته بالإضافة إلي رحلات العمرة والحج. ومن داخل منافسات المجمع الانتخابي بدائرة دار السلام كانت الحرب مبكرة ضد نائب الوطني الحالي أحمد عبدالسلام قورة من جانب منافسيه في المجمع الذين يستخدمون ضده ما تردد حول تورطه في المضاربة بالبورصة الكويتية بأراضي الدولة المصرية، قورة شريك في المدينة المليونية بمحافظة 6 أكتوبر مع شركاء كويتيين ونشر المنافسون مستندات حول تقدم النائب بطلب الجنسية الكويتية في 2007 تم رفضه ومستند بخلعه من زوجته الكويتية رشا عبدالرحيم العثمان. وفي أسيوط خرج أمين سر اللجنة التشريعية بالمجلس عمر هريدي من منافسات المجمع بدائرته بعد أن اتجه للترشح في دائرة البساتين بسبب بعض المشاكل الأسرية ومشاكل مع بعض المنافسين في دائرته، ومن أهم المرشحين بالمجمع الانتخابي بأسيوط النائب أحمد أبوعقرب الذي ينافسه ابن عمه محمد أبوعقرب وأحمد فتحي نعمان في دائرة البداري والمستشار مدحت نصار ابن عم زعيم المعارضة في عهد السادات ممتاز نصار حيث يعتمد مدحت علي سمعة نصار التي تعاظمت في مواجهة الرئيس السادات بمعارضة اتفاقية كامب ديفيد وحل المجلس وقتها بسبب معارضته مع 13 معارضاً. وهناك مواجهات قوية في بعض المحافظات ضد المرشحين الذين بدأوا مرحلة الدعاية الانتخابية قبل موعدها القانوني المقرر له قبل الانتخابات ب60 يوما ففي القاهرة رفض المحافظ عبدالعظيم وزير هذا الأمر بفرض غرامات مع تطبيق كل القواعد المتبعة في هذا الشأن وعدم السماح بوضع أي ملصقات علي جدران الآثار ودور العبادة والمنشآت العامة والكباري والعلامات الإرشادية المرورية. ونجد بعض المحافظات سمحت للمرشحين بالدعاية مقابل دفع رسوم لمجلس المدينة ومن ضمن هذه المحافظات قنا التي لم تشهد تقدم مرشحين أقوياء سوي النواب الحاليين ومنهم عبدالرحيم الغول رئيس لجنة الزراعة بالمجلس وسط ظهور متضائل لمرشحي الإخوان بسبب قلة خدماتهم وهيمنة نواب الوطني فضلا عن القبلية التي يتمتع بها النواب الحاليون.